السبت، 28 سبتمبر 2013

نعدها مراجعات

محمد الأزهري: الأزمة قديمة شب عليها الصغير وهرم عليها الكبير.. الأزمة قديمة منذ قابلنا تعصب المتمذهبين بفوضى غير المؤهلين.. الأزمة قديمة منذ قابلنا غلو الصوفية بجفاء البدو.. الأزمة قديمة منذ بعثنا الخلافات القديمة من مرقدها وصارعنا الموتى تاركين الحيات الحية تنهشنا وتنفث فينا سمومها. الأزمة قديمة منذ استوردنا النموذج النجدي غير مفرقين بين الثوابت والمتغيرات ولا بين العبادات والعقائد والأعراف. الأزمة قديمة منذ لم نفرق بين مسائل العقيدة والفقه! الأزمة قديمة منذ فرقنا بين المتماثلات فأنكرنا شرك القبور وتركنا شرك القصور، ومدحنا جهادا وذممنا مثله لهوى الإمبريالية العالمية! الأزمة قديمة منذ هجرنا علوم الآلة وتراث الفقهاء والعلوم العقلية فضلا عن الدنيوية التجريبية، واكتفينا بالأخذ من النصوص بلا أهلية. الأزمة قديمة منذ نقلنا الناس من تقليد الفاضل المتفق على إمامته إلى تقليد المفضول مصطلحين على جعل الأخير اتباعا أو اجتهادا. الأزمة قديمة منذ هجرنا كتب التراث التي تربت عليها الأجيال بحجة ما فيها من بدع، وزعمنا أنه لابد من تنقيتها، ووصل الأمر عند طائفة إلى حرق كتاب فتح الباري! الأزمة قديمة منذ لم نفرق بين الخلاف السائغ وغيره، ومنذ صنفنا الناس على مسائل الخلاف السائغ. الأزمة قديمة منذ كنا نقول لمن ينزل على السجود على ركبتيه: إنه عثيميني أو بازي، ومن ينزل على يديه: ألباني من أهل الحديث! الأزمة قديمة منذ صُنفت المصنفات في صفة الصلاة النبوية كأنك تراها، وخُطئت المذاهب في مسائل معظمها من خلاف التنوع، وحجر على الناس فهمهم وضُيقت عليهم مهايعهم لفهم واحد متعين أنه الحق الموافق لحديث "صلوا كما رأيتموني أصلي"؛ مستبطنين اتهام فقهاء الأمة بتضييع السنة في أظهر أركان الإسلام وآكدها!الأزمة قديمة منذ كنا نُلَقي المتدين الجديد صفة الصلاة الظاهرة دون الباطنة ونركز على حركات البدن أكثر من حركات القلب وخشوعه!الأزمة قديمة منذ كنا نصنف المصنفات ثم الردود ثم الردود على الردود متشنجين في مسائل كانت تبحث في كتب التراث بأريحية، وتحسم في سطرين! الأزمة قديمة منذ زعمنا حسم الخلافات الفقهية القديمة ورد الناس إلى فقه السنة، ثم تتم المنة عليهم بصحيح فقه السنة! الأزمة قديمة منذ كنا نصنف الناس ملتزمين بطول لحاهم وقصر سراويلهم وقمصانهم، دون الأخلاق والمعاملات..الأزمة قديمة منذ كنا نعد الشخص منتكسا لو أخذ من لحيته أو أسبل ثوبه أو خلعت النقاب واقتصرت على ستر بقية بدنها. الأزمة قديمة ومظاهرها أكثر مما ذكرت.. وستبقى ما لم تحصل مراجعات منضبطة لا ردات أفعال!...
.........
تعقيبي
د. إسلام المازني..: هذه المراجعات الجذرية الواجبة نأمل أن تكون قضية المخلصين, وأن تكون هادئة أي بدون تعصب واستشكال واحتقان مسبق, رغم كونها زلزالا, وعميقة لتحليل الخلفية التاريخية الرسمية والمجتمعية التي أفرزت وشكلت هذه النفسيات "التابعة والمتبوعة", والتي رسمت هذه الاختيارات العقلية الجديدة ثم قدستها, وصاغت معالم المنهج المغلق وأثرت حتى فيمن خرجوا عنه...والأمر كما تفضلت طال بتناقضاته فهم العقيدة والفقه وتصور الواقع وآلية الاستنباط داخل العقل وداخل الكيان..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق