الثلاثاء، 31 يناير 2023

قصة كتاب معيد النعم. ؛ عن البلاء والذنوب.. للسبكي

 في يوم من الأيام سأل شخص ما سؤالا للإمام تاج الدين السبكي، معناه/

 لماذا تختفي النعمة؟

 ولماذا تزول منا وندخل في مشكلة فقدها..






وتسبب السؤال في تأليف كتاب جميل، كتاب يبين كيف تزول النعم وكيف تعود أو كيف يعود ما هو خير منها وأفضل..




 وهو كتاب / معيد النعم ومبيد النقم. للإمام السبكي، قاضي القضاة.




والغريب أنه لم يتكلم عن الصدق والأمانة وفقط على العموم، بل تكلم عن أمثلة عملية واقعية من الجرائم والألاعيب الفاسدة والغش في كل التخصصات والوظائف.





الكتاب موسوعة في بيان أشكال المهن في وقته، ويحكي عن توزيع المجتمع إداريا وسياسيا وثقافيا وفي الشارع والخدمات المنزلية والحكومية في زمانه ومستوى التطور الحضاري والعلمي والتعقيد والنظام المتكامل، كل هذا مما قص من مواقف وأمثلة، وقد تكلم عن الصبر ودواعيه، ومنها معرفة حكمة الابتلاء ومناقشة المبتلى .. 


 

 .. ولأنه اختلط بالناس وعمل بالفتيا والقضاء فقد خبر المشكلات جيدا وعاشها بنفسه وفهم الخبايا والحوادث والقضايا والحركات الخفية والسفلية.





... ونظرا للظروف السياسية فقد قام باستغلال الكتاب ونصح الطوائف القوية نصيحة واضحة لكنها غير مباشرة باسمهم عينا، تجنبا للصدام وتوعية وتربية وصناعة للتغيير، بداية من اكبر رأس في البلاد..





 الكتاب يشرح كل وظيفة ونوع المعاصي التي قد يرتكبها مثل هذا الموظف وما يتاح له العبث فيه، وخدع الشيطان لمن في موقعه، او حتى مزالق هذا الشخص في طبقته في المجتمع.. ووصل للشحاذين والمتسولين ونوع الذنوب في يومهم! 




وبعد أن بين أنواع المعاصي التي تسببت زوال النعم قال في النهاية:





/ واذا قلت لي أنا لست من أهل المعاصي فأقول من يقول هذا غالبا ما يكون غافلا فاتق الله و راجع نفسك وتهم نفسك بالتقصير، وعامة لو كنت أتكلم عن أهل المقام العالي الذين هم الأبرار الذين يبتلون لرفع درجاتهم وهم متقون محسنون صديقون لقلت لك كلاما آخر، يعني لما سألتني أصلا، ولكان لنا كلام آخر ، وهو أن ما آتاك إذا نعمة أكبر مما أخذ، وهدية وعلو وتنقية وصفو .. وستعوض أضعافه باحتسابك ورضاك وصبرك وتقاك، هذا لو كنت من أهل هذا المقام الجليل والمنزل الرفيع.. فهنيئا لك ولا خوف عليك ولا يشغلك ما فات. 


الاثنين، 23 يناير 2023

كيف أصبر .. نتواصى بالصبر .. تأمل هنا

تعلم هذه الدعوات ليقوم معناها في قلبك أولا، ثم تستقيم عليه مواقفك واختياراتك طبقا لحقيقتها.. حين تفهم مقتضاها ولوازمها 
 

.. وترددها لتذكر نفسك بحقيقتها وحقيقة الكون والأيام حولك، ومن ثم تنزل الأنوار فتثبتها، وتقوم أنت التطورات وتعدلها، لأنك بحاجة لذلك، فلا تغمض عينيك أثناء القيادة..

نتواصى بالصبر
 ولماذا الصبر بهذا التكرار في الكتاب والسنة! 
لأن الصبر يسيرك في طريق هجرتك ويصعد بك فتنضج، كأنه نسبة شحن بطارية الهاتف.

والصبر نفسه كيف تجلبه؟ بالعلم ودوام التعلم، والدعاء وتحيل الحيل المشروعة للتصبر، وقبول الرخص المباحة عند الحاجة، وابتغاء الخير بسعي جاد، وهنا يضمن لك التأييد الرباني لليقين وليس عليك النتائج الأرضية.

 

... لو كنت فارغا ستسأل ولا جواب داخلك، ولو كنت ممتلئا بالزاد فلعله أحرى أن تأتيك العبر والخواطر الشريفة العالية وصور الأسوة المثبتة، وكلما كنت موفقا مستقيما متحريا عاملا بعلمك ومجاهدا بكتابك وجدت ما تتكئ عليه وقت الشدة، وإلا فهي ليست مسألة حسابية بحتة ولا بكم المعرفة النظري، بل التوفيق من عالم السر والخفيات سبحانه. 

الصبر.. لدخوله مع العلم والصدق في كل شيء..

مع الصبر تراودك نفسك وتحجزها عن الخطأ، تحجزها عن الانهيار والجزع، وعن الرغبة الممتنعة، وعن الكسل، وتحجزها لتتحمل مرارة الجبن والبخل والاعتذار، وهذا هو الحبس المعنوي الإرادي، وهو إمساك النفس، وهذا هو جوهر الصبر، وهو معنى عظيم في الصوم، ولو افترقا فيمنح كلاهما لصاحبه زادا ودعما  ..

 
الصبر مطلوبك لكي تتبع وتستمسك وتعتصم وتطيع وتنفذ، ولتواظب في عمل دائم وروتين نافع، بلا ترك وانقطاع ولا هبات وفورات ونكسات.

 

الصبر يرقيك ويجلب صفو الصدق والإخلاص لك مع معايشته..

الصبر تكليف معنوي، وعون على كل تكليف وبلاء ونهي.

.. بمرور الوقت يتعلم القلب ويريد مراد الله ويرتقي، ويشكر في كل حال لعلمه بحسن اختيار مولاه.. هذا علم اليقين وهو ليس كالمعرفة المجردة، ويرتقي لعين اليقين مع تحقق رؤية التصاريف و الأقدار ..

كل فعل وترك ونعمة ومحنة يلزمه نوع صبر لتقوم بحقه وتستريح وتبرئ ذمتك.. وحتى الشكر وقت التنعيم لا يأتي دون نوع صبر على التكليف بالشكر وقتا وجهدا وبذل منه وتأدب فيه..

طريق القلوب إلى الله تعالى جزء ٢

الأربعاء، 18 يناير 2023

الشيطان.. خصوصية الصراع مع إبليس

يا بني..

خصوصية الصراع مع الشيطان:

 أن إبليس بالذات لا مطمع في زوال عداوته، سواء بضربة قاضية أو بمخادعته أو بالإحسان إليه كبعض الأعادي، ولا مطمع في عقد هدنة أو دفع فدية وجزية ليسكت، ولكن الله تعالى لم يترك عباده، فلأنه عدو خفي باطني فسيحميك منه الظاهر الباطن القدير، فهو سبحانه يقدر على منعه ودفعه، قالوا: لما كان الشيطان يرى الإنسان من حيث لا يراه استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان..ولا تحتاج مالا ليجيرك منه سبحانه هو الغني. 
 
الشيطان لا يقول أنه شيطان.. عادة، يعني ليس صراعا عنيفا كالمبارزة ولا مكشوفا.. بل داخلك وفي حواراتك على شكل إقناع مزيف وتسويف وتغرير.

 وقد يقسم أنه ناصح أمين.. فلا تقبل قولا إلا ببرهان تعقله في سياقه. 

قالوا أن أكبر خدع الشيطان بعد أن ينسيك ربك سبحانه هي أن ينسيك وجوده هو فتغفل، أو تكذب به فتتعامى عنه وتتجاهل علامات الغرق.

قالوا: أن التعوذ من الشيطان ورد أكثر من التعوذ من النفس وغيرها، فهو أولى باتخاذه عدوا.

.. هناك شيطان إنس وشيطان جن، وهو كل متمرد عات مخادع يبعدك عن ربك سواء بشكل ظاهر بعدم طاعته وبموالاة أعدائه أو غير ذلك أو بشكل تضليل وتزيين لما يحسبه الجاهل قربا وزلفى.

الجأ إلى الله، واحتم به من الشيطان الرجيم قبل أن تقرأ القرآن الكريم .. فأنت بحاجة للوقاية قبل التلاوة، لتفهم وتعقل ولا يشوش عليك، وبعد التلاوة لكيلا ينسيك ما خرجت به من علم ودرس أو ينقض عزمك فلا تعمل.

قالوا ((من استعاذ بالله صادقًا أعاذه، فعليك بالصدق، ألا ترى امرأة عمران لما أعاذت مريم وذريتها عصمها الله، ونوح عليه السلام لما قال: "أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ.." فأعطاه ربه لما استعاذ نعمتين هما السلام والبركات، "اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ" [هود:48].

ويوسف عليه السلام لما قال: "مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي" [سورة يوسف:23] أعطاه الله أيضًا نعمتين، صرف عنه السوء والفحشاء، وقال أيضًا:" مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ" [يوسف:79]. فأعطاه الله نعمتين ورفع أبويه على العرش وخروا له سُجدا)) 

قالوا أن الشيطان قد يلبس عليك فيأمرك بالطاعة التي هي أقل في الفضل وأقل في الوجوب، والتي تصرفك عن الطاعة الأكبر منها، وتؤخرك عن الأركان الأساسية المفروضة في حقك، أو تتعارض مع طاعة أولى وآكد أو هي طاعة ظاهريا وجزئيا لكنها مبتدعة بغلو أو تنطع.. هذا لو فشل في أمرك بالكفر والفسوق. والإعراض عن القرآن. 
 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

الاثنين، 2 يناير 2023

من علاج الاكتئاب معرفيا

"ربِّ اهدني لما تحبُّ مني
*

وأغنني بك إلهي عني"


لو أن يوسف عليه السلام ظل يبكي ويسأل لماذا فعلوا بي ذلك، ولماذا أنا أصاب بالبلاء .. لما نال الصديقية والشرف وعزم الأمور..

وكذلك أيوب عليه السلام، لو استسلم للشيطان وتحزينه لما كان له أجر الأوابين ..


 التفكير عامة معدي وينتقل بسهولة، فانتق من تكلمهم ممن على كلامهم نور النبوة والحكمة والرجاء والتصبر وطلب الخير وإرادة الآخرة والعمل لها، ولو بالقلب.


والتشاؤم متوحش..
يعني لا يتوقف لوحده، لا يكتفي..
بل لو لم توقف التحسس الزائد وتهذب العاطفة المشتعلة الهوجاء التي تتعطل وتقف مع كل موقف وذكرى، وتمارس تكرار الدائرة.. فستؤذيك أكثر.


 مثال /
هناك من يعتبر الغربة نهاية ومأساة ختامية للعمر .. ولربما تحزن لفراق.. نعم، لكن لا تنكسر انكسارا يلون حياتك، ولا تنطفئ أبدا، بل عليك أن تنبت وتزهر حسب المتاح والممكن والمقدور، مع بذل الوسع! وليس اللامبالاة، ولا البحث عن الراحة وانتهاز المأساوية والتبرير، وإفشال الاحتمالات لمنع المحاولة وتكرارها ومنع حتى التعلم المنظم والذكر الدائم ووضع أهداف للأنفاس..

هناك من مر بهم سجن ومرض مزمن ومآس وفقد ولكنهم تشبثوا وبقوا مخبتين، وهناك من حولوا أنفسهم لأمثولة، وضيعوا حتى المحامد والتسابيح وبث الخير .. ولا تنظر لنفسك كشجرة وحيدة، بل كقطرة في نهر ومطر..


 هو كون الله وملك الله، ومن روح الإيمان حيوية التعارف والتنافع والإنفاق والتغيير والتجارب، ودونك مثلا أمثلة في تشريع الرحلة للحج والعمرة، مع طولها وما بها من تبدل حال في زمانهم، وكذلك الرحلة لطلب العلم والدعوة، والفتوحات والضرب في الأرض للرزق، ولم يجد الصحابة رضي الله عنهم والعلماء الطريق ممهدة، بل مهدوها.. وجربوا، وركبوا البحر، وعثروا على مكان مناسب، وعلى مكان أنسب.. ومن ابتلي فقد خير بين قلب ذاكر وقلب ساخط، ونفس حامد وآخر جاحد..ولو فررت إلى الله صادقا عاملا لما خذلك بكرمه. 

" ما لي سواك ربِّ ذي الإجابهْ
*
إن قام ذو القرب إلى القرابهْ

وليس لي سواكَ يا ذا القُرْبِ
*
إن قام ذو حبٍّ إلى ذي حبِّ

وليس لي سواكَ يا ذا القُدسِ
*
إن قام ذو نفسٍ لحظِّ نفسِ"