الثلاثاء، 30 أبريل 2013

الأزهر والتغيير





الأزهر وغير الأزهر ...

مرة ثانية:
هذا صراع أجيال في جزء منه..


أنتم أفضل وعيا وعقلا وحيوية ورؤية للعالم يا شباب

إياكم أن تستمعوا لصوت مجموعة  عقلاء الكبار المخذلين والقانعين بالفتات وبالممكن والمعقول والمقبول


ولا لمجموعة الكبار الوسطاء!!! الذين يتم استدعاؤهم من التوابيت ووو ويمثلون فاعل خير لدى الطرفين ...

بين المنظومة البالية وبين الجدد ونصف الجدد وشبه الجدد!
بين إبليس وبين البشر ويعتبرون همزة وصل...!
هؤلاء طوال عمرهم يعملون محللين للدعارة ومنقذين للمجرمين من الأزمات

الأحلام دوما غريبة وعجيبة ومجنونة عند العبيد والأذلاء وعند المومياوات المتصلبة والتي تأكسد فكرها وتكلس عقلها وتحنط دماغها على قضبان مرسومة وكذلك لديها خطوط حمراء وهمية زرعتها عقود الجبن والمسخ والتشويه والتحجيم

بالطبع في الكبار كبار وعباقرة ومناضلون ومبدعون
وفي الكبار عظماء الخلق والفكر لكنهم قلة وليسوا من يتصدر المشهد غالبا
لأنهم غير مسيسين ويسعون للعدل فيتم تهميشهم إعلاميا لصالح تقاسم الكعكة أو الصراع

فقليل من وسائل الإعلام
ومن الكيانات أصلا تقبل الإنصاف وترفض التسويات ، وتقبل أن يستقيل مجلس فيادتها لصالح مجلس شبابي ولصالح عقد جلسات علنية وتغيير نظامها ولوائحها وخوض المعارك الداخلية قبل الخارجية بشرف وبنقاش واضح وحجة بالحجة على الملأ!

 إياكم يا شباب أن تيأسوا أو أن تتكاسلوا أوتجبنوا عن تضحية فلا قيمة لحياة مهينة
لكن حددوا غايات كبرى مؤثرة وتشمل تحصينا مؤسسيا لكل تغيير، بحيث يستعصي على قلبه وعكسه ثانيا وعلى أن يرثه تجمع وينال الفائدة وحده..


أنتم لا تطالبون بأعجوبة، الثورات تحدث وتنجح وتنفي الخبث عن نفسها وتطهر نفسها وتطهر بلادها

 وتدفع الثمن وتنال المأمول
أنتم لا تطالبون بمستحيل يحتاج سنين، ال
أنتم طلبتم البذرة حكوم الكترونية وشعبية وآليات واضحة
لأخذ الحق ولتنفيذ المطالب وشفافية تامة وكرامة ومحاسبة دورية وعزل للميتين فوق لكراسي  وتمكين الأفكار الجديدة والمبتكرة وإدخال الشباب في صناعة القرار ومتابعته

 دول تقف على أٌقدامها بعد ضربها بالنووي وتضع أسسا وتقوم بها صراعات ثم تبني على معايير وقيم

أنتم تطالبون بوضع نظام وقيم وميثاق
 بمعنى قواعد ومعالم ومعايير ورقابة وشراكة عامة وتبادلية وشفافية تامة
وهذا ليس تخريفا وأصغر الكيانات وأكبرها تضعه في أيام وتسير عليه وساعتها يشعر الناس بالراحة وبأن هناك جدية ومسارا مستقيما لا ملتويا ولا قلة أدب ولا ترضيات ولا محاصصة

مطالب محددة ودقيقة تشمل أِشخاصا وإحراءات
غايات أهداف معالم رؤية وجدول
حوار وضوح قوة صراع  تضحيات تفاهم استقرار
أي مسار آخر فهو تراجع عما بدأتم
وإن حدث فيه خير فعلى خساب تسويات قذرة وفساد ومهانة

الاثنين، 29 أبريل 2013

بحث منقول لطلبة العلم حول النجاشي.. لأن الخلط كثر


هذا بحث منقول لطلبة العلم حول موضوع النجاشي لأن الخوض كثر:

التحقيق في نسبة عدم الحكم بما أنزل الله تعالى للنجاشي:
ونحن هنا نود أن نشير إلى بعض الأمور المهمة التي تعين بفضل الله على تحقيق هذه المسألة:
1- أن النجاشي رحمه الله عبد صالح صلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وشهد له بحسن الخاتمة واستغفر له، فلا ينبغي لأحد أن ينسب إليه شيئا يغض من منزلته بالظن والحدس، ليسوغ لنفسه موقفا قد اختاره في المسألة المعروضة .
2-أن الوارد إلينا من إيمان النجاشي رحمه الله والأحداث التي وقعت معه لايتجاوز هذا الذي نقلناه، ولا يخرج عن معناه، مما يجعل الجزم بشيء من هذه الأمور الخارجة عما تقدم، من غير دلالة واضحة تبرأ بها العهدة نوعا من التهور في الأحكام غير محمود
3- أن النجاشي رحمه الله تعالى قد اختُلف في زمن إسلامه فمن أهل العلم من يرى أن ذلك بعد البعثة وقبل الهجرة إلى المدينة، أي مع هجرة المسلمين إلى الحبشةفي حدود السنة الخامسة من البعثة، ومنهم من يرى أن إسلامه قد تأخر إلى قرابة العام السادس من بعد الهجرة النبوية إلى المدينة ، ولسنا الآن في مقام الانتصار لأحد الرأيين، لأن البحث لا يتوقف على ذلك، لكن الوارد في الروايات يدل على صلابة الرجل في دينه، وأنه جاهر بعقيدته ولم يرده عن ذلك مخالفة المخالفين له من أركان دولته، فصرح بما يراه حقا، ووفر ملاذا آمنا للصحابة المهاجرين، ولم يسمح لأحد بالنيل منهم أو إيذائهم، بل جعل غرامة على من يؤذيهم، وهذه المواقف الثابتة الجريئة من الرجل تقود الباحث إلى التريث وعدم التسرع في القول بأنه لم يحكم بشريعة الله.
4- من المعلوم أن الفترة المكية لم تنزل فيها حدود، بل لم تمنع فيها محرمات كثيرة، كأكل الربا، وشرب الخمر، وزواج المسلمة من الكافر، ونحو ذلك، وبعض العبادات لم تشرع إلا في المدينة كصيام رمضان، واستقبال البيت الحرام فيالصلاة، والقتال في سبيل الله، وبعضها تأخر جدا كحج البيت، وأن كثيرا من التشريعات لم تنزل إلا في المدينة وفي فترة متأخرة، ومعلوم أن النجاشي رحمه الله تعالى قد توفي قبل اكتمال الدين وتمامه على الصورة التي فارق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا، قال ابن حجر: "وإنما وقعت وفاته بعد الهجرة سنة تسع عند الأكثر، وقيل سنة ثمان قبل فتح مكة كما ذكره البيهقي في دلائل النبوة، وقد استشكل كونه لميترجم (أي البخاري صاحب الصحيح) بإسلامه وهذا موضعه وترجم بموته، وإنما مات بعد ذلك (أي بعد إسلامه) بزمن طويل، والجواب أنه لما لم يثبت عنده القصة الواردة في صفة إسلامه، وثبت عنده الحديث الدال على إسلامه وهو صريح في موته ترجم به ليستفاد من الصلاة عليه أنه كان قد اسلم"[15]،
وقد علق ابن حجر في موضع آخر على كلام البيهقي في سنة وفاه النجاشي فقال: "وفي الدلائل للبيهقي أنه مات قبل الفتح" فعلق على ذلك بقوله: "وهو أشبه"[16]، وقال ابن كثير: "والظاهر أن موت النجاشي كان قبل الفتح بكثير، فإن في صحيح مسلم أنه لما كتب إلى ملوك الآفاق كتب إلى النجاشي وليس هو بالمسلم"[17]، وهو ما يدل دلالة واضحة على موته رحمه الله قبل إكمال الدين، فإن قوله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"قد نزل قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بشهور قلائل قال ابن جرير: "وكان ذلك في يوم عرفة، عام حجَّ النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوَدَاع،..وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعش بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة"[18]،
وعلى ذلك نقول: من الذي يملك الجزم بالتشريعات والحدود التي نزلت في حياة النجاشي حتى يمكنه أن يقول: إنه قد منعه العجز عن تطبيقها؟، ومن الذي يستطيع أن يثبت أن هذه التشريعات-بفرض نزولها- قد بلغته؟ ، وقد دل الدليل الصحيح على أن المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة كانت تمر عليهم مدة من الزمن قبل أن يبلغهم ما نزل من الدين، بل وربما لم يعلموا به إلا عند عودتهم من الهجرة، فعن عبد الله بن مسعود قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم إذا كنا بمكة قبل أن نأتي أرض الحبشة فلما قدمنا من أرض الحبشة أتيناه فسلمنا عليه فلم يرد فأخذني ما قرب وما بعد حتى قضوا الصلاة فسألته فقال إن الله عز وجل يحدث في أمره ما يشاء وإنه قد أحدث من أمره أنلا نتكلم في الصلاة[19].
فالقائل: إن النجاشي رحمه الله لم يحكم بشرع الله، يلزمه أن يبين ما التشريع الذي فُرض على المسلمين وبلغ النجاشي ولم يعمل به لسبب أو لآخر، ولا يجوز أن ننسب لمثله أنه لم يحكم بما وجب عليه من دين الله تعالى بدون خبر ولارواية، ولكن بمجرد الاستنباط العقلي.

5- أن الرسول صلى الله عليه وسلم في أول دعوته لم يكن يطلب من الناس أكثر من التوحيد وبعض مكارم الأخلاق، بل كان يأمر بعض من يأتي إليه في مكة مؤمنا أن يكتم إيمانه والرجوع إلى أهله، وأن يرجع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا رآه قد ظهر وغلب من خالفه، وحديث إسلام عمرو بن عبسة دال على ذلك ففيه أنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم: "إني متبعك، قال: « إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس، ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني ». قال: فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكنت في أهلي فجعلت أتخبر الأخبار وأسأل الناس حين قدم المدينة،حتى قدم على نفر من أهل يثرب من أهل المدينة، فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سراع، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعواذلك، فقدمت المدينة فدخلت عليه، فقلت: يا رسول الله أتعرفني قال: « نعم أنت الذى لقيتنى بمكة ».... الحديث[20]
وهذا أبو ذر رحمه الله تعالى لما دخل على رسول الله في مكة وأسلم قال: " فأسلمت مكاني، قال: فقال لي: «يا أبا ذر ، اكتم هذا الأمر، وارجع إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل» قال: فقلت: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم... الحديث[21]فأما عمرو رضي الله تعالى عنه فقد قبل الرخصة وأسر إيمانه، وأما أبو ذر رضي الله تعالى عنه فأبى إلا الجهر بكلمة الحق وإن ناله ما ناله، وليس فيفعل واحد منهما تقصير، فما الذي يمنع أن يكون حكم النجاشي في ذلك كحكمهما؟
6- من المعروف أن جعفر لم يكن آتيا ليبلغ النجاشي رحمه الله الدعوة ويدعوه إلى الإسلام، وإنما كان مهاجرا بدينه هو ومن معه من أذى قريش، والنجاشي وإن كان سمع من جعفر رضي الله تعالى عنه وصدقه فيما قال في حق عيسى عليه السلام، فما سمعه إلا لشكاية رسل قريش المسلمين ومحاولة الوقيعة بين النجاشي وبينهم، لكنه رحمه الله تعالى لم تكن جاءته رسالة من الرسول تطلب منه الإيمان ومتابعة الرسول فيما جاء به من ربه.
و الرسول صلى الله عليه وسلم لم يراسل الملوك والرؤساء ويطلب منهم الإيمان إلا في النصف الثاني من الفترة المدنية، فمن أين يؤخذ أن النجاشي كان مكلفا بالحكم بالشريعة حتى يقال: إنه لم يحكم بها لعدم قدرته، وقد روت كتب السيرة الرسالة التي أرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم للنجاشي فعن محمد بن إسحاق قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه، وكتب معه كتابا: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي الاصحم ملك الحبشة، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرةالطيبة الحصينة، فحملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخته كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته، وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني، فإني رسول الله، وقد بعثت إليك ابن عمي جعفر ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاؤوك فأقرهم ودع التجبر، فإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي، والسلام على مناتبع الهدى"[22].
فعلى هذا يكون النجاشي رحمه الله قد أسلم مع قدوم جعفر رضي الله عنه وحدوث المحاورة بينهما التي تقدم الحديث عنها ، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يرسل إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام إلا عندما خرج بالدعوة خارج الجزيرة العربية وبدأ يراسل الملوك ويدعوهم إلى الله، وكان ذلك مع عمرو بن أمية الضمري، وقد كان ذلك سنة سبع من الهجرة على المشهور من أقوال أهل العلم، قال الصفدي: " أرسل عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي واسمه اصحمه ومعناه عطية، فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعه على عينيه ونزل عن سريره وجلس على الأرض، وأسلم وحسن إسلامه، إلا أن إسلامه كان عند حضور جعفر ابن أبي طالب وأصحابه"[23]وقال ابن سعد: " فلما كان شهر ربيع الأول سنة سبع من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى المدينة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام، وبعث به مع عمرو بن أميةالضمري، فلما قرئ عليه الكتاب أسلم، وقال لو قدرت أن آتيه لأتيته"[24]،وقال النووي:"أرسل صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمرى إلى النجاشى، فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعه على عينيه، ونزل عن سريره، فجلس على الأرض، ثم أسلم حين حضره جعفر بن أبى طالب وحسن إسلامه"[25]،
ثم إن النجاشي رحمه الله أجاب الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "بسم الله الرحمن الرحيم . سلام عليك يا نبي الله ورحمته وبركاته الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام، أما بعد فقد أتاني كتابك فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما قلت ثفروقا[26]وإنه كما قلت، ولقد عرفنا ما بعثت به إلينا ولقد قربنا ابن عمك وأصحابه،وأشهد أنك رسول الله صادقا مصدوقا، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وبعثت إليه بابني أرمى بن الأصحم، فإني لا أملك إلانفسي وإن شئت أن آتيك يا رسول الله فعلت، فإني أشهد أن ما تقوله حق والسلام عليك يا رسول الله "[27]
7- من المعلوم أيضا أنه ليس في فعل أحد دون الرسول صلى الله عليه وسلم حجة، والحجة إنما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس في فعل النجاشي رحمه الله تعالى أو قوله حجة إلا أن يثبت أن النجاشي لم يحكم بالشريعة، وأن ذلك قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقره ولم يعترض عليه.
8- العبد لا يكون مكلفا إلا ببلوغ العلم له أو إمكانية بلوغ العلم، أما إذا لم يبلغه أو لم يكن ممكنا بلوغ العلم له، فإنه لا يكون مكلفا بما لم يبلغه أو بما لا يمكن بلوغه، يقول ابن تيمية: "يبين حقيقة الحال في هذا أن الله يقول: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، والحجة على عباده إنما تقوم بشيئين: بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله، والقدرة على العمل به، فأما العاجز عن العلم كالمجنون، أو العاجز عن العمل فلا أمر عليه ولا نهي، وإذا انقطع العلم ببعض الدين، أو حصل العجز عن بعضه، كانذلك في حق العاجز عن العلم أو العمل بقوله، كمن انقطع عن العلم بجميع الدين أو عجز عن جميعه، كالمجنون مثلا، وهذه أوقات الفترات"[28]،
والقول: إن النجاشي رحمه الله تعالى كان مكلفا بالحكم بالشريعة لكنه لم يحكم بها لعجزه عن ذلك، فرع عن إثبات بلوغ العلم للنجاشي بتلك الأحكام، أوإمكانية بلوغها له، فليبين لنا أصحاب هذه الدعوى ما الأحكام التي تنزلت في تلك الأزمنة، وأنها بلغت النجاشي أو أمكن بلوغها له، ثم لم يحكم بها.
9- أن كثيرا من الأحكام التي نزلت في المدينة كانت مقررة عند أهل الكتاب، فيما أنزل الله في كتبه السابقة، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "كثير من شرائع الكتابين يوافق شريعة القرآن"[29]،وأهل الكتاب مأمورون في الحكم بينهم بما أنزل الله في كتبه لهم، والحكم فيهم بذلك لا يمثل لهم خروجا عن الدين، فحكم النجاشي رحمه الله تعالى بينهم بشريعة القرآن التي توافق ما في كتابهم لا يكون مستغربا منه، قال الله تعالى: "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهوكفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"، فكل هذه الحدود موجودة في التوراة، وهم مأمورون بالحكم بها، ثم قال الله تعالى: "وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون"،وقد ثبت في الحديث المخرج في الصحيحين أن حد الرجم للزاني والزانية موجود في التوراة، فعنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ–صلى الله عليه وسلم - بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعا فقال لهم: «ماتجدون فى كتابكم»، قالوا: إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتجبية، قال عبد الله بن سلام: ادعهم يا رسول الله بالتوراة، فأُتِيَ بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم، وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له ابن سلام: ارفع يدك، فإذا آية الرجم تحت يده، فأَمر بهما رسول الله–صلى الله عليه وسلم - فرجما، قال ابن عمر: فرجما عند البلاط، فرأيت اليهودي أجنأ عليها"[30]زاد مسلم في صحيحه" اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه "[31]،فأهل الكتاب اليهود والنصارى مأمورون في الحكم فيما بينهم بما أنزل الله على رسله في التوراة والإنجيل، والنجاشي رحمه الله تعالى قبل أن يسلم كان نصرانيا متبعا للإنجيل، فليس غريبا أن يحكم النجاشي بعد إسلامه بين قومه بحكم القرآن فيما لم يظهر مخالفته لحكم التوراة والإنجيل، فيكون هو حاكما بما أنزل الله ولا يتفطن النصارى لذلك، لموافقته لما عندهم ، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن النجاشي كان حاكما عادلا، فقال لأصحابه حاثا لهم: "لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه"[32]، ولا يكون بهذه المثابة وهو يحكم بغير ما يجد في كتاب الله التوراة والإنجيل المأمور باتباعه.
وأما ما خالفت فيه التوراة والإنجيل حكم القرآن فهذا نعرض له في الفقرة التالية.

10- سورة المائدة من السور المدنية، وقد تأخر نزولها جدا حتى كانت من أواخر ما نزل، فعن جبير بن نفير قال: "حججت فدخلت على عائشة, فقالت لي: يا جبير, تقرأ المائدة ؟ فقلت: نعم، فقالت: "أما إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه،وما وجدتم فيها من حرام فحرموه"[33]،وقال القرطبي: "وهي مدنية بإجماع، وروي أنها نزلت منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلممن الحديبية... ومن هذه السورة ما نزل في حجة الوداع، ومنها ما أنزل عام الفتح"[34]، والمقصود بيان تأخر نزول السورة التي اشتملت على ذكر أحكام كثير من الحدود
ومما جاء في هذه السورة قوله تعالى: "فإن جاءوك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط"، والآية فيها تخيير للرسول صلى الله عليه وسلمفي الحكم بين أهل الكتاب أو في الإعراض عنهم وترك الحكم بينهم لعلمائهم ورؤسائهم، فحتى هذا الوقت من الزمن وهو بعد زمن موت النجاشي رحمه الله قطعا كان للرسول صلى الله عليه وسلم أن يترك الحكم بين أهل الكتاب الذين هم في دولته لعلماء أهل الكتاب ورؤسائهم، ما يبين أنه لم يكن صلى الله عليه وسلم ملزما بالحكم بينهم بما نزل عليه من الأحكام الشرعية التي تخالف ما عندهم، بل كان مخيرا-إذا أتوه ليحكم بينهم-في أن يحكم بينهم بما أنزل الله إليه أو يعرض عنهم.
فمادام الأمر كذلك، فلماذا لا يقال: إن النجاشي رحمه الله كان يُعرض عن النصارى الذين هم أهل دولته، و يترك الحكم بينهم في المسائل التي يختلف حكمها عندهم عما بلغه من الشريعة، إلى قادتهم وعلمائهم ليحكموا فيها بشريعتهم؟، لا شك إن هذا القول أولى وأسلم من الزعم أنه لم يكن يحكم بالشريعة، لاسيما أن القول بالإعراض عنهم هو ما دلت عليه الآية، وهو في الوقت نفسه قابل للتطبيق من دون أية مشاكل أو عوائق، ثم ما دام أن الإعراض عن الحكم بينهم حكم شرعي، فإنه في تفويضه لهم ذلك يكون حاكما بالشريعة، ولا شك أن هذا هو الأليق بعبد زكاه الرسول ومدحه وصلى عليه واستغفر له بعد موته.
وهذاالتخيير الوارد في الآية قال به جماعة المفسرين، وليس من خلاف بينهم إلا في ديمومة ذلك الحكم، هل نسخ أم لا زال باقيا؟، وهاهي بعض أقوال هؤلاء العلماء:
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: "فاحكم بينهم إن شئت بالحقِّ الذي جعله الله حُكمًا له ... أو أعرض عنهم فدع الحكم بينهم إن شئت، والخيار إليك في ذلك"[35]ثم قال: " ثم اختلف أهل التأويل في حكم هذه الآية، هل هو ثابت اليوم؟ وهل للحكام من الخيار في الحكم والنظر بين أهل الذمّة والعهد إذا احتكموا إليهم، مثلُ الذي جعَل لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية، أم ذلك منسوخ؟
فقال بعضهم: ذلك ثابتٌ اليوم، لم ينسخه شيء، وللحكام من الخيار في كلّ دهر بهذه الآية، مثلُ ما جعَله الله لرسوله صلى الله عليه وسلم" ثم شرع ينقل أقوال أصحاب هذا الرأي فعن إبراهيم والشعبي: إنْ رفع إليك أحد من المشركين في قَضَاءٍ، فإن شئت فاحكم بينهم بما أنزل الله، وإن شئت أعرضت عنهم، وعن الشعبي وإبراهيم قالا: إذا أتاك المشركون فحكَّموك، فاحكم بينهم أو أعرضعنهم. وإن حكمت فاحكم بحكم المسلمين، ولا تعدُهُ إلى غيره، وعن عطاء قال: إن شاء حكم، وإن شاء لم يحكم، وعن الشعبي قال: إذا أتاك أهل الكتاب بينهم أمر، فاحكم بينهم بحكم المسلمين، أو خَلِّ عنهم وأهلَ دينهم يحكمون فيهم، إلا في سرقة أو قتل، وعن ابن جريج قال: قال لي عطاء: نحن مخيَّرون، إن شئنا حكمنا بين أهل الكتاب، وإن شئنا أعرضنا فلم نحكم بينهم. وإن حكمنا بينهم حكمنا بحكمنا بيننا، أو نتركهم وحكمهم بينهم،قال ابن جريج: وقال مثل ذلك عمرو بن شعيب. وذلك قوله:" فاحكم بينهم أو أعرض عنهم، وعن إبراهيم والشعبي في قوله:" فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم"، قالا: إذا جاءوا إلى حاكم المسلمين، فإن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم. وإن حكم بينهم، حكم بينهم بما في كتاب الله، وعن قتادة قوله: "فإن جاءوك فاحكم بينهم"، يقول: إن جاءوك فاحكم بينهم بما أنزل الله، أو أعرض عنهم. فجعل الله له في ذلك رُخْصة، إن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم.
ثمقال: وقال آخرون: بل التخيير منسوخٌ، وعلى الحاكم إذا احتكم إليه أهل الذمة أن يحكُم بينهم بالحق، وليس له ترك النظر بينهم، وشرع يذكر من قال بذلك فعن عكرمة والحسن البصري" فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم"، نسخت بقوله:( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ ، و عن مجاهد: لم ينسخ من"المائدة" إلا هاتان الآيتان:"فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم"، نسختها:( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ وَلاتَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ) [سورة المائدة: 49]،وقوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ ) [سورة المائدة: 2]، نسختها:( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) [سورة التوبة: 5]. وعن قتادة قوله:"فان جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم"، يعني اليهود، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم، ورخَّص له أن يُعْرض عنهم إن شاء، ثم أنزل الله تعالى ذكره الآية التي بعدها:( وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ ) إلى قوله:( فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ) [سورة المائدة: 48]. فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلمأن يحكم بينهم بما أنزل الله بعد ما رخَّص له، إن شاء، أن يُعْرض عنهم، أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عديّ بن عديّ:"إذا جاءك أهل الكتاب فاحكم بينهم"، وعن عكرمة قال: نسخت بقوله:( فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ ) [سورة المائدة: 48]. عن الزهري قوله:"فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم"، قال: مضت السنة أن يُرَدُّوا في حقوقهم ومواريثهم إلى أهلِ دينهم، إلا أن يأتوا راغبين في حدٍّ، يحكم بينهم فيه بكتاب الله، عن السدي قال: لما نزلت:"فاحكم بينهم أوأعرض عنهم"، كان النبي صلى الله عليه وسلم : إن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم، ثم نسخها فقال:( فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ )، وكان مجبورًا على أن يحكم بينهم.

قال ابن جرير: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: إن حكم هذه الآية ثابتٌ لم ينسخ، وأن للحكَّام من الخِيار في الحكم بين أهل العهد إذا ارتفعوا إليهم فاحتكموا، وتركِ الحكم بينهم والنظر، مثلُ الذي جعله الله لرسوله من ذلك في هذه الآية صلى الله عليه وسلم"[36].

أقول: وبغض النظر عن تبيان الصواب من القولين في ذلك، فإن بحثنا ليس بحاجة للفصل فيه، ويكفينا أن نعلم أن هذا التخيير كان سائدا في حياة النجاشي رحمه الله تعالى، ما يبين أنه لا ينبغي لأحد أن يزعم أن النجاشي رحمه الله تعالى: كان لا يحكم بالشريعة.
ويمكننا أن نقول باختصار: إن النجاشي رحمه الله تعالى أظهر الإسلام والموافقة على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما قاله الصحابة في حضرته، ولم يبال بمخالفة حاشيته، ولم يكن ينقاد لأحد منهم ، وكان يعمل بما بلغه من أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما ما لم يبلغه فهو معذور فيه، ولم تكن شرائع الدين قد اكتملت، وهو قد مات رحمه الله تعالى قبل أن تكتمل، فقد أدى ما وجب عليه من العمل بما بلغه من الشرع حتى لقي ربه، وما خالف ذلك من الأقوال فلا دليل عليه.
توجيه كلام ابن تيمية في قصة النجاشي رحمه الله تعالى:
لكن قد يشكل على ذلك الكلام مع وضوحه واستقامته، كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في قصة النجاشي حيث يقول: "وكذلك الكفار من بلغه دعوة النبي في دار الكفر وعلم أنه رسول الله، فآمن به وآمنب ما أنزل عليه واتقى الله ما استطاع كما فعل النجاشي وغيره، ولم تمكنه الهجرة إلى دار الإسلام ولا التزام جميع شرائع الإسلام، لكونه ممنوعا من الهجرة وممنوعا من إظهار دينه، وليس عنده من يعلمه جميع شرائع الإسلام، فهذا مؤمن من أهل الجنة، كما كان مؤمن آل فرعون مع قوم فرعون، وكما كانت امرأة فرعون، بل وكما كان يوسف الصديق عليه السلام مع أهل مصر، فإنهم كانوا كفارا ولم يمكنه أن يفعل معهم كل ما يعرفه من دين الإسلام، فإنه دعاهم إلى التوحيد والإيمان فلم يجيبوه، قال تعالى عن مؤمن آل فرعون: "ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا".

وكذلك النجاشي هو وإن كان ملك النصارى فلم يطعه قومه في الدخول في الإسلام، بل إنما دخل معه نفر منهم، ولهذا لما مات لم يكن هناك أحد يصلى عليه، فصلى عليه النبي بالمدينة، خرج بالمسلمين إلى المصلى فصفهم صفوفا وصلى عليه، وأخبرهم بموته يوم مات، وقال: إن أخا لكم صالحا من أهل الحبشة مات، وكثير من شرائع الإسلام أو أكثرها لم يكن دخل فيها لعجزه عن ذلك، فلم يهاجر ولم يجاهد ولا حج البيت، بل قد روى أنه لم يصل الصلوات الخمس ولا يصوم شهر رمضان ولا يؤدى الزكاة الشرعية، لأن ذلك كان يظهر عند قومه فينكرونه عليه، وهو لا يمكنه مخالفتهم، ونحن نعلم قطعا أنه لم يكن يمكنه أن يحكم بينهم بحكم القرآن، والله قد فرض على نبيه بالمدينة أنه إذا جاءه أهل الكتاب لم يحكم بينهم إلا بما أنزل الله إليه، وحذره أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله إليه، وهذا مثل الحكم في الزنا للمحصن بحد الرجم، وفى الديات بالعدل، والتسوية في الدماء بين الشريف والوضيع النفس بالنفس والعين بالعين وغير ذلك، والنجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن، فان قومه لايقرونه على ذلك، وكثيرا ما يتولى الرجل بين المسلمين والتتار قاضيا بل وإماما وفى نفسه أمور من العدل يريد أن يعمل بها فلا يمكنه ذلك، بل هناك من يمنعه ذلك، ولا يكلف الله نفسا ألا وسعها، وعمر بن عبد العزيز عودي وأوذي على بعض ما أقامه من العدل، وقيل إنه سم على ذلك، فالنجاشي وأمثاله سعداء في الجنة وان كانوا لم يلتزموا من شرائع الإسلام ما لا يقدرون على التزامه بل كانوا يحكمون بالأحكام التي يمكنهم الحكم بها"[37] .

وهذا النقل المطول عن ابن تيمية يظهر منه عدة أمور:
1- فمن ذلك أن ما قاله ابن تيمية هو من باب الرأي والاستنتاج وليس من باب النقل والخبر، وإلا فالمنقول كما تقدم لا يظهر منه ضعف النجاشي وعجزه، بل المنقول يُظهر عكس ذلك، على ما تقدم تقريره وبيانه.
2- ومن ذلك أن النجاشي بلغته الدعوة وهو في دار الكفر على هذه الحالة من الملك، فآمن وصدق، ولم يكن هو الذي بحث عن الملك بعد إسلامه.
3- ومن ذلك أن كلام ابن تيمية يدور على عجز النجاشي وعدم قدرته، فقدكان-كما يرى-عاجزا عن إظهار الدين وعن الحكم بالشريعة، ومظاهر عجزه فيأمور ثلاثة:
الأول: فقد كان ممنوعا من الهجرة،
والثاني: فقد كان ممنوعا من إظهار دينه،
والثالث: ليس عنده من يعلمه جميع شرائع الإسلام، والعاجز عجزا حقيقيا معذور لا يلام على ترك ما عجز عنه، لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.

4- ومنذلك أن كلام ابن تيمية لا يفهم منه أن النجاشي كان يحكم بغير ما أنزل الله، بل أقصى ما قرره من ذلك هو أنه لم يلتزم من شرائع الإسلام ما لا يقدر على التزامه، وعندما تكلم تحديدا عن الأحكام قال: بل كان يحكم بالأحكام التي يمكنه الحكم بها.
لكن قول ابن تيمية: إن النجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن، فإن قومه لا يقرونه على ذلك، هو معارض بأن الأحكام التي مثل بها هي مما تقررت في التوراة، كرجم الزاني المحصن والتسوية في الدماء ونحو ذلك، فالحكم بها كما هو حكم بالقرآن هو حكم بالتوراة، وحينئذ فالنجاشي رحمه الله تعالى يمكنه الحكم بذلك من غير اعتراض من قومه، لأنه لم يحكم-عندهم-إلا بالتوراة التي يؤمنون بها، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما أقام حد الرجم على الزانيين اليهوديين: اللهم إني أول من أحيا أمرك بعد إذ أماتوه.
وما ذكره رحمه الله بقوله: "وكثيرمن شرائع الإسلام أو أكثرها لم يكن دخل فيها لعجزه عن ذلك، فلم يهاجر ولمي جاهد ولا حج البيت، بل قد روى أنه لم يصل الصلوات الخمس ولا يصوم شهر رمضان ولا يؤدى الزكاة الشرعية لأن ذلك كان يظهر عند قومه فينكرونه عليه، وهو لا يمكنه مخالفتهم"،فهذه تحتاج إلى مراجعة وتدقيق، فقوله: قد روي ..ألخ، كلام ذكره الشيخ بصيغة التضعيف ولم يجزم به، ولم ينقله عن أحد ممن سبقه من أهل العلم ، وهوفي الوقت نفسه معارض بكلام لشيخ الإسلام نفسه ينقل فيه عمن سبقه من أن النجاشي كان يصلي، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد ذكر عن عطاء و قتادة أن النجاشي كان يصلي إلى بيت المقدس، إلى أن مات وقد مات بعد نسخ القبلة بسنين متعددة، فلما صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقي في أنفس الناس لأنه كان يصلي إلى غير الكعبة، حتى أنزل الله هذه الآية، و هذا و الله أعلم بأنه قد كان بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلمي صلي إلى بيت المقدس فصلى إليه، ولهذا لم يصل إلى المشرق الذي هو قبلة النصارى، ثم لم يبلغه خبر النسخ لبعد البلاد، فعذر بها كما عذر أهل قباء وغيرهم، فإن القبلة لما حولت لم يبلغ الخبر إلى من بمكة من المسلمين، و من كان بأرض الحبشة من المهاجرين مثل جعفر و أصحابه، و من كان قد أسلم ممن هو بعيد عن المدينة إلى مدة طويلة أو قصيرة"[38]ثم إن هذه العبادات المذكورة من الممكن الإسرار بأدائها إذا أراد المرء أن يؤديها من غير اطلاع أحد على ذلك، وأما كونه لم يحج فإن أهل العلم اختلفوا في زمن فرض الحج، فمنهم من يراه فرض سنة خمس أو ست ومنهم من يراه فرض سنة ثمان أو تسع، وهل هو واجب على الفور أم على التراخي، و الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحج في الإسلام إلا حجة الوداع في السنة العاشرة، وأما الهجرة والجهاد فتحتاج إلى إثبات وجوب ذلك عليه رحمه الله، فإذا كان المسلمون قد هاجرواإليه فرارا بدينهم ومكثوا عنده إلى زمان فتح خيبر، فكيف يؤمر هو بالهجرة،وأما الجهاد فهو فرض كفاية.
ومع كل ما تقدم فإن هناك من أهل العلم من ينقل عن حال النجاشي مع قومه ما يخالف استنباط ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد ذكر ابن سيد الناس في حكاية قيام عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه بتبليغ رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد ابني الجلندى الأزديين ملكي عمان، قال عمرو: "فسألني (عبد بن الجلندى): أين كان إسلامي؟ فقلت: عند النجاشي، وأخبرته أن النجاشي قد أسلم، قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ قلت: أقروه واتبعوه، قال: والأساقفة والرهبان اتبعوه؟ قلت: نعم، قال: انظر يا عمرو ما تقول إنه ليس من خصلة فيرجل أفضح له من كذب، قلت: ما كذبت وما نستحله في ديننا.
ثم قال: ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي، قلت: بلى، قال: بأي شيء علمت ذلك؟ قلت: كان النجاشي يخرج له خرجا، فلما أسلم وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم قال: لا والله ولو سألني درهما واحدا ما أعطيته، فبلغ هرقل قوله، فقال لهيناق أخوه: أتدع عبدك لا يخرج لك خرجا ويدين دينا محدثا؟ قال هرقل: رجل رغب في دين واختاره لنفسه، ما أصنع به؟ والله لو لا الضن بملكي لصنعت كما صنع"[39]، فهو يبين إقرار قومه له واتباعهم إياه وهو يعارض مقولة العجز عن تحكيم الشريعة.

و

الشق الثاني: مناقشة الاحتجاج بقصة النجاشي وبيان المآخذ على هذه الاستدلالات:
وهذا الاستدلال يمكن مناقشته بالتالي:

ليس في فعل النجاشي رحمه الله تعالى دليل للمجيزين:
ماتقدم من حجج الذين يرون أن النجاشي رحمه الله لم يحكم بشرع الله، ليس فيها في الحقيقة أي دليل على هذه الدعوى العريضة، فلم ينقل منهم أحد شيء محدديبين ذلك أو يدل عليه، كل ما ذكروه في الموضوع هو تصور عدم إمكانية ذلكبناء على بعض المقتطفات المبتورة من سيرته، فأحد الباحثين يقول: "أما كونه لم يحكم بشريعة الله فإنه ظاهر من الحال التي كانت سائدة في دياره، ومن العقبات التي تعترض طريق"[7]وليس هذا دليلا، بل هو مجرد تصور شخصي لا يرقي لمكانة الدليل، ولعلنا بعدأن نسرد بعض الوقائع المفصلة التي تبين لنا ظاهر الحال التي كانت سائدة فيبلاد النجاشي ينقلب الاستدلال.

ومما ذكره مستدلا به على العقبات التي تعترض طريق النجاشي رحمه الله تعالى،قوله في رسالته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: "فإني لا أملك إلا نفسي"، فإن المستدل لو أورد الكلام كاملا لظهر منه عكس ما يريد إيصاله للقارئ، فقد كتب النجاشي رحمه الله تعالى رسالة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جوابا لرسالته التي أرسلها إليه يدعوه فيها إلى الإسلام، فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله من النجاشي الاصحم بن أبجر سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته، لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فوربالسماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا،وقرينا ابن عمك وأصحابه، فأشهد أنك رسول الله صادقا ومصدقا، وقد بايعتكوبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وقد بعثت إليك يا نبي الله باريحا بن الاصحم بن أبجر، فإني لا أملك إلا نفسي، وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق"[8]،فهذه الرسالة فيها الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وبما نزل عليه من ربه، وبالإيمان بما نزل في حق عيسى عليه السلام، وأنه اهتدى إلى الإسلام، وبايع على ذلك، وهو يعلن استعداده للهجرة وترك الملك الذي هو فيه إن شاء ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم،وقد يستفاد منها أنه لم يطاوعه على الإسلام أحد، لكن ليس فيها أنه لم يحكم بشريعة الله، وبين الأمرين فرق، والقول إنه لم يحكم بشريعة الله يلزم منه أنه حكم بغيرها، لأنه ملك والملك من شأنه أن يحكم، فإما أن يحكم بشريعة الله وإما أن يحكم بغيرها.
على أن هناك بعض الروايات التي تبين أنه أرسل للرسول صلى الله عليه وسلم ستين رجلا مع ابنه"[9]مما يدل على أن هناك من طاوعه على الإسلام، وقد جاء في مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة أن النجاشي كتب رسالة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها: "وها أنا أرسلت إليك ابني أريحا في ستين رجلا من أهل الحبشة وإن شئت أن آتيكبنفسي فعلت يا رسول الله فإني أشهد أن ما تقوله حق والسلام عليك يا رسولالله ورحمة الله وبركاته"[10]، وأيا ما كان الأمر فليس يظهر من قوله: "فإني لا أملك إلا نفسي أنه لم يحكم بشريعة الله، ومن قبله قال موسى عليه السلام: "رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين"فهل في هذا ما يدل على أن موسى لم يكن يحكم في اليهود بشرع الله تعالى؟
.
ومما أورده المحتج في بيان العقبات التي كانت تعترض النجاشي وتحول بينه وبين الحكم بالشريعة قوله: "وعندما اعترف بصدق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلمبعدالمحاورة التي جرت بينه وبين جعفر بن أبي طالب...قال الخلص من أصحابه: والله لئن سمعت الحبشة لتخلعنا، وعندما اعترف بأن ما جاء به حق وقال: ماعدا عيسى بن مريم مما قلت-والخطاب لجعفر-هذا العويد فتناخرت بطارقته"وهذا القدر يبين وجود معارضين لإيمان النجاشي، لكن هل ردته معارضتهم هذهعن إعلان التمسك بالحق؟ لو أورد المحتج الرواية كاملة بدلا من هذه المقتطفات لتبين ثبات النجاشي وعدم تضعضعه أمام هؤلاء المعارضين، مما يبينأن معارضتهم له لم تكن لتحول بينه وبين العمل بما علمه من الحق وأُمر به،ففي الرواية المذكورة لما قال لجعفر: "ماتقولون في عيسى بن مريم ؟ فقال له جعفر: نقول هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فدَلَّى النجاشي يده إلى الأرضفأخذ عودا بين أصبعيه فقال: ما عدا عيسى بن مريم مما قلتَ هذا العُويد،فتناخرت بطارقته فقال: وإن تناخرتم والله ! اذهبوا فأنتم شيوم في الأرض - الشيوم الآمنون- ومن سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم، ثلاثا ما أحب أنلي دبرا وإني آذيت رجلا منكم - والدبر بلسانهم الذهب-فوالله ما أخذ اللهمني الرشوة حين رد عليَّ ملكي، ولا أطاع الناس فيَّ فأطيع الناس فيه"[11]
فالنجاشي رحمه الله لم يهتز أمام تناخرهم، بل تحداهم بقوله: وإن تناخرتم والله، ثمأمَّن الصحابة ووضع على من سبهم عقوبة وهي الغرامة، وبين أنه لا يخافالناس ولا يطيعهم في الله تعالى، أفمن كان هذا حاله يجوز أن ينسب إليه–بغير بينه-أنه ترك بعض ما أمر به طاعة للناس أو خوفا من نقمتهم، وفي الرواية الأخرى في هذه القصة: "(لما قال جعفر رضي الله تعالى عنه) وأما عيسى بن مريم فعبد الله ورسوله وكلمتهألقاها إلى مريم وروح منه، وابن العذراء البتول، فأخذ (أي النجاشي رحمهالله) عودا وقال: والله ما زاد ابن مريم على هذا وزن هذا العود، فقالعظماء الحبشة: والله لئن سمعت الحبشة لتخلعنك، فقال: والله لا أقول فيعيسى غير هذا أبدا، وما أطاع الله الناس فيَّ حين رد علي ملكي، فأطع الناسفي دين الله، معاذ الله من ذلك"[12]،فلم يأبه بما قاله له عظماء الحبشة من خلع الحبشة له، وما رده ذلك عنالتمسك بالحق وإعلانه، بل أقسم بالله أنه لا يقول في عيسى غير مقالته الأولى أبدا.
ومما جرى مجرى الروايات المتقدمة ما ورد في محاولة رسل قريش (عمرو بن العاص ومن معه) أن يوقعوا بين النجاشي وبين المسلمين فقال عمرو: "فإنهم يخالفونك في عيسى بن مريم، قال: فما تقولون في عيسى بن مريم وأمه ؟ قال (جعفر) نقول كما قال الله: هو كلمته وروحه ألقاها إلى العذراء البتول،التي لم يمسها بشر، ولم يفرضها ولد.

قال فرفع عودا من الأرض ثم قال: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، والله مايزيدون على الذي نقول فيه ما سوى هذا، مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده، أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلموأنهالذي نجد في الإنجيل، وأنه الرسول الذي بشر به عيسى بن مريم، أنزلوا حيث شئتم، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أكون أنا الذي أحمل نعليه وأوضِّئُه"[13]،ففي هذه الرواية يواجه النجاشي الحبشة والقسيسين والرهبان ويجهر بالاعتقاد الصحيح في عيسى، ويشهد أن محمدا رسول الله وأنه الذي يجد في الإنجيل، وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم.
وقد حمى النجاشي المسلمين ودافع عنهم فجعل من ملكه ملاذا وحماية لهم، فمنع من أذيتهم وجعل عقوبة على من فعل ذلك، فقال لهم بعدما سمع قولهم في عيسى بن مريم عليه السلام: "أيؤذيكم أحد؟ قالوا: نعم ! فنادى مناد: من آذى أحدا منهم فاغرموه أربعة دراهم، ثم قال: أيكفيكم ؟ قلنا: لا، فأضعفها"[14].

ومما أورده المحتج مستدلا على العقبات التي تعترض النجاشي ما ذكر ه من أن الحبشة لما علمت بإسلامه خرجوا عليه، وأنه احتال عليهم ليسكنهم، ثم عمد إلى كتاب فكتب فيه هو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله عبده ورسوله ويشهد أن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم ثم جعله في قبائه عند المنكب الأيمن.... ثم قال لهم: فما بكم؟ قالوا: فارقت ديننا وزعمت أن عيسى عبد الله ورسوله، قال: فما تقولون أنتم في عيسى؟ قالوا: نقول: هو ابن الله، فقال النجاشي ووضع يده على صدره وقبائه: وهو يشهد أن عيسى لم يزد على هذا، وإنما يعني على ما كتب "فإن ظاهر هذا يتعارض مع ما تقدم ذكره من الروايات التي تبين تصريحه بإيمانه أمام القسيسين والرهبان والجهر بعقيدته في عيسى عليه السلام، وعدم اعتداده بمن يعارضه في ذلك، والقصة مع ذلك ليس فيها أنه تكلم بالباطل، غاية ما فيها أنه احتال في كلمة الحق بحيث لا يتغلبون عليه، وهذا من المعاريض، ومثل هذا مما يجوز في شرعنا

[1]الإصابة في معرفة الصحابة

[2]أخرجه البخاري كتاب الجنائز رقم 1245

[3]أخرجه البخاري كتاب المناقب رقم 3877

[4]حكم المشاركة في الوزارة والمجالس النيابية د/عمر الأشقرص73-76، وانظر أيضا مشاركة الحركة الإسلاميةالمعاصرة في الحكم للشيخ فيصل مولوي

[5]المشاركة في الحياة السياسية د/مشير المصري ص256

[6]انظرمشروعية الدخول إلى المجالس التشريعية وقبول الولايات العامة في ظلالأنظمة المعاصرة، للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، وقد ذكر الشيخ ذلك الكلامتحت عنوان: حكم قبول الولايات العامة في ظل الدول الكافرة

[7]حكم المشاركة في الوزارة والمجالس النيابية د/ عمر بن سليمان الأشقر ص73

[8]دلائل النبوة للبيهقي 2/309-310، السيرة النبوية لابن كثير 2/43، البداية والنهاية 3/105

[9]تاريخ الطبري 2/132، تاريخ ابن خلدون 2/37، وكذلك أسد الغابة

[10]مجموعة الوثائق السياسية د/ محمد حميد الله الحيدر آبادي ص34

[11]السيرة النبوية لابن كثير 2/22، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد(2/27): " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير(ابن) إسحق وقد صرح بالسماع"وصحيح السيرة للألباني ص 176، والشيوم قد وردت في بعض المصادر السيوموالكلمة ليست عربية، فالله أعلم أي ذلك هو الصواب، العويد: تصغير عود،والنخير صوت الأنف، نخر الإنسان والحمار والفرس بأنفه ينخِر وينخُر نخيرامد الصوت والنفس في خياشيمه

[12]دلائل النبوة 1/104 قال البيهقي: "وقوله: لتخلعنك أي لتعزلنك عن الملك"البداية والنهاية 3/73، الخصائص الكبرى للسيوطي ص245، السيرة النبوية لابن كثير 2/19، صحيح السيرة للألباني ص 173

[13]أخرجه أحمد في المسند رقم4168،عيون الأثر 1/150، البداية والنهاية لابن كثير3 /88 وقال: وهذا إسناد جيد قوي وسياق حسن،وأخرجهالبيهقي في دلائل النبوة نحوه وقال هذا إسناد صحيح، وساقه الألباني فيصحيح السيرة ص164-166 وقال: وهذا إسناد جيد قوي وسياق حسن

[14]البداية والنهاية3/91 أوردها ابن كثير نقلا عن تاريخ الحافظ ابن عساكر، وقال الحافظ ابن عساكر: حسن غريب

[15]فتح الباري

[16]فتح الباري

[17]البداية والنهاية 4/316

[18]تفسير ابن جرير9/815 طبع مؤسسة الرسالة

[19]أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم واللفظ لأحمد

[20]أخرجه مسلم وغيره

[21]أخرجه البخاري

[22]تاريخ ابن جرير الطبري 2/294 والسيرة النبوية لابن كثير2/42

[23]الوافي بالوفيات

[24]الطبقات الكبرى لابن سعد 1/208

[25]تهذيب الأسماء واللغات

[26]الثفروق: قال ابن القيم: وَالثّفْرُوقُ عِلَاقَةٌ مَا بَيْنَ النّوَاةِ وَالْقِشْرِ

[27]تاريخ ابن جرير الطبري2/294 وأسد الغابةفيترجمة أرمي ابن أصحمة، والسيرة النبوية لابن كثير2/42

[28]مجموع الفتاوى 20/48-61

[29]مجموع فتاوى ابن تيمية 16/44

[30]أخرجه البخاري كتاب الحدود رقم 6320

[31]أخرجه مسلم كتاب الحدود رقم3212

[32]سيرة ابن هشام 1/321، السيرة النبوية لابن كثير 2/4

[33]أخرجهعبد الرزاق في المصنف 7/ 172، وأخرجه أحمد رقم وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح، والحاكم في المستدرك تفسير سورةالمائدة 2/340 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقهالذهبي

[34]تفسير القرطبي 6/31

[35]مجمع البيان في تأويل القرآن تفسير ابن جرير الطبري3/326

[36]تفسير ابن جرير 10/325-333

[37]مجموع الفتاوى 19/217-219

[38]شرح العمدة لابن تيمية 4/548

[39]عيون الأثر 2/335 ،الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء لأبي الربيع سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي 2/317، وزاد المعاد 3/605

الأحد، 28 أبريل 2013

التهنئة للنصارى.. .مواقف..

ناس لا تعرف كيف تفاصل وتتبرأ دون أن تنفر وتغلظ.

..وناس تصل لدرجة التولي والتملق وتكاد تلعق الكلمات والابتذال اللزج المعلوم لدى الطرفين..
....اقرؤوا السيرة بأنفسكم للهداية, واعتبروا أنفسكم أعاجم عشتم ساعتها ولم يشرح لكم شارح.. لا تقرؤوا قراءة غيركم للسيرة, ولا فرائد استنباطه وأحكامه, هذا لاحقا بعد ذلك يكون معه بقية المذاهب والقرون الأول....هناك معالم حقيقية خلاف ما تفعلون, ودرجة وسط منضبطة, ولا تخاشن ولا سباب ولا فظاظة , ولا توتر كأصل ولا كعنوان تعايش..وكذلك لا تزلف ولا نفاق ولا مداهنة, ولا تقية ولا ذوبان, ولا كذب ممجوج..وهناك صلة لا قطيعة, ونسب وصهر وبر,  وجيرة خير وعيادة, ورحم تعطى حقها ومعاملات, ولا يمنع هذا وقوف كل طرف عند حد قولي وعملي واعتقادي بطبيعة الحال وكما نحن من ألف عام..وبالطبع من لا يؤمن ب"قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد  " وب " محمد رسول الله" وبكل حرف في الكتاب ومقتضاه المباشر فهو كافر عندنا  ..بغض النظر عن موقفه هو منا ..وهذا لا يعني تكفيرا كمصطلح إعلامي بمعنى وجوب قتله أو إهانته وظلمه ولكنه مقتضى التوحيد والعقيدة التي من طبيعتها أنها حق وما سواها باطل, وليست وجهة نظر.

وقفة الجامعات وغيرها:



رأيت طلبة الجامعة يقولون نتحدى رئيس الجامعة يأتي يرى الحمام
ويصوره ويقارنه بحمامه هو المعطر- وهو يتغاضي عن فساد العمال والموظفين في مقابل أنهم يوفرون له مكتبا فخما وسجادة وربما غير ذلك...


وقفة الجامعات وغيرها:
مرة أخرى الرئيس هو المتصدر..
هو المسؤول عرفا وعقلا وعمليا عن أصغر إبرة، لأنه من يعين ويقيل ويشكل ويتحرك بموكبه ويسكن..

لماذا لا يتابع وهو أستاذ جامعي -كما فعل وزراء في عهود قذرة -بالطائرة المروحية حال الجامعات والمدارس ولجان الامتحان والحارات والقرى والمؤسسات، ويرى القذارة بالطرقات والمباني، هل هذه معضلة أن يعين مسؤولين يتحركون ينوبون عنه، وأن يشرك المجتمع المدني أمام الرأي العام، وأن يشرك الحراك الطلابي كله وهذا حقه والعالم كله من أول بولونيا لماليزيا يفعل ذلك-

-ولماذا لا يدور مندوبون ومساعدون يختارهم ووزار بشر حقيقيون ولديهم عقل وشخصية بطائراتهم-كما لدى وزارة البيئة والتعليم والصحة طائرات- ليل نهار في زيارات مفاجئة حقيقية، ويصور كل منهم ويحاسب ويحل طبقا لمعايير الحضور والانصراف والنظافة والترتيب
ورضا المواطن...

رأيت طلبة الجامعة يقولون نتحدى رئيس الجامعة يأتي يرى الحمام
ويصوره
ويقارنه بحمامه-
لماذا يضمن المسؤول لنفسه عامل نظافة ولا يمر على المباني ويكافئ العمال  ويحل مشاكلهم ويشرك الطلبة في حلول إبداعية ورقابة وساوي بين نفسه وبين الطلبة والموظفين في النظافة والفخامة والنظام ويعاقب مشرف النظافة ومشرف الصحة وعمالتهما
 ويخصم نصف شهر
من المقصر وينقلهم ويوقف حوافزهم
وينذرهم
ويطلب تعيين غيرهم أو يتعاقد مع شركة نظافة مقابل
تخصيص
منافذ
صغيرة بدل المناقصات والرشاوي
لكافتيريات وكتيبات ومستلزمات الاتصالات أو مقابل منح حوائط الدعاية
وامتيازات الواردات والمشتروات والخدمات داخل الجامعة وعلى أسوارها
-ويتحدون أن يذهب للمكتبة الفلانية التابعة للدكتر والتي تبيع الورق بعشرة أضعاف ثمنه وتأخذ اسم المشتري
وأن يتحقق من أن دكتورا يقوم بإفشال الدفعة كلها  لتحمل المادة
وأنه لا رقابة على الميزانية ولا وضوح
والمبالغ لا توظف طبقا للمتفق عليه
وهناك عزلة تامة بين الطلبة والإداريين والأساتذة والجهات كلها تبتز وتسحق وتهمل الطالب
فأين أنت وأين وكيلك هنا وأين فريقك وأين المفوض
لهذا الملف وأين رؤيتك للشراكة وإذا كان وقتك لا يتسع وطاقتك لا تقدر ولا تدرك فلماذا تصر على
التفرد والانغلاق
-هناك تجارب ناجحة في كل مكان وأساتذة ومدراء يحكي عنهم الناس  وأنت وليت ظهرك لكل هذا، فهل تريد صوتا مقننا وتغييرا مبرمجا بمعادلاتك أنت قيمة وزمانا..

السبت، 27 أبريل 2013

النهضة الحضارية العربية في وسائل التعليم


منظومة ابن فرح الأشبيلي
"القصيدة الغرامية" في ألقاب الحديث، ومطلعها:

غـرامي صحـيح والرجـا فيك معضل  ***
وحـزني ودمعـي مرسـل ومسلسـل...
...
من النهضة العلمية التي قدمت مثالا في وسائل التعليم، وجعلها ميسرة مشوقة، وسهلة الاسترجاع والتذكر، كانت صياغة العلوم على شكل أناشيد وأراجيز ومنظومات شعرية خفيفة ذات وقع وجرس مميز لطيف،

 ولم يستثن هذا شيئا فلم تكن نظما فقهيا فقط،
ولو أن أمة تجيد التسويق لذاتها كما يسوقون لتاريخ مائتي عام، ولبعض أدباء ، لنافست به، ولبنت عليه وخطت وأكملت، وهذا هو مربط الفرس..أن تتم ما بدؤوه وتبني عليه وتكون في مستواه أو أفضل،
حتى علوم الطب صنعت فيها أرجوزة -يا سائلي-
وعلوم المساحة - أرجوزة البقاعي المتوفى سنة 885هـ  "الباحة في علمي الحساب والمساحة"
- "الألفية في الألغاز الخفية" وهي ألف لغز في ألف اسم، لأبي بكر بن محمد بن إبراهيم الإربلي الشاعر المتوفى سنة 679هـ

- أرجوزة في سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي الدول الإسلامية وجغرافيتها لابن البارزي الحموي المتوفى سنة 683هـ اسمها "مداولة الأيام".
- أرجوزتان لأبي حيان أيضًا اسم الأولى منهما "الأبيات الوافية في علم القافية" واسم الثانية " خلاصة التبيان في علمي البديع والبيان"

- الألفية الوردية في التعبير لزين الدين عمر بن مظفر بن الوردي المتوفى سنة 749هـ .

- ألفية في الفرائض لابن الهائم القرافي المصري المتوفى سنة 815هـ واسمها "الكفاية".

- ألفية في أصول الفقه لشمس الدين محمد بن البرماوي المصري المتوفى سنة 831هـ وقد سماها "النبذة الألفية في الأصول الفقهية".

 منظومة في قواعد الإملاء للمختار بن بون المغربي الشنقيطي المتوفى بعد سنة 1300هـ اسمها" كتاب الهجاء في رسم الحروف في الكتابة".

- ألفية لبرهان الدين إبراهيم بن محمد القباقبي الحلبي  في المعاني والبيان،


- منظومة في التربية لبهاء الدين الباعونى المتوفى سنة 910هـ سماها "بهجة الخلد في نصائح الولد".


-

الربيع.. والتحليل العلمي للتاريخ "1"..


الربيع.. والتحليل العلمي للتاريخ "1"..

كنا نتحدث عن التحليل العلمي للتاريخ، وعن قراءة النصوص في سياقها..
وهو أمر وسط بين تقديس التاريخ وتقديس اجتهادات أعلامه، وبين تلمس السواد للتشويه والانتقاد..
والأمر يؤثر على رؤية المسلم للمستقبل وللممكن والواجب..

الأمم تسقط تدريجيا بانهيار أسسها الداخلية المعنوية ثم المادية,
وتضعف حين تفقد ذاتها الأولى,

وليس معنى قوة منهج ما بحيث أن جزءا منه يكفل جوانب عظمة لقرون، أن هذا كاف للاستمرار،
وأنه لا يلزم الأخذ به كاملا، أو أن ذلك سيضمن عدم التدهور لاحقا..

ودور القادة كان ولا زال هو رعاية البذرة، وحفظ الأمانة عمليا، وصيانتها وتنميتها,

ومن ثم يتحسن الحال من جيل لآخر، وهي صاعدة,
ومن ثم يرتفع الوضع في كل اتجاه, وليس في  اتجاه الفتوحات والتقنيات فقط مثلا, بل يرتفع تربويا وإيمانيا، على مستوى الفرد وتعاملات الجماعة، وثقافتها وأدبياتها، وإعلامها وتعليمها وهويتها الجمعية، وشخصيتها العامة الحضارية..
حسبما يظهر من ظواهر ومعالم تدل على إيمان حقيقي داخلي- توسما وظنا بشريا والله حسيب الأفراد والشعوب-.. تصرفات تنبئ عن عقيدة متغلغلة ويقين وعدل ورحمة، وعن رباط وثيق وفهم عميق...،

ويعطي نضجا سياسيا، يمنح مناعة ضد التقلبات في الأنظمة والدويلات والدول بين الأسر والعصبيات، والخلافات، والتشققات,

المدارس التجديدية والظواهر الفذة الفردية العلمية وحركات الإصلاح
 لم تكن هي السواد الأعظم من جسم الأمة, بل كانت نقاط الضوء والحجة التي لم تمنع المنحنى التاريخي والديني...,
 وتقصير رعاة الأمة في مسؤولياتهم عن رعيتهم دينيا وتنمويا، وحرمانهم إياها من حقوقها الشرعية الفطرية وتعاملهم معهم كقطيع يورث, وكما قال الصحابي قيصيرية وكسروية كلما مات كسرى ورثه كسرى... ولا رأي للناس ولا شأن بالمسألة ولا يسمح لهم أصلا....
 فتوريثهم من يعجز ويقصر ويخون, مع ترك الأكفأ والأصلح والأحق,
 فضلا عن اغتصاب واحتلال المقام ذاته ، وعن منع الناس من حقهم في تنصيب أجدر وأولى من يرون , وفي الرقابة عليه , كله خيانة وهدم للدين بمفهومه الشامل..

وعزلة حاكمها في مبنى شاهق يسمى القصر, وتلقيبه رغم ذاك بالخليفة، أيا كان حاله وعمله وفعله، وتحصينه بحق السنة الشريفة, دون استحضار الأصل في عزله لولا المفاسد التي طرأت وتكررت أول الأمر, مما دعا الجيل الأول للقول بما هو استثناء، ثم تلاه عدم السعي للأصل وللتغيير أصلا، بل للترميم..
 ومراعاة مصالح كالحشمة وإبهار الآخر لم يعتبرها النبي صلى الله عليه وسلم, ولم يكن ما حدث عبر قرون مجرد خطأ نقفز فوقه, ونلوكه كسلبية, قبل أن نقف عنده ونعالجه ونعالج سببه, ولا يصح أن  ننظر لاعتبارات التعامل معه بصمت منعا لمفاسد ثبتت ضآلتها فيما بعد, مقارنة بتقويض بنيان الأمة كلها, والقضاء على التيار النفسي والفكري النقي فيها , على الكرامة والحرية والإباء والاعتداد بالنفس
والخروج من عبادة العباد-بمعنى منحهم الطاعة أو الشعائر أو النصرة العمياء المقدسة أو المرجعية -
والخروج عن الروح العلمية والعملية والتركيبة الإنسانية حاملة القضية، وصاحبة الرسالة المميزة للجيل الأول, وعن نمط الشخصيات العابدة العاملة الربانية الحرة، والتي كانت لديها قوة الإنكار واستعصاء على التغيير للأسوأ، ومعرفة لحقها وواجبها, وما جرى هو السكوت على انهيار بطيء تدريجي ....
هو تحللها وتفلتها وتبريدها, وعزل وإقصاء علمائها وتحييدهم وتقليص دورهم ومجالهم, 
ولم يكن التدهور الخلقي والقيمي والتدهور في معايير الكرامة والحق والعدل والحرية والشورى والشراكة, وشخصية الفرد ودوره, ودور المجتمع من حالة الصحابة كمقياس ومرجع لما تحتها ,
ورعاية ذلك التدني والتنظير له بنصوص تعارضها غيرها, وتعارضها أصول مستقرة مستقرأة وباعتبارات عابرة ..لم يكن كل هذا سوى قتلا لروح الأمة وتغييرا لها وتذويبا , وفصلا لمكوناتها السياسية عن الدينية والتنموية والتربوية , ولو تبين هؤلاء السابقون عظم الفساد الذي حدث لما قالوا ما قالوه ساعتها عن المصلحة , ورؤية التغيير , وما يلزمنا هو رؤية حالنا نحن غير المسبوق , والتعامل معه على ضوء كل ما فهمناه , والتجارب السابقة, ولا ننشغل بمحاسبة السابقين ولا بتقديسهم, وهم بلا شك ليسوا بحاجة لشهادتنا, وأفضل من أمثالنا, لكن هذا لا يشتمل عصمة لقولهم , فضلا عن أن ينزل على واقعنا نحن..
عندما تصل فئام من الناس تدعي الاقتفاء إلى الاستطراد في منطق المصلحة والسلامة، ليكون
عقيدة بذاته، وإلى السكون لدرجة تشبثها به بعد زوال المبرر الوحيد  الذي كانت تدعي الحفاظ عليه - توهما- وهو التوحيد، ظنا منها أن التوحيد تعليم نظري وحرية أقلية، دون صناعة مناخ للحياة به وصيانة جنابه والذود عنه،
وبعد أن زال من كانت تدعو لهم على المنابر وتنافقهم وهم يهدمون كل شيء من الداخل،
ثم حل بها وكلاء ويهود ونصارى وملاحدة وعبدة شيطان وبهائيين وزنادقة، ومحتلون أعاجم، وظلت تقول ما تقول، فماذا تريد؟
هل تريدهم أن يسجدوا جميعا للأوثان، لقد رأت بالفعل وأقرت بسجود فئام منهم للقبور والقصور، وتغير مرجعيتهم ونمو طائفتهم ورعايتها الرسمية، مع تآكل منافسيهم برعاية رسمية كذلك، فماذا بقي..

قال شكيب أرسلان:
" فلن يبقى الشرقيون أبد الدهر مدنقة هينة عليهم نفوسهم
ولن يصبروا أكثر مما صبروا على أن يلي أمورهم من ليس منهم،
ولا بدّ أن يأتي الزمن الذي يصبح كلٌ فيه سيداً في دياره، مانعاً لذماره؛ مساوياً في الأرض لمن ظن سلطانه سرمداً، ودوره مؤبداً، وعمل اليوم عمل من لا ينظر ما يكون غداً،

ولاسيما المسلم الذي يقرأ كل يوم في قرآنه ما يجعله بكل جارحة من جوارحه رجلاً ولا يرضى له بالاستقلال بدلاً، وينفخ فيه من روح الأنفة ما يصور الذل كفراً،
ويلقى في روعه من حب العلم ما يصير الجهل وزراً،
ويحتم عليه من الأخذ بالأسباب القوة ما يخيل الضعف شركاً،

كلا لن يلبث الشرق لدى دول الاستعمار هو الشحمة الرُقّى، والأمم التي لا تملك لأنفسها حقاً، ولا تنفض عن أعناقها رقاً،

ولا يمكن أن يظل الأوروبي سيد الأرض غير مدافع، وصاحب الحكم غير مزاحم متسلطاً على ما في الدنيا من الجهات النفسية، مستأثراً بما بين المشرق والمغرب من الجنبات الرئيسة، فلم يبرح الدهر قلَّباً، والدوام محالاً، والتاريخ يركب الأمم طبقاً عن طبق، ويلحق من تأخر بمن سبق، وما من بهشة، إلا وراءها جهشة، وقد كذب من طمع في صفو بلا كدر، وصعود بلا حَذَر،

ومن أعظم الخطأ الظن بأن الشرق لا يلمُّ على شعث، و إن آسيا وأفريقيا لن تنهضا من عثار وهما ثلثا العالم، ولقد سار الشرق في مدة وجيزة عقَبَاتٍ جِياداً، واجتاز أزماتٍ شداداً، وهو ماض في سيره إلى الأمام لا سبيل بعد اليوم إلى تعويقه، ولا حاجز يمكن أن يقف في طريقه بدسائس تلقى، ومبالغ سريّة تنفَق، وأخلاق تُفسَد؛ وذمم تشرى وأشراك تبثّ، وأسياف تُسلّ، ولا المحلقات في الجو تقدر على كم الأفواه، ولا الغازات السامة تقوى على إطفاء نور الله، وما تزيد هذه الوسائل تلك الأمم المستضعفة إلا شوقاً إلى الحرية، ونداء إلى الثارات وإصراراً على الضغائن، ومهما يكن من حيل العباد فللكون سَنَن هو سائره ولله أمر هو بالغه."
د. إسلام المازني

الجمعة، 26 أبريل 2013

طالب العلم

"لا تَعْرِفُ الْمَرْءَ بِأَخْلاقِهِ    **     فِي غَمْرَةِ الْعَالَمِ حَتَّى يَفُوهْ"

عند انتشار الفتن وانقلاب الموازين تتساوى -كميا -دعاوى التنبيه والتصحيح،
 ويصبح الصواب غريبا عجيبا،
 لكن ظاهرة أخرى متكلسة تحاول الحفاظ على نفسها، 
وهي دعاوى التصحيح المغلوطة وورثتها المصرون عليها، 
نصف المثقف ونصف العالم هو أصعب شخص تقنعه، عند استعلائه ويقينه أنه فهم ما لا تفهم، 
ولكونه لم يعش عمرا حقيقيا بنفسه كطالب -دون مقررات سابقة مرسومة مشكلة- مع فقه الأئمة وأصولهم وبيانهم وأجوائهم ونقاشاتهم، ولم يلمس ميراثهم عبر القرون، ليدرك روح اللغة والنفس بنفسه، بل عبئ له ما علم، وحددت له المساحة فبعدت المسافة، 
وبدأت حالة اختزال لفهم المعاني وتضخمت مع سمو بفهمه هذا، 
وعليه أن يدعو معنا بالهدى فكلنا في احتياج إليه, وأن يعود ليعيد النظر طويلا ويبحر متجردا ثانيا, ويتم رحلته التي بدأها مخلصا , ليستكمل إدراكه ويدرك غايته الأولى, ويسترد باكورة الصفاء والإقبال العلمي والخلقي, والله المستعان, وكلنا بحاجة إلى ذلك, وما ذلك على الله بعزيز, بالأسباب وبدونها, لكن السعي واجب.

العولمة المتوحشة


بعد حوادث انهيار المصانع التابعة للشركات الغربية في دول فقيرة--
الشركات الغربية تدفع للحكومات المنحرفة والمتسلطة للتغاضي عن معايير الصحة والسلامة ومنظمة العمل وهذا في الصين وآسيا وكله لتوفير كلفة متطلبات النظافة والمتانة ولسحق العمالة لتخفيض كلفة المنتج, وبهذا فالذراع الاقتصادية العولمية متوحشة لا تحترم الآخر مثلها مثل الذراع العسكرية والفنية...وتذكرت نقطة تبرع دويلات عربية بمائة مليون لأمريكا التي هي أغنى من عالمنا الثالث ساعة الزلزال..والأن مثل هذا المبلغ قد ينقذ من تحت الأنقاض ويغير حياة العاصمة الفقيرة التي ينام الناس في شوارعها ومشكلتها الحقيقية هي الإفقار والحكومة المدعومة غربيا..

الأربعاء، 24 أبريل 2013

التمحيص والمناهج والخلافات الإسلامية

التمحيص وقت السحر...
هوامش ..

من تجارب الحركات والصدامات في عواصم آسيوية وعربية....

التدبر والتفكير قبل الاختيار وقبل العمل مطالب شرعية...وهي وظيفة فردية شخصية لا ينوب عنك فيها دماغ غيرك...وقد أذن الشرع بالحوار والاستقصاء والسؤال والتغيير ونفض اليد...

تلفيق المناهج وتوفيق المناهج والجمع بين النواقض والمتناقضات خطأ,

والجمع بين المتناقضين في الإعجاب والعمل يؤدي للبلبلة والتخبط والإحباط,

والتقريب دون كلمة سواء حقيقية ذات مفهوم واحد لدى الجميع تقريب هش ومدخول, ويتفكك عند أول ارتطام واحتكاك,

والخلط في التصور عن الواقع, وعن تغييره بحماسة الرغبة في كون هذا التصور هو الواقع الصحيح الموجود, حسب الظروف والمقام, فنندفع مرة لوصف ومرة لوصف...ولكل مقتضياته لو ثبتنا عليه...فكيف نجعله كله مما يجتمع في حال واحد, ونصر على حل تقليدي وموقف تفصيلي , أو مما يمكن وجوده واختلاطه وامتزاجه ونصر على التصرف معه كأنما هو ما نريد....

عبادة الذات وعدم أخذ موقف من التلقي منها بعد الانحرافات والشبهات, وكأن كل شيء زلة وكله مما يجتمع ولا غضاضة أو بغضاضة..

عدم النظر للخلفيات لدى الشخصيات, وللعمق وللشبع...عدم النظر للدلالات ولطبيعة الحيوات والعلاقات...

العجيب أنه حين تكتشف خطأك وإسرافك, في عدم الالتفات للنصح ومبالغتك في التهويل وفي حسن الظن, ورفضك مواجهة بصيص الحقيقة وخاطر التحقق... رفضك التدقيق وإعادة النظر...رفضك التعامل مع ذاكرتك وتناسيك لكل السقطات والدلالات والتناقضات....رفضك كل ما لا تقبله نفسك ولا يرضاه هواك...
وكنت تبني على وهم ألبسته ثوب الصواب, وقفزت فوق الخطوات ورفضت تنحية المشاعر جانبا...المشاعر الراغبة أو المشاعر المنفرة من طرح لغرابته..دون تحقيق وبحث...

هل تركت الحقيقة الواقعية المؤلمة ورفضت مواجهتها ووليتها ظهرك....والآن..ذهبت هناك وفوجئت بها تلقاك...بعد كل هذا ثانيا...ستضطر للصمت هذه المرة فقد أوقفتك بعد أن كنت تنكر وجودها....

وما أدراك أن النفعي حزين قلق...
هل يأخذ النفعي كل شيء كلعبة أو تجربة...
المؤسف أن النفعي المصلحي قد ينعدم لديه الإحساس فعلا بالحزن ..بالألم, بل حتى  بالمكسب والخسارة وبأن هذه كانت غاية, فلا يهتم عند فشل السعي وإهدار العمر والمواقف, ولا عند تضييع الكثير من الخير, لا أزمة لديه ولا ضرر ولا اهتمام وإن تظاهر به,  فقط ذرا للرماد في العيون, ولكن سيبحث عن تسوية ولن يكون حزينا كما تظن..لأنه لم يعد لديه حقا غايات حقيقية وخطوط فاصلة فكل شيء يتلون.....
وبهذا يفقد القيم شيئاً فشيئا....

النفعي البراجماتي المصلحي

وما أدراك أن النفعي حزين قلق...
هل يأخذ النفعي كل شيء كلعبة أو تجربة...
المؤسف أن النفعي المصلحي قد ينعدم لديه الإحساس فعلا بالحزن ..بالألم, بل حتى  بالمكسب والخسارة وبأن هذه كانت غاية, فلا يهتم عند فشل السعي وإهدار العمر والمواقف, ولا عند تضييع الكثير من الخير, لا أزمة لديه ولا ضرر ولا اهتمام وإن تظاهر به,  فقط ذرا للرماد في العيون, ولكن سيبحث عن تسوية ولن يكون حزينا كما تظن..لأنه لم يعد لديه حقا غايات حقيقية وخطوط فاصلة فكل شيء يتلون.....
وبهذا يفقد القيم شيئاً فشيئا....

أدب النصيحة وأساسيات الحوار


واحد يقول لك: جيبك به عقرب ..
جيبك مخروم يقع منه المال..

السائق بتاع سيارتك غير لائق في كشف النظر في المستشفى وزوره ليأخذ الرخصة, وسيؤدي لحادثة بعماه....
فهل تقول له وأنت مالك....
لا أثق فيك..!
هو لا يقول لك رأيا ولا وجهة نظر..
ولا يطلب منك ثمنا..

طبيب يقول للمريض تحاليلك تثبت أنك مصاب في رئتيك ولابد من وقف
التدخين وأخذ علاج،

فيقول له أوقف إيه,
أنت مين علشان تتكلم علي,
وأنت تعرف مين اللي انت بتتكلم عنه قبل ما تقول كدة,
وبعدين ما كل الناس عندها أكتر من كدة, وده عادي, والا علشان أنا محسود,
ودي دعاية ..
..لابد من علاج نفسي وعقلي وتربوي وثقافي قبل الكشف الطبي, والنصح, وتمهيد لعلم الحوار وأدب الدنيا قبل التفاصيل.. من الطفل للبالغ..كلنا بحاجة لتعلم أساسيات الحوار وحتى أساسيات الصراع..
.الإعلام الموازي منوط به هذا بسبب التكلسات في المناصب العليا التعليمية والثقافية والإعلامية وهيئات الكتاب والاستعلام والمكتبات القومية والعالمية والتي تقبض وتسد خانات نخبوية...

الثلاثاء، 23 أبريل 2013

لا وقت للتجريب والتساهل عند اهتزاز السفينة,


هامش منفرد للفائدة: 24-4:

أحيانا يدفعنا المقام الحساس للبلد والوضع الانتقالي إلى العكس...

للتشدد في التدقيق في المحاسبة,
فلا وقت للتجريب والتساهل عند اهتزاز السفينة,

 لو كانت دولة مستقرة لم تكن لتهزها عاصفة وكارثة وخطيئة واحدة، ولا وقت لشبهة الصفقات وأسلوب النقابات عبر عشرين عاما،

ولا سعة ولا مساحة لشبهة خلف العهود والصمت والبناء على الثقة والنية، أو لشبهة الكيل بمكيالين في موازين التطهير والعزل والشفافية والتوسيد, مع توافر أوراق العمل المحلية العلنية, ممن لم يطلبوا مناصب، وممن نصحوا بترك الغموض وترك الغرف المغلقة لأنها طريق الهاوية،

وينبغي ألا نستلم هذا المبدأ "وهو  أننا في البداية لسنا كدول عريقة" فهذه الدول خاضت قرونا
لتقف على أقدامها، ثم تلتها دول تعلمت من الخطأ، ووقفت على أقدامها في عقود قليلة كماليزيا وكوريا واليابان وسنغافورة، وقد كتبت كتيبا عن التجربة الماليزية للفائدة وهو منشور على صيد الفوائد،ونفس منطق السلبيات والفساد في العالم كان يردده نظيف وعبيد وغيرهم، واستعمال

هذا المنطق يؤدي لعدم يحدث نقد إلا وكان معه
تخفيف في المحاسبة وتجاوز عنه، ويصح ذلك لو كانت البوصلة صحيحة،

أما حين تخوض صراعا منفردا مع الدولة العميقة، وتترك حلفاءك يضربون أخماسا في أسداس، وبالطبع نظرا لضعف المنفرد تكون الاستثناءات والتجاوزات، ثم يتكئ أمثال الزند وحمدين عليها، وليس فقط على الدعاية السوداء،

وأرجو أن يعلم الكرام جميعا أن مبادئ الإدارة  والحوار ليست صعبة على من يريدها، وأنها تطبق في أصغر الشركات والكيانات الإدارية المحترمة، ولدينا رواد عرب مقيمون ومغتربون وأكاديميون بارزون في تلك المجالات ومنهم من يمس عمله السياسة والاقتصاد، لو أرادوا وضع نواة مؤسسية حقيقية

هذا المساعد المستقيل  داخل تسلسله في ترك القصر لا يغير اهتراء التمثيل الرسمي , كالصياد وسيف الدولة وسيف نفسه ووو... لو كانت المؤسسة قوية واضحة لم يكن ليهزهها, لو كانت لا تسير بطريقة " الكبير يعرف, ولا صوت يعلوا, ومش فاضيين لأنكم مش سايبينا نشتغل" كأننا في مرحلة ما قبل الدواوين والاستقلال المؤسسي, من اختاره هو هذه المؤسسة , كمساعد ومعاون ورمز كما اختار خمسة قبله رحلوا, وغيرهم باق , وكلهم ما بين محاصصة وديكور , أو لا يفعلون شيئا كوزير العدل وشقيقه والغرياني وو, أو يشيرون بالكوارث, فهذه مسؤولية من يختار دون معايير ,كما نصحه الناس مرارا, وقالوا له كيف ولماذا وعلى أي أساس هذه الأسماء , وبدون شفافية وجدول تكليف وآلية أداء ومتابعة يراها الشعب المتكهن , ولم يستبقوا هم في المؤسسة بعزل أي واحد سوى علم الدين, ووجهت اتهامات متبادلة رهيبة بينهما, لم يتم فيها التناظر العلني والتحقيق الرسمي ولجان الاستماع كأي بلد محترمة, فقضية تربح واستغلال فريقه أهون من قضية إهمال وجود وقول وعمل ورؤية أمثاله والاكتفاء بتخفيض مستوى الجالس معهم والتعتيم عليهم..والاكتفاء بكون الشورى غير ملزمة يعود للمربع الأول وأن عليك ألا تحتج بضعفهم إذا..

الذي لا يضره من خذله، هو الواضح المستقيم، كالشمس في الضحى


الذي لا يضره من خذله، هو الواضح المستقيم، كالشمس في الضحى
بيانه وبنيانه..
وحين لا يرى يقول لا أدري..، ولا يستحيي أن يقول لا أقدر..
فهو أعذر له عند ربه...

يخذلونك ويبيعونك لأتفه سبب من وجهة نظرك أو نظرهم
أو لأي ثمن مناسب عندهم..
أو لأي ابتزاز من صندوقهم الأسود المتفحم!!

أوفي وقت مناسب لأعدائك..

أو عند أول فرصة لتحرر عنقك من غلهم

أو يقتلونك يوم تفكر في حقوقك..

ما يحدث من ذبح حقيقي أو معنوي هنا وهناك

 يريك أن من استسلم لأخف الضررين بنظرة مادية عارية عن القيم وشرف الأمور المعتبرة، خسر الضررين معا،
ومات الثاني أسدا، ذائدا مقبلا ..
أما الأول فقد مات أيضا! دهسا..
 مضى كبشا وقضى منتهكا
التحالف مثل البطانة
 والبطانة مثل التحالف..
وانتقاء الأمين يستلزم عاقلا أريبا أمينا

ودخول التطبيع في التحالفات
وتمييع حدود المقاربات
والتسويات وتلوين التضحيات التي تتحول لتنازلات
أمور تبين صاحب المبدأ وصاحب العقيدة وصاحب العقل!

والنظرة المصلحية الدنيوية غير النظرة المصلحية الشرعية المتكاملة...
وجزء من تكاملها سلامة رؤيتها العقدية والمنهجية ودراستها الواقعية وتصورها الأصولي وآلية التفكير الجمعي ..

وما أبرئ نفسي، لكنها ذكرى للذاكرين،
وإن كانت موجعة فلابد مما لابد منه
ونحن لا ننصح أبا لهب ساعة النزال بل ننصح آباءنا وإخوتنا وأهلنا

مسألة الفيس بوك والرجال والنساء والتوجيه المجتمعي

مسألة الفيس بوك والنساء والرجال , ومسألة الفيس بوك والكتابة العامة للجميع, لتوجيه الرأي العام أمام المجتمع كله,
أو لبث الهموم والخطرات ,

الصمت  والحشمة الفكرية من هدي الصالحين أحيانا, فلا يبوحن كل قلب بكل خاطر عابر, وبأي رد فعل وهذيان وهاجس,

ولا يسطرن كل نفس يتنفسه, ولا يحدثن كل امرئ بكل ما سمع,

وإن تحدث واستشار فليس لكل أحد وبكل ما يجد..

الحرية والنقاش المفتوح شيء, والهلوسة والفوضوية شيء,  وكلنا يعلم أن هناك القصر فكريا, والأطفال والأغرار والحمقى والضعفاء والغوغاء والمجانين والملوثون, وهناك العقلاء والحكماء والبقايا من الناس والعصائب والنجباء, ولكل سبيله وبابه ...

وإن باح امرؤ فليستوثق من الحدث قبل أن يحكي, وقبل أن يعلق على ما تتناقله الألسن, وليتحقق ولينتق من يفضي إليه, ومن يهز عقله أو يشاطره الاستنباط أو يعلمه أو يستأنس بقوله...

افتح أي قضية بالشكل الصحيح وبالمدخل العقلي العلمي الصحيح وبالقدر الصحيح الذي تضع فيه نفسك موضعها...التأدب مع البحث والتدبر, وتلمس الصواب والتواضع, لا العصا ولا القلم الأحمر, ما لم تكن متيقنا, ولا السخرية ولا التسخيف..

التواصل الاجتماعي لن يغير الفطرة ولا الجانب البشري الثابت في الإنسان, ولا ضوابطه ومحاذيره في العلاقات والعقليات وتوجيه الجماهير,

الجانب المتغير هو الأسلوب والوقت,

والجانب الثابت في الإنسان هو النفس والرغبات والدوافع, والنجدين الخير والشر ومضمون ما تصلحه الوصايا العشر, والأخلاق الكبرى لا العادات, 

ولا تختلف فوائدها ومضارها وتبعاتها عن اللقاءات العامة المختلطة, أو الخاصة بين الرجال,
أو الصالونات النسائية وهي جلسات في الغرب قبل الشرق ولها خصوصياتها رغم المسخ, لأنك لن تغير الرجل لامرأة وإن وضعت له المكياج وحقنته بالهرمونات,
ولن تتغير سيكولوجيا التجمعات البشرية حول نواة قيادية ونخبة ثم صف ثاني وو...رفع المستوى أو حدوث الفوضى والهرج."ثم فشل, ثم مراجعة للنفس وللمجتمع, ليتبين المجتمع ما جرى له, كما تبينت فرنسا الخلل بليبراليتها يوم داس هتلر مجتمعها المخنث, وكما تبينت اليابان وألمانيا أنها لن تستمر تحت رعاية هوية أمريكية في القرن الجديد بعد نصف قرن, وكما تبينت الصين انزلاقها...."
وهذه دعوة للذات للمراجعة على مستوى المصلحتين والقيمتين, الخاصة التربوية, والعامة التوعوية...