الخميس، 29 سبتمبر 2022

تبرير السلبية و الظلم

(الحمد لله رب العالمين)

حاول أن تلتمس عذرا قبل اللوم على فعل ما، أو قبل الإلزام بشيء ما، لمن تحسن الظن به.. ولو فشلت فراع العدل قبل إفراغك لغضبك.

نصيحة لنفسي ولك أخي:
خبرة تتعلمها من أسلوب عدوك الأول وهو يوقع بأبويك /

 ليس كل الظلم له أنياب بارزة يقطر منها الدم أو يظهر كفحشاء ومنكر فج قبيح.. 

بل بعض التوحش يبدو وسيما وتلقائيا، وقد يقدم الباطل كنصيحة.
 

وربما يظهر العصيان كمجاملة وواجب... اجتماعيا في العلاقات بين أبناء العائلة والأصدقاء، وسياسيا بين الأقوام، ومهنيا في العمل.
 

وكذلك في خلوتك في داخل فكرك، قد تكون ظلوما معتديا. كلا.. ليست البدعة فقط، بل الضلال والمحرم المستباح المستحل والمستهان به.. والتلبيس والتدليس على النفس. لهذا نراعى العلم والأمانة والإخلاص وفهم الواقع .. ولو اختل ركن وحاك في صدرك فعلك أو تركك: فراجعه مليا.

 

خذ حذرك من نفسك أولا أن تفعلها بهواك وتبررها، وخذ حذرك من عدوك القديم إبليس أن يقسم لك أنه ناصح، وزن كل موقف، واحسب كل تصرف وانسياق بميزان الحق، مراعيا المضمون والجوهر والحكمة والقصد الأول! لا العنوان.. ولا الشكل.. فربك تعالى لا يخدعه أحد.. وكم من كلمة حق أريد بها باطل وأريد بها حظ نفس وغل وغرض... وقد لبس بعض الرهبان أصل الدين نفسه...

 

قال لي/ 
كنت أخادع نفسي بقول أن هناك مشكلة غامضة فريدة وضخمة فعلا، وأختار مشكلة حقيقية وأقول هي محيرة ومحزنة بأكثر من غيرها، ومن ثم أتعاطف مع ذاتي وأرثى لها وأرخي لها العنان لتنزلق...
 

قال/ طبيبي لا يبالي بي. 
هو يبالي بما سيحاسب عليه رسميا فقط، وما سينفعه مني فقط.
 

ومثله كل التعاملات

 هناك تصرف غير مسؤول.. 
هناك أيضا عدم تصرف غير مسؤول!

هو /"خذلان انخذال تواطؤ شلل ادعاء عجز جبن جمود تحجر أنانية " . سمه ما شئت .. 

و

لكن بالعكس: هناك محاكم غيبة وحضور تلقي الحجارة في كل حديث وتقيم بفهمها الضيق. 
وحتى لو صمت المذكور حاكموا الصمت بأفقهم هم.. 

 

هناك من يطلبون رؤى كاملة ليبادروا بالبناء!
أصلا لا يريدون أن يعملوا. 
لا يودون أن يفعلوا أو أن تتوقف أسئلتهم.. هذا شاغلهم لا شغلهم.
 

هناك من يقللون شأن وجدوى تضحياتهم لو حدثت لكي يضنوا بها ولا تحدث أبدا...

و
هل مثلا يعني.. 
لو كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يريد بقاء ماله ووجاهته
ووضعه، وقال مثلا سأكتفي بتأييد خفي، وحين تنتصرون سأكون معكم يومها.. فأنا ظروفي خاصة واستثنائية وو.. 
هل كان هذا ليصبح هو المثال والنموذج الأنور الأول ...

وأما الفقراء البسطاء العظماء النبلاء كبلال وخباب.. فهؤلاء في مقام سامق لأنهم لم يبالوا رغم حالهم، لأن الحب غير الموازين.

الأحد، 18 سبتمبر 2022

بين السلبية و الكسل العلمي و الضعف أمام الشهوة


يا أخي الغالي / لا تبرر الكسل، ولا تزرع الخذلان لنفسك، ولا تردد على مسامع ذاتك ما يثبطها، حتى لو كان صوابا جزئيا ( أشعر بالملل وأستثقل التعلم والقراءة والاستذكار، وأريد وضعا معينا لأثبت)


  هذا العلم ليس رخيصا بل هو روح ونور، شيء تدفع فيه الأثمان الغالية وهو منها أثمن..


 العلم حياة بين الموات ورشاد وسط التيه، وهو أهم من الدواء للنفس.


العلم يلزمك للنجاة، وليس فقط لتحصيل الرتب العالية... وهو مع الإخلاص زاد التقى، هذا لو اتبعت ما علمت، وكثير من العلم ألزم لنا في زمان الفتن، والاطلاع أو الوجادة خير من رؤوس الجهال، بل ويلزمك الاجتهاد والتحري لتميز بين الأقوال حولنا وبين المتحدثين كذلك... أيهم أهدى سبيلا، ولكي تختار الأصدق والأعدل، وليس فقط الأقرب لهواك أو الأشهر أو الأوعى للمعرفة نظريا.. فكم من عالم سوء منسلخ محرف يلبس ويدلس..وكم من نصف عالم يضل ويحسب ما زين له حسنا.. وهذا دورك في استفراغ الوسع والتوسم ومخالفة الهوى..


قد يضر العبد نفسه بسبب الجهل بجزء مما يفعله. وبسبب الجبن وعدم شكر النعمة، وبسبب الرعونة في الخطوات، والتعرض لما لا يحسن.


كان الأنبياء عليهم السلام حجة ببيانهم وحجة بذاتهم وحيواتهم.. لكيلا يقال أن المطلوب محال، وهذا يوسف عليه السلام نجح في الاختبارين، في السراء والضراء، ولم يعبد الله على حرف، ولم يكن معه مجموعة تؤيده وصحبة يثبتونه، نجح صبيا وشابا وكهلا.... ولو لم يكن مطلوبا وممكنا التأسي والاقتداء به عليه السلام ما أمرنا بذلك... فيما ليس من خصائص النبوة بلا شك ...


الحقود يعيش عمره حانقا محترقا، فلا تركز معه لكيلا تتفحم.

 لديه النعمة ولكنه يشعر بالنقص وبالحسد، نقص المال أو نقص العلم أو حتى نقص المروءة والشجاعة، وبدل الغبطة والسعي يقبح ويهدم وينهش ... فلماذا تنكفئ أنت وتتبع السفه والسفاسف معه، ولماذا تمد عينك وتصبح مثله مهزوما يسفه غيره فقط، لا تتجاوب مع الشر فالغل يأكله ويأكلك لو انشغلت بالانتصار لنفسك واستحوذ عليك التجاوب، المسيء يضر نفسه.. الطمع يعذبه، والجشع يشغله ويستذله ويستعبده... وكلما تصدر أثني على نفسه مرارا لشعوره بالحاجة لذلك.


احرص على ما ينفعك وتوكل علي الله.

السبت، 17 سبتمبر 2022

نصيحة للدعاة و المربين وقت فشو الطغيان وتشتت التابعين

هذه رسالة طويلة نصحت بها نفسي الخاطئة ونفرا من أحبتي، ورأى بعضهم بثها للفائدة/

 أخي المربي:

 أنت مؤتمن، فلا تطلق العنان لمشاعرك دون رؤية العواقب لاحقا. 

لا تنهر من ترعاه عن خطأ اعتاده بسخط يجرحه هو، أو بصدام حاد مع عاطفته وثقافته الضحلة "قبل أن تكون ربيته ونبهته مرارا، وعلمت ما يقومه ويجدي معه"

 
اعلم أن أنبل الجمل وأصح الشعارات ليس لها من الوقع والاحترام عنده كما لها من الأثر عندك، فهو وإن سمعها فلم يتشربها مثلك، ولم يعشها واقعا أو تمثلا يجعلها كافية وحدها، وربما لم يصل إلى قوة اليقين بها لقلة وعيه وزاده، فلا تعامله معاملة المتفلت من طبقتك ورتبتك ..

عليك بالهدوء والعاطفة المنضبطة أثناء التقويم، لكيلا تنفر ظبيا أو تكسر شبلا، فتخسر قلبيهما بدل رعايتهما ليكبرا إن شاء الله ويصيرا كما تحب يوما.

وعليك بتطوير نفسك بنفسك، وتقبل النقد وطلبه! لا احتراف تحويره وتفنيده.

وعليك اختيار الأوليات للطرح، لا اتباع الهبات كيفما اتفق وشاع.. 

لا تقحم المبتدئ في العلم بذكر نتائج نهائية وأوصاف وانطباعات لا يفقهها في مرحلته، وقد لا يتحملها عقله ورصيده من الطمأنينة، بل أعطه المعرفة والميزان، وعلمه المقدمات والأسباب برفق أولا، ثم ارتق معه وبه للاستنباط والمنظار 

 

هذا لا يعني الهدهدة والتربيت بل الحكمة والترتيب!

ولابد من البيان والحقيقة ولكن عليك بإفاقة النائم والمخدر المغيب، وتعليمه فك المغالطات الفكرية والحيل التي غسل بها مخه، وآلية الاستدلال... لكيلا يتحول من تقليد أعمى لمثله.

وما قيمة التنزيل والموقف أليس الرجال أهم من المواقف؟
 

* الأفكار أهم من الأشخاص والأحداث، نعم.. لكن هذا لا يعني الاكتفاء بها كل مرة، فالنزول للواقع وللأحداث والأشخاص هو حياة الفكرة، وهو من أخذ الكتاب بقوة، وهو من الطاعة التي هي تنفيذ المسموع لا تكراره فقط..

 

 إذا فهدم الرمز المجاهر بالخطأ بشكل متكرر أحيانا يكون أمرا حتميا، ولا يعني هذا سوء الأدب أو سوء اختيار المقام والسياق والمحاور ، ولكن بدون كسر الوثن المتبع الملمع لن تحدث هزة ولا صدمة ولا إفاقة ولا تنقية للموارد، ولا يكون هناك تطبيق عملي للفكرة دون تحيز لفاعليتها .. بل تصبح مجرد فلسفة مجمدة. 

 

*مؤيد الفكرة المختلة عادة هو جزء من قوتها وزخمها وصبغتها، وبعض الناس يستسلم لمن يفكر له بشكل يتجاوز التقليد المقبول، ولابد من تطهير شجرة الاختيار أمام الضعفاء للحفاظ على الحد الكافي - على الأقل - من الصواب.
 

تحدث القرآن الكريم عن المفاهيم، ولكنه لم يتركها مجرد مسائل نظرية معلقة، بل ضرب أمثلة سابقة ومعاصرة! للطغاة كفرعون وأبي لهب، واحتك بالوقائع الهامة في وقتها. 

 

فارق بين منهج به خطأ ومنهج به انحراف.. وبين شخص يخطئ وشخص يدعو للمسار الخاطئ، بين تلوث وتسمم... بعض الخطأ قد يغتفر بجانب الصواب، والتنبيه والبيان عامة ليسا من الكماليات عندما تكون الأخطاء خطايا مبررة أو تورث سقطا فقهيا أو عقديا أو حتى استراتيجيا وعمليا ..

هناك أوليات منها حفظ جوهر التوحيد وظاهره وباطنه والكفر بالطواغيت وبأنواع الجاهليات، والشيء عامة يعرف بضده وما ينقضه، ومنها حرمة الدماء والأعراض وحقوق العباد.. وأهمية قيام العدل عموما.. ومنها ركائز الأخلاق والأركان... والطغاة قد يسمحون لبعض المتحدثين بأمور لا تمس اليقظة الحقيقية، أو لا تنزل للواقع في المفاصل ومحاور الارتكاز، بل فيما لا يضيرهم ولا هو الأصل والأساس، والمواءمة معهم قد تؤدي أحيانا لتجفيف العمل الدعوي من جوهره في التغيير الجذري كما يريدون.. فراع مآل ما تفعل وحصاد ما سبق من تأويلات، وتذكر(يسألني عن دم البعوض -هل يفسد الوضوء- وقد قتل ابن بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم )..

   لا يمكن تحويل السابقين والمعاصرين أولي السبق إذا إلى أنبياء، وتحويل اجتهادهم إلى قداسة معصومة، ويجب ألا نختار بين منهج الوصول إلى الحقيقة وبين النتائج، فصحة النهج لها أولية، وتجارب المصلحين وقراءتهم للواقع هي ضبط للحال ومقاربة عقلية للتنزيل، وإلا سنكرر ونجتر الخطأ ونتجمد ونتحج ، ونظل معلقين مغلقين.

 

التقشف ليس دليل صلاح مستقل، فبعض الرهبان من البوذيين والنصارى سابقا كانوا كذلك.. فلا تقل هذا لا يتكسب منهم إذا هو على صواب.. الحق يعرف بذاته وبراهينه وبالعلم والحجة، وعليه نور..

 وأعتذر عن أي استطراد أو جواب، فهذه محض علامات لا مناظرة. 

نسأل الله العفو والعافية والسلامة من الفتن.

الجمعة، 16 سبتمبر 2022

نصيحة حول المرض النفسي و علاج الاكتئاب و القلق

بعض أصحاب المليارات - مسلمين وغير مسلمين- يزورون العيادة النفسية أحيانا، بسبب خلل في شيء مما يذكر أدناه.. 

( حول مواد: الدوبامين والسيروتونين و الاندورفين والأوكسيتوسين) 

قد يبتلى الإنسان بفقدان شيء أو شخص، أو فقدان وضع ما! مما يرغب في وجوده، أو بفقدان الرغبة! أو بوجود أمور مخيفة أو مقلقة وموجعة، أو بخلل في رد فعله هو! ..

بداية: ليس العلاج بالكيمياء حتميا ولا ناجعا دوما، فالجسم بفضل الله تعالى قد يفرز ويصحح النسب أحيانا، هذا لو تم توجيه المعرفة والسلوك..
والقرار للطبيب المؤتمن، فهناك حالات تلزم العقاقير فيها يقينا، وليس عيبا في كمال المرء وأصل دينه أن يتداوى. 

وبشكل عام فصحة النفس تحتاج إلى أمور منها ما يلي/

 

أول شيء حياة الروح، وصلتها بالذكر! وبالمحبة العلوية بعد العلم والرشاد، وتعلقها باتباع مرضاة الله بأعمال القلوب والأبدان، حيث المدد الرباني، وبلسم الفطر والفكر.. وهذا لا يمنع ورود الامتحان النفسي بل يعين المبتلى به.
 

ممارسة التأمل والخلوة كل فترة.
 

قضاء الوقت في وسط الطبيعة بشكل دوري.
 

الاحتفال بالمكاسب الصغيرة أحيانا لضبط المزاج.
 

 تناول وجبات جيدة، متوازنة كما وكيفا، وتجربة الجوع دوريا، وعدم تجربة التخمة.

 التعرض في أوقات مناسبة لأشعة الشمس، والتريض بجهد مناسب باستمرار، بأي آلية بذل جسمانية متاحة، وتجربة الاجتهاد بالحد الأقصى، مع عدم تجربة الكسل والخمول. 

 الضحك بحرية، دون فساد تشعر بعده بوخز وتأنيب. 

 
 التطوع والنظر للمعاني، ورد الجميل لكل من تعب معك محبا.
 

 إنجاز أي مهمة بشكل منتظم، لتشعر بالإتمام وأداء أي واجب ذي بال، وربما تنال التقدير أو تمنحه لنفسك دون خداع لها، وإلا انعكس ضدك وأرقها، ودون مكافأتها بتخريبها بأي سلوك انحرافي انعكاسي، كمكافأتها براحة متلفة جدا تبدد ما حصلت. 

 
 أخذ الوقت الكافي للعناية بالنفس عموما بمعنى حقها- كذات وبدن ومخ يفكر- في الرعاية وتوزيع الحمل والمساندة والإدارة الجيدة، والصيانة لمواردها المادية والمعنوية، وحمايتها من الآفات البشرية.

قدر من المودة البدنية واللفظية، وليس فقط القلبية، الكلام العاطفي الطيب، والمصافحة والتربيت والعناق المباح والنوم على يد وقدم من تحب، مثلا: الوالدين/ الزوج/ الأشقاء/ القطة/ الحصان... ، والثناء المتبادل، والعطاء السخي بسماحة! 

 

 التسلي الجيد ذي الرواسب المنعشة! ، والتسلية عموما باب واسع، ويختلف حسب السياق.. الأدب والفن واللعب والتاريخ وغير ذلك من المباحات والطيبات وزينة الله التي أخرج لعباده. 

التوازن في ذلك والشمولية، والترتيب للأوليات، وتحصيل الممكن! أو المقدور كما وكيفا، وعدم الاستسلام للعجز عن الصورة المثلى.. 

الابتلاء قد يكون بفقد أشياء مما سبق، بشكل خارج عن إرادتك.
وتحت الضغط يلزمك التصبر والتسليم، ووضع رؤية للتكيف والتعايش، أو رؤية وخارطة مرحلية للتغيير.

كل ممارسات جبر الخواطر وترميم النفس تبنى على الإيجابية والابتكار في أحلك الظروف، ومحاولة المبادرة، مع توسيع المدارك لاستيعاب الألم، وهنا يبرز الفارق بين الإنسان الذي له غاية كبرى ورسالة وقضية، وبين التافه الذي يضخم الصغائر ويتوقف عندها، وبين من هو في أسفل سافلين؛ الذي يهتم بالرذائل أصلا ..

 
 وعامة عند تجاوز الحد في المعاناة كما، أو عند طول المدة يبدأ دور الاستشفاء والاستشارة الطبية والسلوكية المعرفية والعلاجات الدوائية والفيزيقية وغيرها..

ولأن الطبيب ليس بيطريا أو مصلحا لآلة، مع احترامنا لكليهما، فعليه واجب يتجاوز ضبط المصنع إلى التوجيه بسمو وارتقاء ونصح أمين واع ونقاء، لو كان هو نفسه ذا بصيرة وحرص، وهذا من نعم الله لو ظفرت بمثله، وإلا فاجمع من الكسور واحدا.

الأربعاء، 14 سبتمبر 2022

أعطيت الملحد وردة بدل الكتاب للرد على الإلحاد

من كتاب /طريق القلوب إلى الله تعالى. 
ج٢


قال لي

اليوم بدل أن أعطي هذا الملحد كتابا قررت أن أمنحه وردة!

وردة لتربيه! وتعلمه.
وهو للأدب والتواضع أحوج منه للمعرفة وللمنطق، وهو فقير فيهما، ومعدم في التدبر، يقلد وينكر...

هذا ردي ودليلي.. وردة متفتحة، لأن فيها هدية وحجة وبرهانا وموسوعة، لمست في تلك الزهرة كتبا كثيرة وموسوعات كبيرة، وفي ظاهرها وتركيبها معلومات وبينات ولفتات منبهة خارقة للحواجز.. ومن انتبه للإشارات فهو من أولي الألباب.

رأيت كل خلق قريبا أو بعيدا ملهما لرؤية آلاء الله تعالى وصنعه وتوحيده.

سبحانه موجد كل هذا، ومعلمنا أن الكل سابح فيها محكوم، وأنه موسع بناءها وقابضها يوما، وأنه قيومها دوما.

في كل شيء له آية تذكرنا تيسيره تعالى لنا، وتسخيره للأرض خاصة وسط كل هذا المحيط الرحب، وتوظيفه لجميع ما فيها بخبرة خلاق متقن.

كل في دوره بدقة ووفرة وتكامل، وبعلم مسبق واضح، وبجمال باذخ أو بتعمد إظهار الضدين للتدافع أو للتكامل المقصودين. 

بل وهناك عالم باطن مواز لا يمسك باليدين ولا يقاس بمكاييل المادة وجرمها الموزون، ولا تفسره الكيمياء كما يزعم الجهال لأنه يتوجه لأرواح معينة! تنفتح لها الأبواب فجأة وبقوة أو تنغلق، اسمه عالم المشاعر والعواطف والمودة والمحبة والرحمة.. ونقيضها، وكلها آياته سبحانه التي بثها للمتوسمين، ولا يسعهم شكرها ولا حتى حصرها.

وفي باطن كل مخلوق تفحصه تجميل وتزيين لكل مستوى وطبقة وحجم تراه بالأجهزة أو بعينك المجردة.

لكنه تألق للمتذوق المخلص المنصف، البشر لا الحيوان الأرضي ولا العقل الوحشي الافتراسي، بل صافي النفس سليم المزاج، غير فاسد القلب أو تالف النفس، أو الموتور الساخط الجحود أو المتجاوز لحده وقدره، الطاغي على عبوديته ومقامه، والذي يريد أن يكون هو إلها وربا، أو شريكا لله تعالى في تقديره وتدبيره، أو يريد ألا يكون له رب أو إله خلاق مقدر ومشرع ومكلف، يقسم ويقدر ويبتلي ويعافي ويكون الكون..

نعود لذاك التوازن المؤثر بين الكواكب الأكبر منا وتأثيره فينا لو اختل!

بل ولبقاء ذاتك ووعيك وإدراكك لنفسك، ذاك الوعي والانتباه للذات، وهو الذي تفهمه ولكنك لا تستطيع أن تهبه وتصنعه. لولا أن الكلمات لا تطاوع المعاني لبثتك حالي..