ج٢
قال لي
اليوم بدل أن أعطي هذا الملحد كتابا قررت أن أمنحه وردة!
وردة لتربيه! وتعلمه.
وهو للأدب والتواضع أحوج منه للمعرفة وللمنطق، وهو فقير فيهما، ومعدم في التدبر، يقلد وينكر...
هذا ردي ودليلي.. وردة متفتحة، لأن فيها هدية وحجة وبرهانا وموسوعة، لمست في تلك الزهرة كتبا كثيرة وموسوعات كبيرة، وفي ظاهرها وتركيبها معلومات وبينات ولفتات منبهة خارقة للحواجز.. ومن انتبه للإشارات فهو من أولي الألباب.
رأيت كل خلق قريبا أو بعيدا ملهما لرؤية آلاء الله تعالى وصنعه وتوحيده.
سبحانه موجد كل هذا، ومعلمنا أن الكل سابح فيها محكوم، وأنه موسع بناءها وقابضها يوما، وأنه قيومها دوما.
في كل شيء له آية تذكرنا تيسيره تعالى لنا، وتسخيره للأرض خاصة وسط كل هذا المحيط الرحب، وتوظيفه لجميع ما فيها بخبرة خلاق متقن.
كل في دوره بدقة ووفرة وتكامل، وبعلم مسبق واضح، وبجمال باذخ أو بتعمد إظهار الضدين للتدافع أو للتكامل المقصودين.
بل وهناك عالم باطن مواز لا يمسك باليدين ولا يقاس بمكاييل المادة وجرمها الموزون، ولا تفسره الكيمياء كما يزعم الجهال لأنه يتوجه لأرواح معينة! تنفتح لها الأبواب فجأة وبقوة أو تنغلق، اسمه عالم المشاعر والعواطف والمودة والمحبة والرحمة.. ونقيضها، وكلها آياته سبحانه التي بثها للمتوسمين، ولا يسعهم شكرها ولا حتى حصرها.
وفي باطن كل مخلوق تفحصه تجميل وتزيين لكل مستوى وطبقة وحجم تراه بالأجهزة أو بعينك المجردة.
لكنه تألق للمتذوق المخلص المنصف، البشر لا الحيوان الأرضي ولا العقل الوحشي الافتراسي، بل صافي النفس سليم المزاج، غير فاسد القلب أو تالف النفس، أو الموتور الساخط الجحود أو المتجاوز لحده وقدره، الطاغي على عبوديته ومقامه، والذي يريد أن يكون هو إلها وربا، أو شريكا لله تعالى في تقديره وتدبيره، أو يريد ألا يكون له رب أو إله خلاق مقدر ومشرع ومكلف، يقسم ويقدر ويبتلي ويعافي ويكون الكون..
نعود لذاك التوازن المؤثر بين الكواكب الأكبر منا وتأثيره فينا لو اختل!
بل ولبقاء ذاتك ووعيك وإدراكك لنفسك، ذاك الوعي والانتباه للذات، وهو الذي تفهمه ولكنك لا تستطيع أن تهبه وتصنعه. لولا أن الكلمات لا تطاوع المعاني لبثتك حالي..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق