تعلم هذه الدعوات ليقوم معناها في قلبك أولا، ثم تستقيم عليه مواقفك واختياراتك طبقا لحقيقتها.. حين تفهم مقتضاها ولوازمها
.. وترددها لتذكر نفسك بحقيقتها وحقيقة الكون والأيام حولك، ومن ثم تنزل الأنوار فتثبتها، وتقوم أنت التطورات وتعدلها، لأنك بحاجة لذلك، فلا تغمض عينيك أثناء القيادة..
نتواصى بالصبر
.
ولماذا الصبر بهذا التكرار في الكتاب والسنة!
لأن الصبر يسيرك في طريق هجرتك ويصعد بك فتنضج، كأنه نسبة شحن بطارية الهاتف.
والصبر نفسه كيف تجلبه؟ بالعلم ودوام التعلم، والدعاء وتحيل الحيل المشروعة للتصبر، وقبول الرخص المباحة عند الحاجة، وابتغاء الخير بسعي جاد، وهنا يضمن لك التأييد الرباني لليقين وليس عليك النتائج الأرضية.
... لو كنت فارغا ستسأل ولا جواب داخلك، ولو كنت ممتلئا بالزاد فلعله أحرى أن تأتيك العبر والخواطر الشريفة العالية وصور الأسوة المثبتة، وكلما كنت موفقا مستقيما متحريا عاملا بعلمك ومجاهدا بكتابك وجدت ما تتكئ عليه وقت الشدة، وإلا فهي ليست مسألة حسابية بحتة ولا بكم المعرفة النظري، بل التوفيق من عالم السر والخفيات سبحانه.
الصبر.. لدخوله مع العلم والصدق في كل شيء..
مع الصبر تراودك نفسك وتحجزها عن الخطأ، تحجزها عن الانهيار والجزع، وعن الرغبة الممتنعة، وعن الكسل، وتحجزها لتتحمل مرارة الجبن والبخل والاعتذار، وهذا هو الحبس المعنوي الإرادي، وهو إمساك النفس، وهذا هو جوهر الصبر، وهو معنى عظيم في الصوم، ولو افترقا فيمنح كلاهما لصاحبه زادا ودعما ..
الصبر مطلوبك لكي تتبع وتستمسك وتعتصم وتطيع وتنفذ، ولتواظب في عمل دائم وروتين نافع، بلا ترك وانقطاع ولا هبات وفورات ونكسات.
الصبر يرقيك ويجلب صفو الصدق والإخلاص لك مع معايشته..
الصبر تكليف معنوي، وعون على كل تكليف وبلاء ونهي.
.. بمرور الوقت يتعلم القلب ويريد مراد الله ويرتقي، ويشكر في كل حال لعلمه بحسن اختيار مولاه.. هذا علم اليقين وهو ليس كالمعرفة المجردة، ويرتقي لعين اليقين مع تحقق رؤية التصاريف و الأقدار ..
كل فعل وترك ونعمة ومحنة يلزمه نوع صبر لتقوم بحقه وتستريح وتبرئ ذمتك.. وحتى الشكر وقت التنعيم لا يأتي دون نوع صبر على التكليف بالشكر وقتا وجهدا وبذل منه وتأدب فيه..
طريق القلوب إلى الله تعالى جزء ٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق