في يوم من الأيام سأل شخص ما سؤالا للإمام تاج الدين السبكي، معناه/
لماذا تختفي النعمة؟
ولماذا تزول منا وندخل في مشكلة فقدها..
وتسبب السؤال في تأليف كتاب جميل، كتاب يبين كيف تزول النعم وكيف تعود أو كيف يعود ما هو خير منها وأفضل..
وهو كتاب / معيد النعم ومبيد النقم. للإمام السبكي، قاضي القضاة.
والغريب أنه لم يتكلم عن الصدق والأمانة وفقط على العموم، بل تكلم عن أمثلة عملية واقعية من الجرائم والألاعيب الفاسدة والغش في كل التخصصات والوظائف.
الكتاب موسوعة في بيان أشكال المهن في وقته، ويحكي عن توزيع المجتمع إداريا وسياسيا وثقافيا وفي الشارع والخدمات المنزلية والحكومية في زمانه ومستوى التطور الحضاري والعلمي والتعقيد والنظام المتكامل، كل هذا مما قص من مواقف وأمثلة، وقد تكلم عن الصبر ودواعيه، ومنها معرفة حكمة الابتلاء ومناقشة المبتلى ..
.. ولأنه اختلط بالناس وعمل بالفتيا والقضاء فقد خبر المشكلات جيدا وعاشها بنفسه وفهم الخبايا والحوادث والقضايا والحركات الخفية والسفلية.
... ونظرا للظروف السياسية فقد قام باستغلال الكتاب ونصح الطوائف القوية نصيحة واضحة لكنها غير مباشرة باسمهم عينا، تجنبا للصدام وتوعية وتربية وصناعة للتغيير، بداية من اكبر رأس في البلاد..
الكتاب يشرح كل وظيفة ونوع المعاصي التي قد يرتكبها مثل هذا الموظف وما يتاح له العبث فيه، وخدع الشيطان لمن في موقعه، او حتى مزالق هذا الشخص في طبقته في المجتمع.. ووصل للشحاذين والمتسولين ونوع الذنوب في يومهم!
وبعد أن بين أنواع المعاصي التي تسببت زوال النعم قال في النهاية:
/ واذا قلت لي أنا لست من أهل المعاصي فأقول من يقول هذا غالبا ما يكون غافلا فاتق الله و راجع نفسك وتهم نفسك بالتقصير، وعامة لو كنت أتكلم عن أهل المقام العالي الذين هم الأبرار الذين يبتلون لرفع درجاتهم وهم متقون محسنون صديقون لقلت لك كلاما آخر، يعني لما سألتني أصلا، ولكان لنا كلام آخر ، وهو أن ما آتاك إذا نعمة أكبر مما أخذ، وهدية وعلو وتنقية وصفو .. وستعوض أضعافه باحتسابك ورضاك وصبرك وتقاك، هذا لو كنت من أهل هذا المقام الجليل والمنزل الرفيع.. فهنيئا لك ولا خوف عليك ولا يشغلك ما فات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق