1- ليس معنى انتهاء عصر الأراجوزات والممثلين والطواويس والمنتفخين بثياب فضفاضة ومدعي الرفعة ومسوغي عبادة الأوثان والطغيان والتمييع من الرسميين وغيرهم أنه عصر قد تلاشى.
بل القصد هو فقدان هذا العهد المركزي للبريق بعد الربيع, وحدوث مزيد من اهتزاز الحجة الملفقة التي التحفوا بها, ومزيد من سقوط ورقة التوت الزائفة عنهم, بالكلام, وبالصمت حينا, وبالمواقف, وبالمسار! بتقلب السياق وتناقضه وتذبذبه, وببيان ارتباكه, والأثر النفسي فيه, وانقطاعه واقعيا وتاريخيا, ولم يصمد لهم حوار ولا فهم ولا دليل ولا ادعاء أمام الجميع..
ولكن تبقى الفتن , وسيبقى من يعبدون العجل الذهبي, ويتبعون السامري, حتى بعد أن رأوا نبيا وجيها حيا مؤيدا! وحتى بعد أن شهدوا معجزات باهرة, فلا تأس عليهم " فلا تأس على القوم الفاسقين" ...,
ولا تظنن أنه كلما زاد الوضوح زاد الاتباع, فالأمر مرتبط أحيانا بالمشقة - " بعدت عليهم الشقة" وبآفات القلب الخفية والظاهرة,
والهدى هدى الله تعالى, وللضلال أسباب وأشكال وألوان, وليس هو الضياع دوما بصورة وحشية بارزة كالنمرود, ولا هو دوما فقدان علم أو سوء فهم, فقد يكون مع العلم, ولا هو دوما وضع من يحسب نفسه على شيء وأنه يحسن صنعا,
وليس الهدى مجرد معادلة عقلية,
" وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " ...
فقد تقر بها نفسه وتوقن, ثم يجحدها لسانه وعمله ظلما وزيغا
" فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين"
, وقد يرفض الإقرار بالخطأ نتيجة تقلب فؤاد وبصر , وثمرة نفاق قلب- عافانا الله من كل هذا- لإخلاف وعد, وعاقبة فسوق خفي أو جلي ,
" ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا "..فهذا كما قالوا لو تناطحت الجبال بين عينيه ما أفادته عبرة ولا فهما..والشاهد أن المحن والفتن تمحص! وتبين وتمحق! وتكشف, وتفضح, وتسقط المناهج المرتبكة والرموز المنمقة, وتبقي الدرس الصحيح أشد قوة ووضوحا, وتبقي الرمز السوي- ولو ميتا- أشد رسوخا وحجة وحيوية!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق