واقعنا المعاصر ليس مشهدا معزولا..ولا هو حادث سيارة....
منذ زمن طويل والشعوب المهزومة تدفع ثمن تغير نمط حياتها الديني والدنيوي والاجتماعي والثقافي وو,
والاستخفاف بأمر ما مأساة, والتقليل من شأن أي بوادر خطأ وانحراف يولد الزلل والخلل,
والتنازل والتساهل يتمادى لو لم يردع بحسم, حتى يتباكي كل قرن على حال الذين يسبقونهم,
ودفعت الشعوب الثمن بسبب ضعفها واستكانتها عن الذود, وبسبب ضلالها أحيانا عن وجوب هذا الرد والتصدي مع قدرتها عليه, ظنا منها وجوب الصبر والصمت بإطلاق واطراد, إلى ما لا نهاية, بسبب خلل علمي وعقلي ونفسي في التقييم, بغض النظر عن النوايا , وبسبب تركها الأمور تتفلت إلى ما لا نهاية له, ولا قاع له ولا ضابط له, ظنا منها أنها لم تصل للحد الواجب للوقوف والاعتراض والصمود بعد, تارة بدعوى أن الفساد لم يصل للحد المأذون فيه, وتارة بدعوى أن المآل سيكون أسوأ, وتبين بعد ذلك أن الحجتين باطلتان, وأن الانحراف عميق والمصير مظلم والثمن أفدح والمفسدة أعظم وما يتفلت من بين أيديها هو أصل دينها وأصل دنياها, وتبين حقا أن كل شيء تسرب من بين أيديها, دينها ودنياها, وأن مصيرها تدحرج حتى وصل إلى الاحتلال الحقيقي النمطي ولم يكن بيدها شيء ذو بال,
يعني ...سلمت أنفسها لمنحنى سلبي استسلامي جبري, ولمنحدر ركعت فيه, ثم وكل وكلاء للسيطرة,
وأحيانا استعادت طوائف منها ظاهرا ومباشرة فيما بينها زمام الأمور, وأمسكت بالمقاليد طوائف ظلم وتحالفات انتفاع مادي تستقوي بالخارج , وتستعين بأي باطل وبأي عصبيات تجدها في الداخل لتستمر وتتبادل المنافع والسيطرة, ثم تعرض العامة لحملات قسرية للتشويش على الدماغ وغسل المخ, والتشكيك في الثوابت وعزلها عن الواقع, بل والاستخفاف بها, وحدث الذوبان الديني, ثم حدث انتكاس إنساني, وثقافة توحش وزحام أو ذل وعذاب واستسلام, مع الإغراق في المشكلات لشريحة وفي الملذات لأخرى, والإجبار على التشبث بالوسط لثالثة لكيلا يصيبها نصيب أدناها, ومعه غسيل عميق للمخ نتيجة التلقين التعليمي والإعلامي والثقافي بواسطة محابس المال والقوة والتفرغ والنشر.. وغيرها عبر القرون, ليل نهار, مع المحاصرة والتضييق على المخالف,
فجرى تجريف وذوبان سياسي وانحطاط مهني ونفسي, إلا قلة من الآخرين تهتف بهم أو تنعزل, وتفيق حينا وتتخبط حينا..
وبهذا صدمت فئام منهم حين رأت أبناء عمومتها يقتلون أمهاتهم ويحرقون مساجدهم أو يسخرون من ملتهم ولغتهم وتاريخهم وأمتهم وهذه مجرد أعراض للمرض وتوابع كالديدان التي تظهر على بدن الجيف, وليست هي المشكلة ولا إزالتها حل,
بل لابد من فهم أصل الداء ومدى النقلة وحقيقة الوصف للحال وإلا ستدور في فلك بدائل مخزنة احتياطية موضوعة لها سلفا بغض النظر عن نيتها وقناعتها بها....
....
عطفا على الفقرة السابقة: هذا التحليل لحال الصحوة أو التيار من حيث العموم، وكتبت كلمة تعقيبا على مقال أخي القصاص بخصوص شيوخ الاسكندرية: لعل من يريد التحليل عليه العودة لحقبة الثمانينات في مواقف، ثم العودة لبذرة الصحوة، ثم الدور الإقليمي منذ نحو قرن..وهكذا قد تتبين روابط وجذور ومنابع, ولا نتحدث عن النوايا، فكلها محاولات لتصحيح المسار، أو لإيجاد مسار أصلا..لكن الخلفية التاريخية والدينية والاجتماعية للتوجهات، وخريطة تواصلها وتقدمها ودعمها أو غض الطرف عنها, كل يفيدك في تقييم محاولتك، وتقييم تقديرك للواقع، وتقويم فهمك للشريعة..وهذا لا يمس ذات أحد ولا قيمته الشخصية الكريمة, بل لاستقراء حال الصحوة...وأكرر لا ينفك هذا الكلام عن الفقرة السابقة حول الشعوب ومحاولات الإفاقة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق