السبت، 17 نوفمبر 2012

منزلة الذكر...ذكر الله تعالى ..


نظرا لحاجتنا إلى العلم والذكر، حتى أثناء المعارك والملاحم والأحداث، ولا عذر في تركهما، فبهما يصحح المسار كليا أوجزئيا، وترى بنور الهداية هل أنت على صواب أم لا،  وبالذكر تحل الطمأنينة، ليفهم العلم بأناة رغم التوتر المحيط والضوضاء،  فتتمايز الصفوف والمناهج، أورد نقلا جليلا، وهو لا يغني عن التعرف من الكتاب والسنة على أنواع الذكر وحقيقته وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه، بل يفتح الباب لتبحث وتعرف قيمته وطرقه وتكون ذاكرا......:
 قال العبقري العلامة الأديب العالمي ابن القيم "بتصرف يسير دون تغيير":

"منزلة الذكر:
 وهي منزلة القوم الكبرى، التي منها يتزودون وفيها يتجرون ، وإليها دائما يترددون ...

والذكر منشور الولاية الذي من أعطيه اتصل ومن منعه عزل ،

وهو قوت قلوب القوم الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبورا ،
وعمارة ديارهم التي إذا تعطلت عنه صارت بورا ،

وهو سلاحهم الذي يقاتلون به قطاع الطريق ، وماؤهم الذي يطفئون به التهاب الطريق ودواء أسقامهم الذي متى فارقهم انتكست منهم القلوب ، والسبب الواصل والعلاقة التي كانت بينهم وبين علام الغيوب .


إذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحيانا فننتكس

 به يستدفعون الآفات ويستكشفون الكربات وتهون عليهم به المصيبات ،

 إذا أظلهم البلاء فإليه ملجؤهم ، وإذا نزلت بهم النوازل فإليه مفزعهم .

 فهو رياض جنتهم التي فيها يتقلبون ورءوس أموال سعادتهم التي بها يتجرون .

يدع القلب الحزين ضاحكا مسرورا ، ويوصل الذاكر إلى المذكور ، بل يدع الذاكر مذكورا .

وفي كل جارحة من الجوارح عبودية مؤقتة ، والذكر عبودية القلب واللسان وهي غير مؤقتة ، بل هم مأمورون بذكر معبودهم ومحبوبهم في كل حال : قياما وقعودا وعلى جنوبهم .


 فكما أن الجنة قيعان وهو غراسها ، فكذلك القلوب بور وخراب وهو عمارتها وأساسها .

وهو جلاء القلوب وصقالها ودواؤها إذا غشيها اعتلالها ،

وكلما ازداد الذاكر في ذكره استغراقا : ازداد المذكور محبة إلى لقائه واشتياقا ، وإذا واطأ في ذكره قلبه للسانه : نسي في جنب ذكره كل شيء وحفظ الله عليه كل شيء وكان له عوضا من كل شيء .



به يزول الوقر عن الأسماع والبكم عن الألسن وتنقشع الظلمة عن الأبصار

 . زين الله به ألسنة الذاكرين كما زين بالنور أبصار الناظرين ، فاللسان الغافل : كالعين العمياء والأذن الصماء واليد الشلاء .

وهو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بغفلته .




وبالذكر : يصرع العبد الشيطان كما يصرع الشيطان أهل الغفلة والنسيان .



وهو روح الأعمال الصالحة ، فإذا خلا العمل عن الذكر كان كالجسد الذي لا روح فيه . والله أعلم . "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق