الجمعة، 7 نوفمبر 2014

قال: 
وكم من مرة أجد الأفضال الربانية وصلتني، 
في وقت كنت أتلمس فيه ما يبرد قلبي،
وأقلب وجهي بدعوة أن يرضيني ربي بعلمه وقضائه ..
وكنت قد سطرت في كتاب تهذيب شرح الحكم العطائية  بعنوان طريق القلوب إلى الله.. 
"صبرهم على أقداره، علمهم بما أودع فيها من لطفه وإبراره..
فالعلم والفهم للسنن الكونية والألطاف الربانية من مجموعة أسباب توجب صبر العبد وثبوته لأحكام سيده ومولاه، وقوته عند ورودها... وهو المعطي لكل ذلك بفضله، والمانّ بذلك على ذوي العناية من أهله..

والعلم ما نفع، ليس العلم ما حفظ..
العلم الخشية..

العلم ليس بكثرة التحصيل بل لابد من نور العمل به، وإلا… لم يأت على حقيقته،  ولا بقي لك.. بل محقت بركته.. فتظل أعمى..

وعلى الحق نور كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه،

وحسن الفهم في العلم نور كما قال ابن القيم رحمه الله،

ونور الله لا يهدى لعاصي.. كما قال الشافعي رحمه الله..

و "إنما يعينهم على حمل الأقدار، ورود الأنوار"

الأنوار إذا وردت كشفت للعبد عن قرب الحق سبحانه بتمام علمه ومعيته وقدرته وإحاطته، وأن هذه الأحكام لم تكن إلا عنه تعالى ، فكان علمه بأن الأحكام إنما هي من سيده سلوة له، وسببا لوجود صبره.

ألم تسمع لما قال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {واصبر لحكم ربك، فإنك بأعيننا}. أي:

ليس هو حكم غيره فيشق عليك، بل هو حكم سيدك القائم بإحسانه إليك، ولنا في هذا المعنى:

وخفف عني ما ألاقي من العنا *** بأنك أنت المبتلي والمقدر

"إنما يعينهم على حمل الأحكام، فتح باب الإفهام"

إذا أورد الله تعالى على عبده حُكما، وفتح له باب الفهم عنه في ذلك الحكم فكأنما أراد سبحانه أن يحمِلَه عنه، وذلك أن الفهم يرجعك إلى الله، ويحثك إليه، ويجعلك متوكلا عليه، وقد قال تعالى:

{ومن يتوكل على الله فهو حسبه}. أي كافيه وواقيه..

"إنما يعينهم على حمل البلايا، واردات العطايا"

وذلك أن واردات العطايا السابقة من الله إليك، تذَكُرك لها مما يعينك على حمل أحكام الله، إذ كما قضى لك بما تحب، اصبر له على ما يحب فيك.

ألم تسمع قوله تعالى:
{أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها}.

فسلَّاهم الحق فيما أصيبوا بما أصابوا؛

وهذا من العطايا السابقة.

   "إنما يقويهم على حمل أقداره، شهود حسن اختياره"

وذلك أن العبد إذا شهد حسن اختيار الله تعالى له، علم أن الحق سبحانه لا يقضي إلا خيرا … فيقضي بالآلام العابرة الزائلة مع الأيام اختبارا يترتب عليه الجزيل الدائم من الفضل والإنعام الأبدي، ألم تسمع قوله تعالى:
{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

  "إنما صبرهم على وجود حكمه: علمهم بوجود علمه"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق