الجمعة، 14 نوفمبر 2014



"بمناسبة الخوض في موضوع الانتحار-4-


لأين أنت ذاهب؟ هل تضمن أن الألم هناك أقل؟ معك صك وعهد من الله؟ هل تضمن أنك لن تجد نفس الوجوه الكالحة التي حطمت حياتك معك هناك؟ لفترة- تطهيرا لك- أو للأبد!
لست من العشرة المبشرين بالجنة! تذكر هذا

تترك لهم الدنيا؟
 ولا تقف بشرف ولا تكافح لتعول نفسك وتغير الكون، تتركه لهم بعد أن فعلوا بك كل هذا؟ ولا تضمن أنك لن تعذب بجوارهم هناك؟ ولن تستطيع الرجوع لإصلاح ما أفسدت والتوبة




المزهقون نفوسهم    = لا يقدرون على الإعاده

ليسَ الفرار من التكا     =    فح للحياة من الجلاده

هناك خلق كثيرون رأيتهم بعيني ظروفهم أصعب من كل المنتحرين الذين ظهروا، وعناؤهم كان أطول زمنا بكثير وأشد مرارة، ولم ينتحروا، ولم يترددوا أصلا في رفض هذا الخيار، وهو حل سلبي،



قل: اللهم املأ قلبي بحبك

بحق من أحياك، كفاك البكاء هائما كفاك، ما لذاك فائدة، ولا لذاك خلقت، لا تدع اليأس يستحكم
منك، ولا تعول على الانتحار فبئس القرار، ولا فضل لك ولا منك فيه!


لم نقل ارض بالقدر ونم في فراشك، بل ارض بالقدر الرضا الصحيح الإيجابي وخذ بأسباب التغيير، تنل رضا الراضين وشرف الساعين، وأجرا لا يضيع أيا كانت النتيجة الدنيوية..


لا تحترقوا ولا تشجعوا الناس بهذا الشكل، وإلا فقد سلكتم غير سبيل المؤمنين

وهذا انتحار للأمة بشكل جديد.. حتى وإن أعقب نتيجة مادية لفترة، فإن المشهد الأخير ليس في الدنيا



لا هل لداعي اللّه في الأرض سامع  =       فإني بأمر اللّه يا قوم صادع          
وهل من يرى للّه حقاً ومرجعاً        = إليه وأن الدين لا شك واقع                    
وهل من يرى أن الحقوق التي دعا    =     إليها رسول اللّه غفل ضوائع                


ثلاث رسائل قصيرة عبر الهاتف وصلتني كردود أفعال على موجة الانتحار:


"لدي مريض بحاجة إلى عشرة أكياس دم، وجزء من الكبد للتبرع، وحالات صعبة فعلى من يود الانتحار الاتصال بي لنأخذ كل الأعضاء السليمة"

"وماضاقت الدنيا الغرور وإنما    =    يضيق ضعيف العزم عن طلب الشغل"


" لو ركبوا قوارب الموت هربا لأوروبا لكان أفضل"


هذه كانت عينة لا أقرها لاختزالها وأسلوبها... والأن:      

نتيجة تمجيد المنتحر وجعله رمزا!
عيب وخيبة كبيرة أن يدافع العقلاء عن المنتحر!
نعم هو ضحية وقف هنا...لكن من المغالطة المميتة لغيره ما تقومون به:
عيب أن يصير شهيدا..!

ربطوا الجياد على الجهاد ورابطوا    =     يبغو الشهادة في رضا الوهاب


 هذا لم يكن حادثا غرق فيه لا إراديا، أو مضمارا أرخص نفسه فيه لله تعالى، لتكون كلمة الله هي العليا...

لم أقل أنه من العيب مواساة أهله، أو رجاء التجاوز الرباني عنه في دار القرار لظروفه.. ولم أقل أن المنتحر سيء والحكومات صالحة جميلة حسناء غير فاجرة ولا نازية..

 لابد من قطع الطريق على الذين يلقون بالتهم على الناطق، لرفض المنطق والمنطوق به!  حرصا على الحقيقة وليس على شخص، لأن التشويه يطال المعلومة ويطمسها، عندما يقال هؤلاء نخبة صالونات أو دعاة سلبية.. ولا أبرئ نفسي لكن حسابها على الله..

انتحر لظروف سيئة؟
والسعي في تحسينها  =     للمؤمنين من العباده                
ما الانتحار لمستطي    =   عٍ أَن يعيش سوى بلاده                    
إثم نصيب المرء من      =  هُ عكس منزلة الشهاده                
ما إن يحاوله امرؤ    =   ذو مسكة وله إراده                  


نعم..
نعزي أهل المنتحرين وهم أهلنا، والذين ماتوا قطعة منا،

 ونعم.. هناك تعاطف واجب مع المنتحرين جميعا، ولسنا قساة، بل هو الحزم والعدل وإن كان حدا وحادا،

 وتعاطفنا ليس منة من أحد، وهناك رجاء التجاوز والصفح بلا شك،


 و نعم ثالثا.. لا يصح غض النظر عن الجرم الأكبر للنظام الذي دفع بالمنتحر للإحباط، بطحنه ماديا ومعنويا،
وبسرقة حقه -ككائن حي، وليس فقط كإنسان- وقهره،

 وكذلك بما فعله نظامنا من أنه رباه وربى الشعوب كلها على  صورة شخص "مسخ" لا هو شرقي عريق، ولا هو غربي صميم، من خلال إعلام خشبي تافه وعار، ومفرغ من القيم والإيمان، بل ومفرغ كذلك من التفكير العملي الموضوعي، والمادي العقلاني الغربي،
 فلا هو روحاني ولا هو نفعي،
 ولا هو أكاديمي حضاري تقني مبرمج،
ولا هو بطل شجاع أبي مناضل،



ولا يخرج تعليمنا وإعلامنا وثقافتنا كوادر أوروبية تعمل وتنتج وإن كانت بلا ملة..
 حتى ذلك ضنوا به علينا،
 فلن نصير دولا متقدمة، ولن يعلمونا-إلا تعرية المرأة- ولن يطورونا،

 وليس هذا المنتحر أي شخص بل هو كل شخص، سلب حقه في الحياة، أي حياة، لا كريمة ولا مهينة، وسلط عليه ثقافة وإعلام محبطان، ودافعان للقهر واليأس من كل شيء، حتى من الدين ورجال الدين، الذي لن يكلف مالا ، فصار هشا ينكسر بل يتفحم مع البلاء، بل يشعل نفسه، ويتفاعل بشكل غير مشروع وغير معقول..

وليس نظاما واحد فعلها، بل تواطأت عصبة دولية على إبقاء الوضع كما هو ..

.. عالم نصفه ذئاب ونصف نعاج..
..
على أية حال.. إدانة الانتحار هنا لا تختفي، ولا يحمل أحد وزر أحد، بل يحمل معه وزرا دون أن ينقص من وزره..
وإن كنا نقول أن هناك فوق العقول من يفتنها بشتى الطرق والمغريات القذرة ويحبطها بالصور الفجة الداعرة، وشاركه المجتمع المحيط بإنتاجه لثقافة سلبية خانعة..

في الغرب وأقصى الشرق "اليابانيون" مارست طوائف منهم الانتحار الجماعي، والطوائف الضالة الكثيرة
فهل سيلقي المصريون أنفسهم في ماء النيل؟
في مقابل ماذا؟
أحاجيك ما تبغيه من شرف القتل  =        ولم يرضه إلا ضعيف أخو جهل!

نقول ثانيا:
ولأين أنت ذاهب؟ هل تضمن أن الألم هناك أقل؟ معك صك وعهد من الله؟ هل تضمن أنك لن تجد نفس الوجوه الكالحة التي حطمت حياتك معك هناك؟ لفترة- تطهيرا لك- أو للأبد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق