الأحد، 17 فبراير 2013

تتمة لموضع الكفاءة في الزواج-2-


تتمة لموضع الكفاءة في الزواج-2-
-

الحمد لله رب العالمين:
الوصول للحق بغيتنا إن شاء الله
هذه عدة نقاط أخرى للتأمل:

*ليس كل عدم تناسب وعدم تكافؤ جاهلية أو تفضيل وتقليل من شأن وقدر
أحد بل هذا عدم تناسب في موضوع محدد وهو التناسب كزوج
يعيش ويتودد ويرجو أن يؤدم بينهما وأن يسكن إليها وتكون بينهما ألفة

الكفاءة: عرفها الحنفية بأنها  مساواة مخصوصة بين الرجل والمرأة
   البحر الرائق:3/137.

فليس القصد المساواة التامة العامة من عدمها، وليس عدم الكفاءة أنه أدنى من المرأة ولا يصلح وليا عاما فوقها

 " اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم حبشي ، كأن رأسه زبيبة " . انظر الفتح [ 2/184 ] .

والزواج ليس كالإمارة بل مبناه الحب وتهذيب الطبائع يكون بالتسلسل..


لهذا لم يكن بالأمر بل بالرغبة:
"وقال ابن مسعود لأخته : أنشدك الله أن تتزوجي مسلماً , وإن كان أحمر رومياً أو أسود حبشياً"



 ولأن الكفاءة  حق للمرأة , أو الأولياء فلم يشترط وجودها للصحة  كالسلامة من العيوب، ولهم التنازل عنه
لكن ليس لأحد وصفهم بالخطأ لو اعتبروه حرصا على الحياة الزوجية ..

" إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته ( الخسيس : الدنيء - قال : فجعل الأمر إليها فقالت :( قد أجرت ماصنع أبي, ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء ). رواه أحمد والنسائي وابن ماجة


ولا يعني مساوة أخوة الإيمان أو حتى أبعد من ذلك بكفاءة النسب

" يقتل المسلم بالكافر الذمي ، ولا يدل ذلك على أنه غير معتبر في النكاح " . انظر فتح القدير [ 3/185 ] .



*إذا : الجواز ووضع الأمر في الاعتبار لا يعنيان الوجوب...

*معاذ الله أن نشجع على الجاهلية، بل نقلل مفاسد رواسبها، بمنع
الضغط على القوم حديثي العهد، ومعاذ الله أن ندلس ونتعمد إخفاء
رأي معتبر -نعتبره جديرا بالذكر-وهذه أمانة بين الكاتب وربه


*أرجو إعادة قراة الموضوع بتأن, فأحسب أني تحرزت قدر الوسع فيه...
وهذا محض طلب أن يقرأ ثانيا بتؤدة..

*الفارق بين الفقهاء الأربعة الكبار، وبين أهل المصالح والمفاسد الجدد أنهم يحلون الشيء
دون تنويه لحكمه الأصلي بأنه محرم،  ولا تبيين لضوابط الضرر والمفسدة...


* أهل الأصول ينظرون لأي أمر بجمع كل أدلته وليس فقط أدلة العموم،
ثم بالنظر للقواعد الفقهية والأصولية والمقاصد
التي هي مستقاة كذلك من أدلة شرعية قرآنية أو حديثية، والنظر
للواقع وما اعتبره الشارع الحكيم من مصالح وما أهدره من مصالح كذلك، ويجمعون الدليل الخاص
بالمسألة للكليات، ليخرج الرأي الفقهي كأصل واستثناءات، ولا يضعون
نصا معتمدا واحدا لغلق التفصيل والتخصيص والملابسات..وهذا سبب الاعتبارات
الفقهية الكثيرة والاستثناءات وإلا لما كان هناك فقه



*خلاصة المكتوب أنه ليس حراما ولا مانع شرعي حسب فهمي من أن يعجب
إنسان ويتزوج فتاة من أي وسط إذا رأى أنه سيتجاوز العقبات
في السلوك والسمت والطعام والزينة والحوار وكل العشرة..


ولكن إذا رأت هي أو وليها أنهما لن يتجاوزا ذلك بالحب، وأن مصير هذا
الزواج الشقاق والبرود فلا يعاب عليهما بأنهما في جاهلية لرفضهما ، فالإنسان وليد
بيئته ومجتمعه ومحيطه غالبا ..وأحيانا غير ذلك بلا شك
..لهذا فالأمر فيه اعتبار وليس شرط صحة
كما يصح لها رفضه بدون إبداء الأسباب، ويجب أن تستأمر أو تستأذن،
ولا يقال لها لماذا ترفضين وكيف ترفضين،
بل يوقف العقد لو أبت، وقد يكون رفضها لأي اعتبار نفسي أو مزاجي
أو عقلي أو إحساس وشعور تراه هي
فلا يقال لها هو كفؤ لك والمؤمنون إخوة ولابد من تزويجه إياك
لأننا نرضى دينه وخلقه...لأن الصحابيات رفضن في تلك الأمثلة
وهذا يكون رفضا للشكل وللشخصية أو لرائحته وحديثه
وسط الرجال-في اعتبارها للرجولة  وهو مبعث خضوعها القوامة- ولأي شيء لا ترغب فيه..
وكل هذه السمات وليدة القوم والحرفة والمناخ..غالبا..وليس دائما..لهذا
فكل حالة لها ملابساتها ولها حريتها..لكن لا يقال لها أنت في جاهلية..
فجل حالات الطلاق والفسخ والمشكلات سببها تباين القوم عن بعضهم
واختلاف أفهامهم وأشربتهم


* تحطيم التقاليد مثل منع الزواج مع فارق النسب ومثل منع زواج زوجة المتبنى
 تم بفعل عملي واقعي من النبي صلى الله عليه وسلم
ومن بعض الصحابة رضي الله عنهم بأمره هو صلى الله عليه وسلم،
وليس معناه وجوب وفرضية الفعل على كل مسلم بل جوازه،
 وبيان إسقاط هذه المحرمات غير الشرعية كمحرمات، وبيان الإباحة والجواز أوالاستحباب
ما لم يرد نص بغير ذلك..
فكانت التقاليد تقول بالمنع ففعلها ليثبت هدم هذا المنع..
لكن هذا لا يعني إلزام كل أحد ولو قال صلى الله عليه وسلم ذلك لوجبت
لكنها السعة والتدريج في تربية المجتمعات والتعامل مع الأنفس البشرية
المختلفة

*الدين نفسه قد يكون ستارا للنفاق
ورواسب الجاهلية الباقية لو أزيلت من الأنفس لصار الناس مثاليين كالملائكة
لكن هذا ليس موجودا، لهذا يضع الشرع اعتبارت للتعامل مع هذه سدا للذرائع
فقد تجبر الناس وتنهاهم عن أمور فتفتنهم، ويقعون في المحظور بسبب هذا
لهذا هناك أمثلة شرعية كثيرة للتحرز من المفاسد تتعامل مع الناس كبشر مخطئين
لديهم رواسب وهي ليست إلزامية وهذا ما نقول به هي ليست شرط صحة
لكن لا يلام من اعتبرها...
الأئمة الكرام نربأ بهم في الجملة عن الاتفاق على سوء النية والقصد ونحسبهم كذلك والله حسيبهم
وليسوا معصومين من الخطأ لكن اتهامهم أمر جلل فهم أقمار الأمة التي ضحت
وليست لها مصلحة خاصة بل وقفوا بدمهم وتأذوا بسبب قول الحق وما يعتقدونه الصواب دوما

وابن حزم رحمه الله جانبه الصواب وأخطأ والدليل ليس مفصلا ولا مخصصا
ولا يمكن العمل به بإطلاق دون اعتبار لغايات ومقاصد التشريع التي هي مستقاة
من جملة أدلة أخرى وهذه هي مشكلة الظاهرية التي أدت لأخطاء شهيرة للمذهب الظاهري
بسبب أصوله الجامدة

ولو كان يقصد المساواة فهي موجودة، لكن لا يلزم منها الكفاءة التي هي التناسب
للزواج، والحض على قبول الخاطب لو كان سكيرا قاذفا سارقا
وعدم ذكري لقوله لكونه متضمنا في أقوال الأئمة وليس متعمدا فهو ليس من الأئمة الأربعة
الذين عليهم مدار الفقه عندي في الأغلب الأعم وليس على الإطلاق لهذا
لم أسقطه ولم يأت بما لم أذكره فقد اتفق معه جزئيا أقوال ذكرتها وأوردتها
 وأستغفر الله العظيم

فهل يقول أحد بقوله أن السكير كالمستور لكونه وقف على النص
دون تتبع دلالته كما هو حال الظاهرية، فلا ينظرون للحكمة والعلة ولا يعترفون بها



المالكية:
 قال الدسوقي: ( منع تزويجها من الفاسق ابتداء وإن كان يؤمن عليها منه، وأنه ليس لها ولا للولي الرضا به، وهو ظاهر؛ لأن مخالطة الفاسق ممنوعة، وهجره واجب شرعا، فكيف بخلطة الزواج)

"وقال أحمد في الرجل يشرب الشراب : ما هو بكفء لها ، يُفرق بينهما"


...معاذ الله أن يشجع الأئمة الجاهلية بل تعالج لكن الحل الاجتماعي
ليس,كحلول المشكلات الفيزيائية..... لا مصلحة شخصية لي في اختيار
أحد القولين



*فالكفاءة لا تعني الفخرولا الفضل، بل المناسبة والمواءمة النفسية والحياتية
للعشرة، وما يقال أنها معتبرة معترف بها
فمن شاء أخذ بها، حرصا على عدم إنشاء زواج به مشكلات
ومن رأى أنه يتجاوزها، بسمو تربيته وخلقه
ودينه أو لأي اعتبار فله ذلك
فقد  نقلنا أنها ليست شرط صحة



*والكفاءة لا تعني تحريم الارتباط
 لمن لم يعتبرها شرطا، بل هي اعتبار سائغ عند فقهاء محترمين كبار، لمنع النفور
فليس من الحكمة إجبار الناس على شيء، ثم المعاناة منه
وكما أغلق الإسلام باب الرق تريجيا، فباب الفروق جزء منه يغلق تدريجيا
لكنه لا يغلق بأمر بل بتربية ولا يختبر الورع فيه بحياة الناس








*المتساوون والإخوة  قد لا يكونون أكفاء للزواج لتنوع شخصياتهم،
 بمعنى أنهم قد لا يكونون متوائمين وليس موضوع مقامات..
فقد تجد شقيقين متنافرين، في كل شيء
ومن ثم بيئتهم متغيرة عن بعضهما
بعد أن شق كل منهما طريقه بطريقته

ولهذا فأبناؤهما
بنفس النسب
أبناء عمومة

يكونون مختلفين سلوكا وخلقا وحرفة ودينا وسمتا وهديا ،وكثير من الشباب يتحمس للزواج بسبب الإعجاب، والحب العارض ويصدم بخلافات مريرة بعد انطفاء جذوة الحب


*وهذا لا يعني غلق باب الاستثناء، لكنه تعليم للناس ليتأنوا، وليعلموا أن من وضع الاعتبار لا يلام،
فهناك فقهاء أجلاء نحسبهم على  خير والله حسيبهم، وضعوه في الحسبان


*ولو كانت ستارا للطبقية فمخطئ صاحبها، ولو كان القصد أنها تعالج  تبعات الطبقية
التي لم تتخلص منها النفوس بمنع الاحتكاك والطلاق، بمعنى أنها لمنع الضرر الناشئ عن
الشقاق وسوء الأخلاق، وحتى يصلح المجتمع فما الإشكال، وقد تم التنويه بعد حرمة
الزواج وعدم الاعتراف بالطبقية لكن لا نضع الناس في محك ملتهب ما لم ينتووا ذلك
وتترجح لديهم العشرة بالمعروف..

وهنا نقلان للفائدة

" كأن يكون هناك من يعمل في الفحم -مثلاً- ثم أتى ليتزوج من أناس يكرهون هذا وخشي حصول فتنة، فإنه لا يصار إلى ذلك؛ لأن هذا شيء فيه مضرة "

"والأفضل في مثل هذا النوع من الزواج أن لا تتم الموافقة إلا بعد بحث وروية ونظر، لأن البيوت لا تؤسس على العواطف وحدها، ولا تكون الزوجة دائما في حالة قوة نفسية وإيمانية تمكنها من الصبر، فلذلك يستحسن تدخل الأولياء في مثل هذه الأمور كمستشارين لا كمجبرين"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق