تذكرت موقفا فيه نصيحة عملية ، لعلها تجلي شيئا من الحقيقة الواجب حملها لمحتاج وملهوف ومستبصر ومكروب....
ويعتب الأحبة لعدم كتابة هذا التاريخ ودونه مفاوز..
منذ عشرين عاما كان معي شقيقان سجينان في جب المظلومين بأبي زعبل ثم العقرب ثم الصناعي كما يسمونه… ، مكثا قرابة العامين بجواري، قبل أن يفرج الله تعالى عني بكرمه ومنته وحده،
وطوال هذين العامين أقسم بالله أني لم أسمع لهما صياحا ولا صخبا ولا صراخا ولا لحظات ضعف من أي نوع… ولا أي شيء يخل بالمروءة والوقار والجمال!… كانت الظروف بشعة.. والراسخون تماما عقلا ونفسا طوال الوقت قلائل...فأحيانا يصمت أحدهم فترة صمتا مطبقا… هذا أقل شيء ..، كنت أرى مئات في العنابر أو المستشفى أو عند النقل للنيابة أما هذين فكانت لكليهما بسمة هادئة وديعة غير متكلفة.. دوما بنفس السلاسة نتصافح ونتحدث ولا أسمع إلا كل صوت ندي ولا أرى سوى أدب جم، وذكر وتذكير برب العالمين… وكانا يجلسان معا غالبا ..أسرة متميزة.. وبعد السماح بالمصاحف! .. لم أكد أفتقد المصحف الشريف في يد أحدهما بدون تعرض للنظر.. تذكرتهما حين رزقت بموعظة اليوم .. كم علمني سكونهما وصبرهما ورضاهما دون وعظ مباشر... وتذكرت قول بعض السلف الصالح " يقولون: أكثر الناس صبراً أكثرهم صلاة."...وتذكرت نصيحة صاحب الظل الوارف الظليل فيما معناه أن النفس إذا طاولها الباطل، وزاحمتها الشواغل وأرهقتها الفتن، توقفت كالظمآن واحتاجت إلى زاد، ويأتيها بالتصبر والصلاة، ومن يتصبر بصدق يصبره الله .. "واستعينوا بالصبر والصلاة" وقالوا : "وإذا انتهى الصبر فعليك بالصلاة."...ولكن انظر صلاتهم من صلاتك وكل دينهم من دينك.... توحيدهم ..إيمانهم... أخلاقهم.. .. وكما قال شيخ الإسلام.. " إسلاما حسنا! "..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق