لا أحد يختار نوع ابتلائه دوما..
تأملت طرفا من بلاء الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وبلاء الصحب الكرام- رضوان الله عليهم- ومحن حياتهم أثناء رحلتهم نحو الإسلام...ثم وفياتهم…
لا أحد يختار نوع ابتلائه دائما…
فقد تقدم على ما تضحي به وفيه، وأنت في هذا المجال قوي النفس مشوق، فيقابلك ما تضيق به ! مما يختلف عما توقعت،
أو يقابلك اختبار أنت فيه مضمحل ضعيف فاتر، وتمر بحال يبدو لك بطيئا غريبا باردا مضجرا…
أو يمر بك سريعا متلاحقا لاهثا مضنيا كالطرق فوق الرأس... يحتاج إلى مجالدة مختلفة، لكنه فردي عصي على الشرح والتوضيح.. فتختبر ذاتك وكأنك تسبح وتبحر وسط موج متلاطم، وكأنك في خلوة وأنت لست كذلك..." فقد رأيتموه وأنتم تنظرون"…
وقد تمتحن قلبيا وبدنيا بما يبعد عن توقعاتك، وما يبعد عن مقامات وعن رفقة معينة، صحبة حسبتها تصحبك وتحيط بك وتظل معك، وبما يبتعد عن أحوال وأوضاع خطرت ببالك..
وهذا هو الاختبار والبلاء المبين..
أن يعز عليك فتحتسب وتستغفر..
فقد يهون عليك الجوع والقصف ولا يسهل عليك ما هو أيسر ظاهرا، والعكس.. قد تبتعد إلى العافية ملبسا إياها ثوب الصواب فتهلكك كما أهلكتهم..
فالمعافاة الحقيقية التامة ليست هي المعافاة من الأمراض والفقر والخوف والفقد والفراق…
وكل المصائب يتلوها عوض القضاء بالحق لمن يستحق، عوض لا يكافؤها بل يزيد عنها ، وبعضها فقط لا يد -مباشرة -لك فيها…وأمامك عزم الأمور..
وقد يأتيك الشيطان من مأمنك، ويدخل لك الهوى من حيث تقديم واجبات مطلوبة، وأمور تفعلها هي خير في ذاتها، لكنك تقدمها على الأولى والأوجب، ..ولهذا وجب ألا تزكي نفسك.. فسبحانه وتعالى لا يريد شهادتك لها، وهو أعلم بمن اتقى…فإن زكيتها خفية اعتمدت خياراتها دوما...
فدورك أن تتحرى لذاتك، وأن تراجع خياراتك، وأن تدرك أن هذه الأحوال سيقت لتختبر قلبك، فلا تغتر ببشرى أو تقنط بهاجس..
فمراحل الرحلة تقطع لكي تزكي وتنقي سريرتك، لكي تحلق بطول صبرك...
وهذا ليس عضا ظاهريا بالنواجذ فقط، بل هي رحلة عقلية روحية تتلمس فيها وتبحث وتحاول، فتتجاوز محنة عقلية ..عقبة عقلية.. ربما يسببها التباس ذنب خفي أو هوى مبطن، أو تقصير في سعي وفي تسبب وتبتل ورجاء هدى… سعيا نحو الحق، نحو الهدى الذي تطلبه في خمس صلوات في الفاتحة، نحو التقوى فالفرقان… وبتخطيها تتجاوز قرارات وخطوات، أو تتجاوز بالتقوى والفرقان مرور أوقات، وهي أعمار تسلم بين الرضا والصبر..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق