الغرض من النقاش حول شرعية المغتصب هو التفريق بين من تغلب وهو يحارب الدين ويحاده، ويحابي هادميه، وبين من تغلب وظلمه دنيوي بالأساس ولا يمس التوحيد والتشريع من حيث الأصل.. لكن المسألة ليست في واقعنا كما تصاغ ، فالشرعيات - الشرعية المقبولة دينا- تستمد من الإسلام، ثم من البيعة والعهد بما لا يقر شرطا باطلا، وكلاهما غائب عن المشهد على الحقيقة، فلا الديمقراطية ولا الشرعية الدستورية ولا الاحتكام لمظلتهما القضائية الوضعية غير الإسلامية بمشروع هكذا في ذاته، أو في أفراده الذين يمارسونه، فهي لا توافق الاستسلام بالتوحيد ، ولا الوسائل الجزئية بموادها وبنودها وشروطها ومواثيقها، هذا بفرض أن الأشخاص أعلنوا براءتهم وكفرهم بهذا الطاغوت… في الصحيح : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"… وفي الصحيح أيضا " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط"
ليست في مجمل تفاصيل الإجراء كما ذكرت أعلاه ، بل في الأساس والأصل الذي بني عليه العمل، والمبدأ المناقض للإسلام والاستسلام الذي استقيت منه فكرة ولفظة الشرعية العصرية، ثم في عدد من الشروط الملزمة الباطلة داخل تلك التفاصيل والممارسة، وكل هذا يمثل الشرعية الحديثة التي يستمد منها اللفظ مدلوله أمام الغرب والإعلام وتسحب منه كذلك وتذهب لغيره ، فالنظام الأساسي باطل والدستور الوضعي باطل بشكله ومضمونه وما بني عليه وما اتكأ عليه… مخالف لترك نواقض التوحيد العشرة المجمع عليها… ، ومن ثم النظام السياسي والتشريعي البشري ، فهو لو وافق الشرع يوافقه اتفاقا لا تعبدا، يوافقه لكونه اختاره وأقره دنيويا، لا لكونه التزم بالشرع وسلم له وانقاد وخضع بأي وثيقة وبأي مفهوم، ثم اختار واجتهد بعد ذلك واختلف وتنوع وقام بأي طريقة يراها مشروعة تحت إطار إعلانه الخضوع للمحكمات والثوابت الإسلامية … فالبطلان في أمور كثيرة منها الديمقراطية المفتوحة الممارسة وفكرة تداول السلطة بين المناهج لا البرامج! ، وبين الأشخاص الممثلين للملل! ولحزمة القوانين الوضعية التي يبشر بها كل منهم والأيديولوجية التي أتى بها ويريد تطبيقها… ثم وضع اسم الإسلام فوق هذا كله.. وترك الاختيار لكل الأفراد من كل الملل المعلنة وغير المعلنة وجعله ملزما وممثلا للوسطية الإسلامية…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق