قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية :
... وقد أشار إليه بقوله:
{إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون}{من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون}
{إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم}.
فهذا من أعظم الآيات:
أن رجلا واحدا يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب، غير جزع ولا فزع ولا خوار، بل هو واثق بما قاله، جازم به، فأشهد الله أولا على براءته من دينهم وما هم عليه، إشهاد واثق به معتمد عليه، معلم لقومه أنه وليه وناصره وغير مسلط لهم عليه.
ثم أشهدهم إشهاد مجاهر لهم بالمخالفة أنه بريء من دينهم وآلهتهم التي يوالون عليها ويبذلون دماءهم وأموالهم في نصرتهم لها، ثم أكد ذلك عليهم بالاستهانة لهم واحتقارهم وازدرائهم ولو يجتمعون كلهم على كيده وشفاء غيظهم منه، ثم يعاجلونه ولا يمهلونه، لم يقدروا على ذلك إلا ما كتبه الله عليه.
ثم قرر دعوتهم أحسن تقرير، وبين أن ربه تعالى وربهم الذي نواصيهم بيده هو وليه ووكيله القائم بنصره وتأييده، وأنه على صراط مستقيم، فلا يخذل من توكل عليه وأقر به، ولا يشمت به أعداءه.
فأي آية وبرهان أحسن من آيات الأنبياء وبراهينهم وأدلتهم ؟ وهي شهادة من الله سبحانه بينها لعباده غاية البيان.
ومن أسمائه تعالى"المؤمن"وهو في أحد التفسيرين:
المصدق الذي يصدق الصادقين بما يقيم لهم من شواهد صدقهم، فإنه لا بد أن يري العباد من الآيات الأفقية والنفسية ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغه رسله حق.
قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}،
أي القرآن،
فإنه المتقدم في قوله:
{قل أرأيتم إن كان من عند الله}،
ثم قال: {أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد}...
" ...شرح الطحاوية - العلامة ابن أبي العز الحنفي الدمشقي -توفي في ذي القعدة من سنة اثنتين وتسعين وسبع مئة ، ودفن بجبل قاسيون..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق