الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

ذكر الله تعالى.. اختيار أفضل الذكر و حضور القلب

عن الصحابي الجليل أبي أمامة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو يحرك شفتيه ، فقال :
ماذا تقول يا أبا أمامة ؟
قال : أذكر ربي .
قال:
" أفلا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار؟
تقول: الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في السماوات وما في الأرض، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، وتسبح الله مثلهن "
ثم قال: «تعلمهن عقبك من بعدك»

رواه الإمام أحمد، والهيثمي مصححا إسناده، وكذا الإمام الذهبي، وحسنه ابن حجر رحمهم الله تعالى.
وبوب الحافظ ابن خزيمة رحمه الله في صحيحه عندما أخرج الحديث (1/370) بقوله :
" باب فضل التحميد والتسبيح والتكبير بوصف العدد الكثير من خلق الله أو غير خلقه " انتهى.





رضي الله عنك- وكذلك:                                                                                   عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة و بين يديها نوى أو حصى تسبح به,                                                                               
فقال : ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل ؟                                           
فقال : سبحان الله عدد ما خلق في السماء, و سبحان الله عدد ما خلق في الأرض,
وسبحان الله عدد ما بين ذلك, وسبحان الله عدد ما هو خالق , و الله أكبر مثل ذلك, والحمد لله مثل ذلك, ولا إله إلا الله مثل ذلك, و لا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك .                                                                                                 
في  الوابل الصيب لابن القيم  رحمه الله -ونحن في باب فضل هو الدعاء غير المخصص بوقت-  وكذلك صححه الإمام الضياء المقدسي رحمه الله في المختارة،  وصححه غيرهما من الأعلام كالحاكم والذهبي رحمهما الله،  وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:هذا حديث حسن .. ولله الحمد رب العالمين


وقال ابن القيم رحمه الله- مختصرا- :
"فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول : ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ) من معرفته وتنزيهه وتعظيمه ، من هذا القدر المذكور من العدد ، أعظم مما يقوم بقلب القائل سبحان الله فقط . وهذا يسمى الذكر المضاعف ، وهو أعظم ثناءً من الذكر المفرد ، فلهذا كان أفضل منه .
وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه :
فإن قول المسبح سبحان الله وبحمده عدد خلقه يتضمن إنشاء وإخبارا عما يستحقه الرب من التسبيح عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له ، فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم الذي لا يبلغه العادون ولا يحصيه المحصون ، وتضمن إنشاء العبد لتسبيح هذا شأنه ، لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده ، بل أخبر أن ما يستحقه الرب سبحانه وتعالى من التسبيح هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره ، فإن تجدد المخلوقات لا ينتهي عددا ولا يحصيه الحاصر...

والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ونعوت الجلال ما يوجب أن يكون أفضل من غيره ، وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه ، وهذا بعض ما في هذه الكلمات من المعرفة بالله والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم ، مع اقترانه بالحمد المتضمن لثلاثة أصول : أحدها : إثبات صفات الكمال له سبحانه والثناء عليه .
الثاني : محبته والرضا به .
الثالث : فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه ، وأعظمها قدرا ، وأكثرها عددا ، وأجزلها وَصفا ، واستحضر العبد ذلك عند التسبيح ، وقام بقلبه معناه ، كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره ، وبالله التوفيق " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق