الأحد، 28 ديسمبر 2014

أبو الطيب المتنبي:

وليس يصح في الأذهان شيء = إذا احتاج النهار إلى دليل

( ديوانه صـ 220 )

وبالمثل نقول: وليس يصح في الأذهان شيء.. إذا احتاج الظلام إلى دليل..

فمن طالبك بدليل على الظلام الدامس البارد الذي نحن فيه ...!
ومن وصفك بأنك يائس أو مبالغ لأنك تقول له نحن بالليل البهيم المؤلم،
أو نحن في سواد حالك مظلم....! ولأنك تقول له نحن بحاجة إلى تغيير جذري شامل وكامل،

نحن بحاجة إلى بناء جديد وعقد جديد وعهد جديد تماما، فهم جديد للدين الذي ظلمناه وشوهناه أمام العالم وفي أذهان أبنائنا، فهم لا يواكب بالتنازلات والمداهنة عقديا،  ولا يتجمد فقهيا،
تجديد أمر الدين -وليس الدين- فهم صاف  غض،
كما أنزل الدين خالصا،  بدون تراكمات ورواسب وتبديل وتحريف وكلاء الشيطان في القرنين الماضيين خاصة.. ،

بناء كبناء الأمم بعد كبواتها الكبرى وانتكاساتها المحورية الفاصلة، ولسنا بحاجة إلى  استعادة مسيرة الدولة العليلة الضالة منذ قرنين، 

لسنا بحاجة إلى مجرد تطهير وتطوير وهيكلة وإصلاح وهبات داخل المنظومة العالمية والدينية التقليدية التي هي صنيعة الاستعمار وبقاياه بشكل مباشر أو غير مباشر في فهمها وأدائها..

نعم نحن نتوسم أننا نقترب من طلوع الفجر إن شاء الله، وقد لاحت إرهاصاته، لكن هذا التفاؤل لأننا بالليل أصلا!  ولكوننا في التيه أساسا ..

أما أن يجادل أحد في الجاهليات الكبرى التي نحن فيها...!

من العلماء للعامة فالزهاد إلى الملاحدة كلهم يعرفون ويقرون بالانحطاط الجاهلي الذي نحن إزاءه يا أخي، نعم قد تختلف حول موقفك أنت منها..أما أنك لا تراها..!

دينيا ودنيويا، علميا وعمليا، ماديا وروحيا وأخلاقيا...وحتى العالم كله يصنفنا في العالم السفلي..أخلاقا وتقنية ونظما وكل شيء..

البديهيات لاتحتاج إلى دليل،  كطلوع الشمس وسواد الليل ووضوح الواضحات..

من ينكر المحسوسات والضروريات ويشك في النهار وهو فيه

فيقول لك : و ما الدليل ؟
فما حكمك على عقله ؟

البديهيات والمسلمات قضايا يسلم بها العقل مباشرة وبدون برهان لشدة وضوحها، وهي مقدمة لاستنتاج ما بعدها منطقيا، فهي أولية نستند إليها للبرهنة على قضايا أخرى، ويتفق المبصرون عقلا عبر الأزمان على أنها صحيحة، ولا تحتاج لإثبات وإلا فهو لغو وعبث.

إذا احتاج الظلام إلى دليل ولم تعرف أننا في انتكاسة دينية وحضارية قاتمة وحالكة السواد، ممنهجة مقصودة ومتعمدة،
وأن هناك خرابا مؤسسيا ومأسسة للخراب، وللتخريب الديني والدنيوي بشكل مرحلي متتابع،
وأن كل الجوانب -خاصة أهم الجوانب- فاسدة تماما، ومن يناط بهم تعديلها ورعايتها وحمايتها وصيانتها أو الرقابة هم الأكثر احتياجا للتغيير الكلي إما لشرودهم أو لعجزهم عن أخذ مواقف مشرفة غير فولكلورية ، فليس يصح في الأذهان شيء عندئذ،

الهوى أو الخلل العقلي أو الحقد والتعصب لا يريدونك أن ترى نور النهار ، فما قيمة الأدلة حين تكون الأفهام معطلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق