السبت، 27 ديسمبر 2014

الحاجة والضرورة والفرق بينهما..ومسألة قدر الضرورة..

لطالب العلم..

مدخل إلى موضوع الضرورة والاضطرار للمحرم:

مسألة الحاجة والإكراه ليست مسألة نظرية مطلقا- ونعوذ بالله من جهل الجهال ورعونتهم ولمزهم- بل نحتاج إليها يوميا، ككيانات وأفرادا، 


 وتتغير حياة كثيرين بسبب سوء الفهم،  
ويقل نتاجهم للعمل للدين، ويقل أثرهم في الدعوة، 
ويشتد نمط حياتهم ويستهلك طاقتهم في المفضول بسبب العي ..، 


ومن هدي إلى العقيدة الصحيحة وفهم الفقه والواقع علم حاجتنا إلى هذه المسألة، وتعرضنا لها دوما،  وقد تقوقع كثيرون بسببها،  وتجمدت كيانات كذلك على تصرفات معينة.. 


هذا في مقابل تميع كيانات أخرى وتضييعها وتفريطها وتضييعها لكل المعالم عقيدة ونهجا .  



**هذه أول مجموعة نقول من جلسة تدارس حول الحاجة والضروة،  والفارق بينهما، وكيفية تقييم وتقدير قدر الضرورة:

قال العز بن عبد السلام:

"المضطر هو الذي يخشى هلاكه، والمحتاج الذي لا يخشى هلاكه"

ونقل عنه كذلك:

"فإن المراتب في ذلك كله مختلفة ولا ضابط لمتوسطاتها إلا بالتقريب"



قال أبو عبد الله الزركشي رحمه الله :

فالضرورة :
 بلوغه حدّاً إن لم يتناول الممنوع هلك ، أو قارب ؛ كالمضطر للأكل واللبس ، بحيث لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات ، أو تلف منه عضو ، وهذا يبيح تناول المحرم .

والحاجة : 
كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك ، غير أنه يكون في جهد ومشقة ، وهذا لا يبيح المحرَّم"
 انتهى .

"المنثور في القواعد" ( 2 / 319 ) ...

 ويلاحظ أن كلامه فيه استثناء ما إذا نزلت الحاجة منزلة الضروة وهذا له ضوابط نذكر كلام أهل العلم فيها لاحقا إن شاء الله..
و منها عموما قوله هو  :

"الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة في حق آحاد الناس" 

وذكرها  إمام الحرمين الجويني في البرهان وفي النهاية..

وكذا الإبياري وهو يشرح هذه المسألة ..وقال رحمه الله تعالى في موضع آخر: 
"واذا عم الحرام قطرا بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادرا فانه يجوز استعمال ما يحتاج اليه ولا يقتصر على الضرورة قال الامام ولا يتبسط فيه كما يتبسط فى الحلال بل يقتصر على قدر الحاجة"

وهذا يشبه "عموم البلوى" فبعد الجميع عن شيء ما لحرمته بنجاسة أو بتعذر الحصول على المباح عنه مطعوما أو ملبوسا أو مكتسبا أو غير ذلك ، يختلف عن بعد فرد وسط مجموع، فلو ألزمت كل شخص ساعة عموم البلوى  بألا يأخذ إلا عند الهلاك وألا يأخذ إلا بقدر الحاجة لسد الرمق لصار الجميع في عناء مفض لنكبة عامة، وفي اضطرار لما هو أشد وأشق، وأكثر فسادا في حق كل فرد وفي حق المجموع..


وقال إمام الحرمين في غياث الأمم:

"بل الحاجة في حق الناس كافة تنزل منزلة الضرورة في حق الواحد المضطر، فان الواحد المضطر لو صابر ضرورته ولم يتعاط الميتة لهلك، 

 ولو صابر الناس حاجاتهم وتعدوها إلى الضرورة لهلك الناس قاطبة، ففي تعدي الكافة الحاجة من خوف الهلاك ما في تعدى الضرورة في حق الآحاد فافهموا ترشدوا"

قال  الشاطبي رحمه الله  :

 " الحاجيات ومعناها أنها مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة لفوت المطلوب ، فإذا لم تراع دخل على المكلفين - على الجملة - الحرج والمشقة ، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد المتوقع في المصالح العامة " .

وهنا يستأنس بالقواعد العامة:
" إذا  ضاق الأمر اتسع "  «إِذَا زَالَ المَانِعُ زَالَ المَمْنُوعُ» أو قاعدةِ: «مَا جَازَ لِعُذْرٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ». «الضَّرَرَ لاَ يُزَالُ بِمِثْلِهِ»،  و«لاَ يَكُونُ الاِضْطِرَارُ مُبْطِلاً لِحَقِّ الغَيْرِ»  أي يلزمه تعويضُ 



قال الغزالي :

"الحاجة العامة في حق كافة الخلق تنزل منزلة الضرورة في حق الشخص الواحد...


وعبر عنها العز بن عبد السلام بقوله:

"المصلحة العامة كالضرورة الخاصة."

 وقال الجويني :

"قد يظن ظان أن حكم الأنام إذا عمهم الحرام حكم المضطر في تعاطي الميتة، وليس الأمر كذلك،

 فإن الناس لو ارتقبوا فيما يطعمون أن ينتهوا إلى حال الضرورة، وفي الانتهاء إليها سقوط القوى وانتكاث المرر وانتقاض البنية، سيما إذا تكرر اعتياد المصير إلى هذه الغاية...وقصاراه هلاك الناس أجمعين، ومنهم ذو النجدة والبأس، وحفظة الثغور من جنود المسلمين، وإذا وهوا ووهنوا وضعفوا واستكانوا استجرأ الكفار وتخللوا ديار الإسلام انقطع السلك وتبتر النظام."


 "إذا عم التحريم، ولم يجد أهل الأصقاع والبقاع متحولا عن ديارهم إلى مواضع مباحة، ولم يستمكنوا من إحياء موات، وإنشاء مساكن سوى ما هم ساكنوها....وإن تعذر ذلك عليهم وهم جم غفير وعدد كبير ولو اقتصروا على سد الرمق، وانتظروا أوقات الضرورات، لانقطعوا عن مطالبهم،فليأخذوا أقدار حاجاتهم."


 "الحاجة في حق الناس كافة تنزل منزلة الضرورة في حق الواحد المضطر"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق