شعر إسلامي فصيح مليح .. نشيد جميل رغم مسحة الحزن.... الشاعر / أبو تمام.. "منقول"للغرباء الذين هم الناس والأنام غريب! .. هم يد القضاء وهم قدر الله القادم.. الأشعث الأغبر... معنى لا حرفا... غنى لا فقرا.. غنى عن الدنيا.. فما طابت لهم.قصيدة كل بيت واحد فيها مدرسة كاملة... البيت بقصيدة.. رقيا وجمالا، دين ولغة وفن راق وسمو وتاريخ وديوان معارف...
كَـذا فَليَـجِـلَّ الخَطـبُ وَليَفـدَحِ الأَمرُ
فَـلَيــسَ لِعَـيــنٍ لَم يَـفِـض ماؤُهـا عُذرُ
تُـــوُفِّيــــَتِ الآمـــالُ بَــعـــدَ مُــحَـــمَّدٍ
وَأَصـبَــحَ في شُغـلٍ عَنِ السَفَـرِ السَفـرُ
وَمــا كــانَ إِلّا مـالَ مَـن قَـلَّ مـالُهُ
وَذُخــراً لِمَــن أَمـســى وَلَيـسَ لَهُ ذُخـرُ
وَمـا كـانَ يَـدري مُـجــتَــدي جودِ كَفِّهِ
إِذا مـا اِسـتَهَــلَّت أَنَّهـُ خُـلِقَ العُسـرُ
أَلا فـي سَـبــيــلِ اللَهِ مَـن عُطِّلـَت لَهُ
فِـجــاجُ سَبـيـلِ اللَهِ وَاِنثَـغَـرَ الثَغـرُ
فَـتــىً كُـلَّمــا فـاضَــت عُـيـونُ قَبـيـلَةٍ
دَمـاً ضَحِـكَـت عَنـهُ الأَحاديـثُ وَالذِكرُ
فَتـىً ماتَ بَيـنَ الضَربِ وَالطَعـنِ ميتَةً
تَقـومُ مَقـامَ النَصـرِ إِذ فاتَهُ النَصرُ
وَمـا مـاتَ حَـتّــى مـاتَ مَـضــرِبُ سَيـفِهِ
مِنَ الضَربِ وَاِعتَلَّت عَلَيهِ القَنا السُمرُ
وَقَـد كـانَ فَـوتُ المَـوتِ سَهـلاً فَـرَدَّهُ
إِلَيـهِ الحِـفـاظُ المُرُّ وَالخُلُقُ الوَعرُ
وَنَــفـــسٌ تَـعــافُ العـارَ حَـتّــى كَـأَنَّهُ
هُوَ الكُفرُ يَومَ الرَوعِ أَو دونَهُ الكُفرُ
فَـأَثــبَــتَ في مُسـتَـنـقَـعِ المَوتِ رِجلَهُ
وَقـالَ لَهـا مِن تَحـتِ أَخمُـصِـكِ الحَشـرُ
غَــدا غَــدوَةً وَالحَــمـــدُ نَـســجُ رِدائِهِ
فَـلَم يَـنــصَــرِف إِلّا وَأَكـفـانُهُ الأَجرُ
تَـرَدّى ثِيـابَ المَوتِ حُمـراً فَمـا أَتى
لَها اللَيلُ إِلّا وَهيَ مِن سُنـدُسٍ خُضـرُ
كَــأَنَّ بَــنـــي نَــبــهــانَ يَـومَ وَفـاتِهِ
نُـجــومُ سَمـاءٍ خَرَّ مِن بَيـنِهـا البَدرُ
يُـعَــزَّونَ عَـن ثـاوٍ تُـعَــزّى بِهِ العُـلى
وَيَبـكـي عَلَيـهِ الجودُ وَالبَأسُ وَالشِعرُ
وَأَنّـى لَهُـم صَـبــرٌ عَـلَيــهِ وَقَـد مَضـى
إِلى المَوتِ حَتّـى اِستُشهِدا هُوَ وَالصَبرُ
فَتـىً كانَ عَذبَ الروحِ لا مِن غَضـاضَـةٍ
وَلَكِــنَّ كِــبـــراً أَن يُــقــالَ بِهِ كِـبــرُ
فَـتـىً سَلَبَـتـهُ الخَيـلُ وَهوَ حِمـىً لَها
وَبَـزَّتــهُ نـارُ الحَـربِ وَهوَ لَها جَمـرُ
وَقَد كانَـتِ البيضُ المَآثيرُ في الوَغى
بَـواتِــرَ فَهـيَ الآنَ مِـن بَـعــدِهِ بُتـرُ
أَمِـن بَـعــدِ طَـيِّ الحـادِثــاتِ مُـحَــمَّداً
يَـكــونُ لِأَثـوابِ النَـدى أَبَـداً نَـشــرُ
إِذا شَــجَـــراتُ العُـرفِ جُـذَّت أُصـولُهــا
فَـفــي أَيِّ فَـرعٍ يـوجَــدُ الوَرَقُ النَضـرُ
لَئِن أُبـغِــضَ الدَهـرُ الخَـؤونُ لِفَـقــدِهِ
لَعَهــدي بِهِ مِــمَّنـــ يُــحَــبُّ لَهُ الدَهـرُ
لَئِن غَــــدَرَت فــــي الرَوعِ أَيّـــامُهُ بِهِ
لَمـا زالَتِ الأَيّـامُ شـيـمَـتُهـا الغَدرُ
لَئِن أُلبِـسَــت فـيــهِ المُـصــيــبَـةَ طَيِّئٌ
لَمـا عُـرِّيَــت مِنـهـا تَمـيـمٌ وَلا بَكـرُ
كَـذَلِكَ مـا نَـنــفَــكُّ نَـفــقِــدُ هـالِكــاً
يُشـارِكُـنـا في فَقـدِهِ البَدوُ وَالحَضـرُ
سَقـى الغَيـثُ غَيـثاً وارَتِ الأَرضُ شَخصَهُ
وَإِن لَم يَـكُــن فـيــهِ سَحـابٌ وَلا قَطـرُ
وَكَـيــفَ اِحـتِــمــالي لِلسَحـابِ صَنـيـعَـةً
بِإِسـقـائِهـا قَبـراً وَفي لَحدِهِ البَحـرُ
مَـضــى طاهِـرَ الأَثوابِ لَم تَبـقَ رَوضَةٌ
غَـداةَ ثَـوى إِلّا اِشـتَهَــت أَنَّهـا قَبـرُ
ثَوى في الثَرى مَن كانَ يَحيا بِهِ الثَرى
وَيَـغــمُــرُ صَـرفَ الدَهرِ نائِلُهُ الغَمـرُ
عَــلَيـــكَ سَـلامُ اللَهِ وَقـفــاً فَـإِنَّنــي
رَأَيـتُ الكَـريــمَ الحُـرَّ لَيـسَ لَهُ عُمـرُ
https://youtu.be/qOwFlTaNgKY