منقول للتأمل/
هل ننزل بأنفسنا إلى درجة تصوير
وعرض كل ركعة، كالمنافق المرائي...
نبتذل الروحانية والخصوصية الإنسانية المكرمة بالبيوت والثياب لعرض المستور ...
أصبح المرء منهم يرى قيمته في عدد اللايكات..
العرض للحال بامتهان استعراضي هو استجداء للاهتمام والتعاطف بسبب عقدة النقص وقلة العلم ...
يعرض الناس مأكولاتهم ومشوياتهم منذ أن يبدؤوا بإعدادها، حتي وضعها على الباربكيو، وحتي يأكلونها ولا يبقون بالصحون أيا مما لذ وطاب من المشاوي والمأكولات ولا يعون أثر ذلك على غيرهم وعليهم ..
.
..
طالما كان الهاتف الجوال يساء استعماله كما وكيفا، وملاصقا لأيدي الناس فيما لا ينفع فسيبقى هذا هو الحال و سيزداد ..
اختفت أغلب سلطة الفرد التي كان يمتلكها على نفسه ورعيته التي قد تضر نفسها وغيرها بحسن نية، ويصل الضرر لعقد نفسية وانحرافات وانتحار .. يكاد الواحد يفقد سلطته حتى على نفسه !
البث المنثور لسلوكٍ خاص ليس فنا ولا ترويحا ولا شعرا، بل هوس وفتنة بغية لفت نظر الآخرين للذات أو استجداء مشاركتهم العاطفية أو التماس الربح منهم.... وأحيانا ينمو الحقد و تنتشر الفضائح..
هوس التفاعل من تعاطف وتأييد وإضحاك ..إلخ جعل الناس بمواقع التواصل تسترخص المشاعر والمواقف وتتصنعها أحياناً للتجارة ، صنعوا من خصوصيتهم مادة رخيصة للفت الأنظار وإمتاع الناس على حساب كرامتهم ومروءتهم وحشمتهم بل حتى لو كان المحتوى محزنا.. كأنهم ينتظرون أي حدث بحياتهم ليعرضوه كسلعة ممتهنة لجذب إهتمام الفارغين بالنت ..وما خفي أعظم!
وبالإمكان في جو تلق كهذا حرف بوصلة المتلقي بسهولة مباشرة أو بدس السم في العسل أو بالذباب.... ، من خلال تلك الثواني المعدودة من العرض المرئي!
فالمواعظ على أسنتها، والموائد في سمطها، و ..قد يقدمها لكع بن لكع، وينزوي أو يهمش بالخوارزميات ذووا الفكر والأثر الصحيح عمدا، فلا تجد لهم رمسا ..
.. صرت أخاطب أشخاصا بلا عقول، كأني بهم يقولون خاطب الجهاز، لاتخاطبني، فهو المتحكم بهم...
وجودهم وعدمه مربوط بالإعجابات في جهازهم...
بعضهم يستغلون الأحداث المأساوية لجذب الانتباه وأحيانا الادعاء... بالحزن الزائف، لجمع اكبر عدد من التعاطف الرقمي.. نوع من المخدرات واللهو.
الحزن الحقيقي له كرامة وتعفف، ليس شيئا للمشاركة بشكل تسويقي سلعي ..
خاصة عندما يكون المحتوى ممجوجا وبدون مضمون ذي فائدة.. أو لا تناقش الفكرة بل يتابع بريق الشخص فقط
من المستفيد ماديا من دعم الأغبياء الفارغين إنه المشتهر بسببهم، ولكي يظل في الضوء يبدأ بابتكار أفكار تصل لحد الإسفاف من أجل المتابعة..
فقط من أجل المال مهما أضر بالأخلاق و العقول وأهدر الأوقات.
استُبدِل الوازع الأخلاقي بهتافات الجماهير..
حتى غدت حياة البعض منصة بث مباشر وعلى الهواء... وبتصنع مقزز !
يعيش الحياة من أجل رؤية غيره لعوراته أو حركاته الشخصية ويصبح كقرد في قفص ويفتن غيره بنموذج غير ممكن له أو حتى مصطنع تماما ..
.. كأنما باتت ردود فعل الناس في برامج التواصل هي من يحدد توجهاتنا... وسلوك السرب هو المعيار...
بعضهم لا يعرف وازعه الأخلاقي ولا يوجد لديه مبادئ شخصية أو هوية... و ردات فعل الناس هي ما يتحكم به.
. غابت الخصوصية عند بعض الناس وبات يشعر أنه لاشيء من غير مشاهدة الناس له ...
.. يذبل إن لم يجذب له الأنظار ويفعل أفعالا لايقرها العقل، ولكنه يريد أن يحصل على انتباه واهتمام الناس حتى في أصغر أمور حياته .!!
بعضهم يغررون به ويتابعونه إما تشفيا أو سخرية أو تطفلا...
..
يموت والده فيشارك دموعه متابعيه. يهب المال فينشر صورته وهو يتصدّق. يخاصم زوجته فيعرض خَطَرات قلبه أمام الآخرين. وشيئا فشيئا تغدو إرادته رهينة الاستجابة المتوقعة من الجمهور بدل وازعه الأخلاقي.
انتهى النقل للتدبر ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق