الأحد، 20 أبريل 2014

أمانة راية الإسلام ..الجزء الثالث

أمانة راية الإسلام…  الجزء الثالث:

أمانة  الطريق الدعوي ..
أمانة عدم تأخير البيان الواجب عن وقت الحاجة…

أمانة عدم التدليس،  ولا كتمان العلم بالصمت المريب في وقت عصيب ومقام رهيب..،  " لتبيننه للتاس ولا تكتمونه"…
ولا التغرير أو التلبيس.." ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون"

حين نشأت الدولة الغربية الأوروبية كانت ضد جزء ضخم من النظام العالمي… وتكاتفت الملكيات المجاورة والبعيدة وو…  ضدها…

وبالمثل حين انكسرت الأندلس كان هذا نتاج عمل دؤوب مخالف لهيمنة واسعة.. ..

وحين نشأت الشيوعية كانت ضد السياق الرسمي الكاسح والمعادلات..،  وحين ولدت دولة شيعية وحين تحررت فيتنام واليابان وباريس! وو… و..

وحين نجحت وعثرت كل المقاومات والرسالات مرحليا…وأما نظريا فالثبات رسالة الرسالة!…

… هذا وكلهم سواء في الألم، " يألمون كما تألمون"....فكيف بالمؤمنين…بالذين يرجون رحمة الله،  إذا كانوا يرون الصمود حتى عند غيرهم،

وكان الصحابة  قبل أن يعزهم الله بالإسلام  يبذلون حياتهم لحماية كرامتهم وقبيلتهم ومدينتهم وجيرانهم الذين استجاروا بهم،  فلما جد الجد بعده صبروا وصابروا،  ورابطوا لأشرف مطلوب وأعز محبوب ..، صبروا رافضين تغيير ملتهم تحت الضغوط والمغريات،  ثم صبروا مناضلين مكافحين  بعد أن كتب عليهم القتال،…

وهكذا… وكان "خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا"، من العقلاء الشرفاء الكرام الصناديد أهل الحلم والسداد..،

وهو الثبات هكذا، لا وجه آخر له، يعرفه  عشاق المقاومات..هو عند خير المعادن والأصفياء من الناس…  عند أهل المبادئ وحملة المشاعل ومدافعي التحرر الحقيقي… عند حملة الأمانة وأصحاب القضية، والمؤمنين  بالحقيقة والموقنين بالفكرة الخالدة… فكيف وهي ميثاق الفطرة والحق المبين،

وهذه الأمثلة العالمية  بعيدة ماديا ومعنويا… لكنا اضطررنا إليها،  لتقريب المفهوم للذهن المتأثر بالسياق المعاصر،  والمفتون بكلمات عن تعقيده…  ،

كل هذا سقناه قبل مثال الدولة الأولى،  الأقرب والأحب والأوضح والأعدل والأجمل، في المدينة المنورة ، والتي كانت نورانية قرآنية ربانية حتى في أحلك الظروف،  لا تتنازل عن إعلان عقيدتها ومنظومتها الفكرية ، مهما تنازلت عمليا بشكل محسوب  …

بل إنها في مكة في قلب المحنة والاستضعاف…  لم تقل على الكافر أنه مؤمن،  ولا على الكفر أنه إسلام… ولا على الباطل أنه حق… ولا سكتت عن كبير الشرك… ولا قالت أن الطريق غير الطريق بسبب التدريج…ولا بدعت وضللت مؤمنا واتهمته بالتكفير والتطرف لصالح مزايدة تزايد عليها..…

فلم يحدث عبر التاريخ أن قدم تضليل ممنهج في أدبيات مستمرة كأنه الشيء وضده،  بحيث يحمل الرسالة من يزعم إذا أفحم أنه يكتم إيمانه ! وهو عند اللزوم مستكره لأجل غير مسمى! فمن يتصدر يحمل…أو فليصمت عن النطق بالباطل،  وإلا فهذه زندقة.. فكيف بمن يفعل ويمارس… ! ويوالي ويعادي…

…  من أول اللعبة الديمقراطية والغموض والغبش حولها،  والحديث بالمفهوم الوطني المحدود بالتعريف الغربي القطري واللاديني بلمسة شرعية…  حكما وولاية..

ومن أول التوكيد على الدخول المدني كدولة تمثل لبنة في دول عدم الانحياز والحياد الإيجابي والاتفاقات والمعاهدات والمواثيق الدولية،  دون بيان واضح عن التكييف والتصور الشرعي لهذا… ودون ذكر نماذج من لم يوقع ، ولم يدخل في كلها أو بعضها ، كالدول التي لم توقع على محكمة العدل ولم توقع على الاتفاقيات الاقتصادية وبعض المواثيق الأممية ووو… ولماذا كان هذا التحريف..تحريف في تصوير الواقع وتصوره،  وفي تبيين الشرع وضوابطه وخياراته، حيث يضعك أمام خيار وحيد ويصفه بأنه الوسطية…

ومن أول قبول الدخول في أروقة النظام العالمي كنموذج مؤسسي غربي، علماني بكل منطلقاته وتابوهاته ومحرماته،  لاديني بنظرته للفقه وللولاية الفقهية، وباحتكاره للعلم السياسي والتشريعي وتجهيله لغيره، وبإحلاله للمعرفة القانونية محل الفقه ، وللقيم المتغيرة محل الحرام 

نظام إلحادي تعليما وإعلاما وثقافة وانتماء ومرجعية  ومنسكا أحيانا… بمسحة تصوف بلهاء..

إلحادي في نظرته للفرد وسيادته كمشرع لنفسه، ومساحته الأخلاقية والمالية التي منحوها له وسموها حقوقه، وخلطوها بما لابد منه وما لا خلاف عليه ، من كرامة واستقلال وحرية تفكير وتعبير وتنقل ووو..،  في إطار خلق كوني وتوازن مجتمعي وبدهيات رسالات وتدافع حضارات  ..وجعلوها ثوابت… وو…

 المنظومة كلها أتينا لنقضها لتكون راشدة، المنظومة قائمة بشكل لاديني، بجوهر لا ديني،  بنظام ذو لافتة ورتوش،  لكنه هو هو الرأسمالي العلماني،  بمضمونه ومنطلقاته وتطبيقاته وثوابته وميكيافيلليته لا آلياته فقط ، وليس حتى كنموذج ظاهري ماليزي خليجي إيراني إلخ…  

وحتى الشريعة يتعامل معها بمفهوم علماني كأنها قانون وحدود،  وكأنها برنامج حزبي ومنهج فكري معروض… بكل تبعات هذا… وبكل دلالاته ومقتضياته… وغاية أمره أن يكون ترك الشرع واجبا أخطأنا بتركه بل مستحبا أحيانا…وليس دينا وجاهلية… ويجعلها محل اختيار وتصويت،

ثم يجعلها بلا مفهوم، فالشريعة مبهمة عندهم ، هي  مجرد عدل ومصلحة بمعنى منفعة تقديرية متغيرة ،  ولغاية المصلحة كذلك..فليست عبادة أو مروقا من الدين ، ولا ابتغاء مرضاة الله، ولا تتحمل لأجلها الحصار والحرمان من بعض ما تحب،

الصالح عندهم ليس المصلحة الشرعية التي لا يبحث عنها ابتداء في كل أمر محكم من الثوابت لقبول أو وقف النص ، بل تعتبر  فيما لم يرد نص فيه بدلالة وثبوت قطعيين، المصلحة التي قد تخفى حكمتها فلا يغير ذلك من حكمها ، وقد تكون مصلحة أخروية بأجر وثواب جزاء الامتثال والطاعة لله تعالى،

ولا يقدمون هم على مصلحتهم لأجل التعبد والخضوع وتحمل الابتلاء،  بل لتحصيل رغبات وتحقيق رفاهية ،…

وفي النهاية لا عقيدة ..وليس " لا شريعة"… لا هوية… لا صبغة محددة… لا أصل…

الدخول في  المدنية اللادينية بالتعريف الغربي للمدنية الدستورية القضائية التشريعية، الدخول في شرايين النظام العولمي وطاعة صاحب القيم العلمانية…

الدخول بمفاهيم الحرية الفوضوية إعلاما وثقافة ..ثم الجهر بأن هذا كله حق  فهو فقه مطاطي متغير…

من أول جمع من سموهم الفنانين والممثلة التائهة الليبرالية التي استضفناها،  والتي خجلنا من إخبارها وإخبار المجتمع بوضوح وشرف بأننا لو تعاونا معها وسمحنا لها بالعري فليست هذه وسطية ، ولا هي دولة وسطية،  بل علمانية جبرية تستنزل من يؤثر التميع وتجبره على التعريض والتقية والتنازلات وإعلان تغيير مفاهيمه بشكل مطاطي وتغيير قسم كبير منها فعلا،  ولم نعلن بجلاء أننا  أصحاب منهج ينقض هذا… وبأنها لو سمح لها بالفحش بقانون،  وسمي فعلها فنا مباحا،  وجبيت الضريبة من عرقها… فلسنا في دار إسلام،  وخجلنا من أن نقول لها بأن بيننا خلاف تضاد وليست هفوات ولا سفاسف، وبأنها على باطل وتعتقد الضلال وتفعل الحرام،  وتقوم بما لا يحل ولا تقبله فطرة سوية شريفة غير ملوثة ولا بها دياثة أو خنزرة ،  ولا نقبله ولا نسعى لإفساح المجال له… وتركنا هذا   إلى الصراع وطريق البناء والممارسة السياسية…   تحت وصاية ..

ولابد من العودة للأمثلة في أول المقال للتذكير بغير المستحيل…

فما العمل..

ليس معنا اتفاقنا في مرحلة أو في حل لمشكلة معينة أننا متفقون في عقيدتنا ومنهجنا وفهمنا ..

ومن المهم أن نبين عندما نختار طريقة وتصرفا سياسيا أو فرديا لماذا اخترنا هذا؟..وهل هو الطريق الصحيح الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم أم أنها خطوة استثنائية فرضها الواقع ولا نستطيع دفعها ، وما موقفنا منها بالضبط، هل  هو إنكار وترك ما يخالف هويتنا والتعامل كأقلية تؤمن بمنهج غريب بدأ غريبا وعاد غريبا،  والتعاون فيما يوافقنا والتوافق عمليا في حدود العهد والميثاق المعلن ، دون غدر،  مع التمايز والمفاصلة نظريا وشعوريا وعمليا فيما يستقبح مما لا نخجل ولا نتحرج من قول أنه مستقبح وقرف ولا نقول انتوا فهمتونا غلط وفرصة ووو… ..

وهل هذا هو الإسلام وهو أمر الله تعالى والغاية والهدف المنشود!
  أم أنه أمر مفضول  أو مكروه،  أم أنه محرم اضطررنا إليه ، ولماذا هذه الضرورة،  وما هي شروطها الشرعية، لكيلا تصبح لعبة لكل مدع، ونبين للناس أن هذه رخصة مؤقتة فقط  وتسويغ عابر لا يحول الأمر إلى حلال على الدوام ولا إلى نهاية المطاف الذي ندعوا الناس إليه،  وليس هو تصورنا للدين ولا هو المطلب والمقصد … ولا تأتين بشرك أكبر أو بكفر بواح وتقولن هذا مجرد حرام..وفيه رخصة ..فتسوي بين التحاكم إلى الطاغوت  وبين عدم غض البصر… ولا تسوين بين موالاة حزب الشيطان وبين ابتلاع لقمة مغموسة بمرق خنزير… ولا بين نواقض الإسلام وبين اللمم. ... ولا تقولن للناس ادخلوا في الديمقراطية كافة، هكذا دون بيان فارق… يوضح الصراط المستقيم وسبيل المجرمين… وأنت الذي تنزل بيانا فيما هو أقل من ذلك..بل تصدره إذا صدمت سيارة موظفا عاما ، لتبين أنك لا شأن لك… ..فلا تغررن بهم ولا تخبرهم أنهم بذاك قد أدوا أمانتهم وشهادتهم، بمجرد رمي وريقاتهم في صندوق… فإذا ادعيت أنك إسلامي فأنت للإسلام قبل السياسة على حساب العقيدة، وقبل السلطة وقبل كسب الأصوات ..

ولابد من تبيين أن هذه ليست هي الطاعة، ولا العبادة، ولا المشروع الأسنى والأسمى… ولا المستحق للاسم الشرعي…  وألا يصبح هذا  هو الدين وهو الوسط وما عداه باطل..في حين أن ما عداه قد يكون هو الصواب..
وفي ظل حمى سباب..

ولابد من تبيين دلالة رفض غيرنا لتطبيقه...

البيان دوما قبل العمل،…  قد أختلف جذريا في فهمي مع بعض الناس، لكنا نتفق في خيارتنا العملية، ونتخذ القرار نفسه، لكني أبين للناس الصراط المستقيم ولماذا ..

وهذا ليس ترفا فكريا، فالفهم الشرعي هو الأساس وهو الدين الذي نتعبد به ، فقد تقف موقفا شريفا لكنك تقفه حمية وعصبية،  أو تقف ذات الموقف لله تعالى ، وقد تفعل المحرم المرخص فيه اضطرارا مع علمك وبيانك للناس بأن هذا منكر ، ولكنك مكره وتبيينك لضوابط الإجبار وانعدام الرضا والاختيار التي تعرضت لها هي كذا وكذا والصواب هو كذا ، وطريقه خطوت فيه… ولم تختر الهوى ولم تؤثر السلامة…

ولا تقولن على كل فعل هو الحق وهو الخير وهو الصواب وهو مراد الله تعالى وهو الإسلام الصحيح وما عداه تشديد… بل تقول هذا ليس هو المأمور به لكن العجز والمناط والمقام به كذا وكذا فهناك رخصة معالمها ومسماها هما كذا… بكل وضوح وأمانة..، ولو لم تنطبق عليك فتنح جانبا ولا تتصدر ولا تسر ولا تمارس هذه اللعبة… ولو عجزت عن أخذها بحقها وبيانها وصدعت بالحق ووصفت وسميت الأمور بأسمائها فدونك خيارات أخرى…  ولا تتورط في تضليل القوم والوهم..والإساءة للإسلام…

ولتوضح أنك لست معرضا لضغط خفيف وبلاء معتاد،  بل وصلت لحالة شدة الإكراه وهي الإلجاء مثلا،  وليست راحة البال هي المسعى ، ..ولا الرخاء هو الوعد والموعود… بل قد يحل عداء عام تام وحصار...وإلا فالتنازلات لا قعر لها..ومن يتقي بثوابته يزل…

والحقيقة أن  كثيرا من المشكلات تحل إذا سمينا الأمور بأسمائها الصحيحة ، ووضحنا الوصف السليم بدلا من اللف والدوران ، وبينا للناس كافة ما هي الضوابط التي تحدد أفعالنا واختيارتنا وما معايير اختيار الأشخاص ..وحتى البيانات الواقعية،  فكما قال الشاعر "… ***ليس شيء على الشعوب بسر"…  وهذا من علامات الاستقامة…



وليس للجهال من نهاية***
ولا لهم في الشبهات غاية..

والدين كله عليهم يشتكل ***
فلو تتبّعت هواهم لبطل...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق