أي حديث يرويه بكار وجوقته فلا تصدقوهم فيه إلا بعد تحققكم من كل حرف بأنفسكم في مراجعه، وهو غير مقبول سلفا، ولا على سبيل رواية أهل الكتاب الذين نروي عنهم ولا نصدقهم ولا نكذبهم، إلا أن يروى مرفقا ببيان أنه كذاب ويحال للمصادر مع الرواية، كما فعل العلماء مع أمثاله ، وإن كان الكذابون الأولون لم يصل هو لظفر أدناهم، ولا نزلوا لحضيضه، فقد غلب بعضهم تحفيز الناس فاخترعوا فضائل أذكار وعبادات، وأما هو فقال أنك يستحسن لك أن تغطي زوجتك وهي تزني!! وكأنها امرأة غريبة تسترها… ولا تضرب رقبة من هناك، ولا تلاعنها كما ورد في سورة النور… …… وقد حقق بذلك شهادات الملأ عليه…
قال ابن قدامة في المغني (12/535) : وإذا وجد رجلا يزني بامرأته فقتله فلا قصاص عليه ولا دية ، لما روي أن عمر رضي الله عنه بينما هو يتغدى يوما إذ أقبل رجل يعدو ومعه سيف مجرد ملطخ بالدم ، فجاء حتى قعد مع عمر فجعل يأكل ، وأقبل جماعة من الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين ، إن هذا قتل صاحبنا مع امرأته ، فقال عمر : ما يقول هؤلاء ؟ قال : ضرب الآخر فخذي امرأته بالسيف ، فإن كان بينهما أحد فقد قتله ، فقال لهم عمر : ما يقول ؟ قالوا : ضرب بسيفه فقطع فخذي امرأته فأصاب وسطه باثنين ، فقال عمر : إن عادوا فعد ، رواه هشيم عن مغيرة عن إبراهيم ، أخرجه سعيد ، انتهي وفيه إرسال ، إبراهيم هو النخعي لم يسمع من عمر وإن كان جماعة من الأئمة صححوا مراسيله ، قاله العلائي ( التهذيب 1/178).
وقد بوب البخاري في كتاب الحدود بابا سماه : (( باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله )) : ذكر فيه عن المغيرة أنه قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مفصح ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغير منه ، والله أغير مني )) . قال الحافظ ابن حجر : قوله (( باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله )) كذا أطلق ولم يبين الحكم ، وقد اختلف فيه : فقال الجمهور عليه القَوَد ، وقال أحمد وإسحاق : إن أقام بينة أنه وجده مع امرأته هدر دمه ، وقال الشافعي : يسعه فيما بينه وبين الله قتل الرجل إن كان ثيبا وعلم أنه نال منها ما يوجب الغسل ، ولكنه لا يسقط عنه القود في ظاهر الحكم ، وكذا قال الحنفية حيث ذكروا : أنه يحل ديانة لا قضاء ، فلا يصدقه القاضي إلا بينة )) ( الفتح : 12 / 174 ) .
وسئل الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن هذه المسألة ، أجاب :
الحمد لله ، إن كان قد وجدهما يفعلان الفاحشة وقتلها فلا شيء عليه في الباطن في أظهر قولي العلماء ، وهو أظهر القولين في مذهب أحمد ، وإن كان يمكنه دفعه عن وطئها بالكلام ، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لو أن رجلا اطلع في بيتك ففقأت عينه ما كان عليك شيء )) و (( نظر رجل مرة في بيته فجعل يتبع عينه بمدرى لو أصابته لقلعت عينه )) وقال : (( إنما جعل الاستئذان من أجل النظر )) وقد كان يمكن دفعه . وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبيده سيف متلطخ بدم قد قتل امرأته ، فجاء أهلها يشكون عليه فقال الرجل : إني قد وجدت لكاعًا قد تفخذها فضربت ما هنالك بالسيف ، فأخذ السيف فهزه ، ثم أعاده إليه ، فقال : إن عاد فعد .
ومن العلماء من قال : يسقط القود عنه إذا كان الزاني محصنا ، سواء كان القاتل هو زوج المرأة أو غيره ، كما يقوله طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد .
والقول الأول : إنما مأخذة أنه جني على حرمته فهو كفقيء عين الناظر، وكالذي انتزع يده من فم العض حتى سقطت ثناياه ، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه ، وقال : (( يدع يده في فيك فتقضمها كما يقضم الفحل ؟!)) وهذا الحديث الأول القول به مذهب الشافعي وأحمد .
ومن العلماء من لم يأخذ به ، قال :لأن دفع الصائل يكون بالأسهل . والنص يقدم على هذا القول . وهذا القول فيه نزاع بين السلف والخلف ، فقد دخل اللص على عبد الرحمن بن عمر ، فأصلتَ له السيف ، قالوا : فلولا أنا نهيناه عنه لضربه ، وقد استدل أحمد بن حنبل بفعل ابن عمر هذا مع ما تقدم من الحديثين ، وأخذ بذلك ."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق