خدم... خدم
وإن تباهوا أنهم
أهل الكتاب والقلم
وأنهم فى حلكة الليل البهيم
صانعو النور
وكاشفو الظلم
وأنهم ـ بدونهم ـ
لا تصلح الدنيا
ولا تفاخر الأمم
ولا يعاد خلق الكون كله
من العدم!
لكنهم خدم
بإصبع واحدة
يستنفرون مثل قطعان الغنم
ويهطعون علهم يلقون
من بعض الهبات والنعم
لهم، إذا تحركوا
فى كل موقع صنم
يكبرون أو يهللون حوله،
يسبحون باسمه،، ويقسمون
يسجدون، يركعون
يمعنون فى رياء زائف
وفى ولاء متهم
وفى قلوبهم..
أمراض هذا العصر
من هشاشة
ومن وضاعة
ومن صغار فى التدني
واختلاط فى القيم!
صدق فاروق شوشة وهو يحكي في قصيدته تلك عن التطور الطبيعي لسلوك غالبية طبقته من المثقفين والإعلاميين ليخرج الجيل الجديد من أراذل القوم، ويزداد القديم ابتذالا، والتدهور ليس طفرة ولا حادث سيارة، بل نتاج خذلان وشح وتقوقع النخب جيلا فجيلا، وثمرة انحراف ظل يزداد حتى صار انعكاسا وارتكاسا وتحريفا لضعف مقاومته..
تعديل: إضافة -1- أحسست فيها روحهذه ملاحظة سابقة خاصة بإرهاصات..
من ضمانات عدم ضياع الجهود وعدم جور الجانب السياسي على الجانب الشرعي أو حتى على أصل الإيمان والعقيدة كما جرى في القرون القريبة:
الحرص على العلم عند الصغار والجماهير، وعلى الشورى والشراكة في البيعات والعهود والأحلاف، وكون كل فرد صاحب قضية متعلم، وليس تابعا مقلدا أعمى،.
والفشل أمر قد يجري حين يتحول الموضوع من يد العامة للقيادات....وحين يتغير الحال من الضمانات التي لها آلية إلى ثقة وغرف مغلقة فقط، ومن الساحة إلى طاولة تفاوض
..وحتى الثورات التي غدر فيها النواطير بالشعوب تحقق فيها ذلك، التفكيك لم يكن صداما على الأرض بل في التفكير.
فالصواب أن كل فرد في الجسد هو متعلم ومستقل نوعيا بأفضل ما يمكن، وهو "بناء حام راغب" :
يفهم رسالته وصاحب قضية، وشريك على الأقل بقدر وعيه في اختيار العرفاء والنقباء الممثلين له، ويحاورهم دوريا، فلا أمان من الفتنة.
.. فقد تقوم ثورات ومعامع، ولكن يسرقها مرتزقة المستعمر، بسبب خونة معينين، أو تسرق علنا من يد جهلة، أو يغرر بالسذج خلسة ...ربما لخلل في غلق باب الشر وفي معرفة الضلالات العملية والغرق في التأويل المحرف.
.
.. وربما لكون الأتباع أوفياء- لكنهم بسطاء بما يكفي الخصم - في الدراية والفطنة، والفشل في كون الصف الثاني والعامة لا يفهمون لا يكملون! ولا يعون الجانب السياسي، ويقبلون حجره عليهم، ويصبح طلسما مغلقا للذي يفوز ويغدر بمجهود الناس، والذي يحصد الثمرة ولا يحدد أي ضوابط ومعايير أو مرجعية محددة وآلية للمحاسبة..
.. حتى الجانب العلمي البحت ليس فيه كهنوت مغلق ورفض للتبيين والتفهيم وتوضيح الاعتبارات والمعايير ومحاكمة القائل .. فما بالك(أراد أحد الناس آية وأجرا قريبا وعلامة .. فسأل وبحث فعلم أنه أخذ كنزا مقدما ووجد الفضل سابقا إليه فأناب....)
( ما معنى وصف أفضل المؤمنين بأنهم "السائحون".. والمؤمنات "سائحات" في هذا السياق..
قيل سَائِحَاتٍ يعني: صائمات.
وقيل سائحات يعني: مهاجرات.. وبينهما مشترك هو مكابدتهم ومجهودهم للابتلاء بالصبر عن متاع الدنيا ورغباتها وتحمل المشقة في الجوع والتعب وفقد الموطن، فالصوم والغربة فيهما نوع من عزلة الروح يحسه صاحبهما ويسمو به لو رزقه، وبعض أهل العربية يقول: نرى أن الصائم إنما سمي سائحًا، لأن السائح لا زاد معه، وإنما يأكل حيث يجد الطعام.)
( وقيل السياحة السير في الأرض . والمراد به هنا سير خاص محمود شرعاً. وهو السفر الذي فيه قربة لله وامتثال لأمره ، مثل سفر من هاجروا ومن حجوا ومن صابروا وركبوا الأسنة واستبسلوا في دفعهم وذودهم. وقالوا المعنى هنا هو السفر لذروة سنام الدين.)
( هذه السياحة الخاصة طلبا للشهادات العليا بحق هي رهبانية هذه الأمة، وهي خير من تلك، وهي أجمل وأعلى وأنفع وتشملها داخلها، وهي إيجابية أكثر وعملية ومعمرة للكون، فهي لا تترك المبطل يتلف ويهدر، بل توقفه عند حده وتنقذ فرائسه وبها يبيع المؤمن روحه لمولاه... هذا يدلك على نوعية الشخصية الربانية القوية التي بعد ترك أنواع الشرك وعمل الأركان والفرائض تسافر مهاجرة في رحلة من نوع فريد.. فلا تحسب حسابات ايا بني.. العدد بذاته لا يمثل فارقا كبيرا.
حتى الجاحدين يقولون "مسجون واحد هز دولا حين كان طليقا. والملايين معه لم تفعل مثله بعد ذهابه.." النوع فقط عليه المعول الأول.. الكيف والأثر لا - الحجم- لهما الاعتبار..
كما يضايقنا أن بعض الأطباء يتنافسون على وجع مخلوق ما ببرود ودون ظهور تأثر أو رحمة .. فيضايقنا كذلك تنافس بعض الصحفيين على حجم الدماء، دون ترفق مع جلال الموقف .. هذا يصيح أنا قلت أولا وهكذا أنا أوثق.. مصادري أسرع منهم.. السبق عندي، صحة التحليل ظهرت كما حكيت لكم إلخ.. من يلتفون حولك بهذا الارتجال وجو المباريات والهستيريا لا قيمة لهم يا بنيهل هم يحكمون الحكومات العالمية بقهر حقيقي أم أن كلا منهم يعبد هواه أساسا، وكل يقدم خوفه منهم وطمعه فيهم وهم عينوا وزرعوا أو عرضوا واشتروا ما هو قابل للبيع ومن لا يقول أهلا بالصراعات ولو للمصالح.
هل هي حسابات الهوى والجبن وو.. عند كل موظف ومسؤول تمنعه من الانسحاب من المشهد حيث الكل مشارك بالصمت والكلام المخدر والتعبيرات المسممة التي لها نتائج محسوبةلا تريد رؤية مشاهد مؤلمة عليك دفع ثمن.
لا تريد أن تحاسب ولا أن تكون مشاركا عليك دفع الثمن. وأحيانا عليك إثبات ذلك دنيويا ... راجع سيرة الخلفاء الراشدين. (هلا فعلت كذا..) (هلا تكلمت فيمن تكلم..) عندما كنت على الطاولة ... هلا ابتعدت كمن فارق الخونة الناكثين ولم يكثر عددهم وسوادهالحرص على الحياة الدنيا مذموم في القرآن الكريم لو تعارض مع أمور معينة ... الحرص على الحياة بأي وضع ليس شيئا جميلا، بل هو مذلة قبيحة، هو بؤس اختياري أشد من القهر فهو دناءة وحقارة قبلها صاحبها، وليس شيئا قسريا لزمه لإبائه وتضحيته.
ربما كان الهوان وخسران الآخرة في الحرص على حد أدنى من العيش بأي ثمن، أو على قوة معينة وسلطة مسبحان من يبتليك على قدر ما وهبك.
سبحان من يريك دوما من آياته، ولا يسألك رزقا، بل يعظك لتنفق على نفسك دنيا وآخرة مما أعطاك هو! فتسعد أنت للأبد.
... تحيا وتموت لتكون كلمة الله هي العليا في حياتك وفي مهمة كيانك، وتتحاشى إدمان اللدغ من نفس الجحر مرارا، وتعلم أن الاجتماع التام إنما هو تحت بيرق خفاق.. معناه لا إله إلا الله، وليست لافتة فقط، بل منطلق فكري ورؤية عامة، وتصور للكون ولنظام العيش، ومرجع للتشريع وغاية للعمل! ومشاعر تسري وفرقان يفصل بين الولاءات وفهم مكتمل، وليست هلامية ولا نسبية وعليك التعلم المستمر لتعي ما علإذا كان علينا واجب ولم نفعله فالصواب والشرف أن نعترف بالخطأ والتقصير والجبن والكسل والتأخر ووو... ثم نحاول أن نصحح أو أن نتأهل لنصبح قادرين: فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، نتأهل نفسيا ومعرفيا وماديا وغير ذلك، أما اختراع الأعذار والتلفيق فهذا يدخلنا في حمأة المنافقين..
الذين اعتذروا في سورة براءة رضي الله عنهم كانت عندهم بهذه الصراحة براءة من النفاق، ولكنهم ارتكبوا خطيئة كبرى وغفر لهم بالتوبة والتبيين والإصلاح والتغيير، فإذا أنت لم تعتذر وجادلت بالتعلل فربما كنت مع المنافقين أو سوغت لغيرك الخذلان بعذر زائف مرفوض مردود يضم ذنبا إلى ذنب، أما إذا بررت وفلسفت وشرعت وجعلت التخلف عقلا ودينا وعلما وو.. فهذا يجعلك سيفا علنيا مع الخصوم، حتى لو لم تقلها.. والكلام عن الدفع للصائل الذي لا يشترط فيه إذن ولا نقاء للراية فارق كبير بين "عدم جلد الذات" وبين "فقد الاحساس" اللوم السلبي خطأ، ولكن الخنزرة واللامبالاة خطيئة.
.. والموقف متغير يا بني، فلو لم يكن شيئا ما واجبا أمس فليست الصورة ثابتة وعليك دوام مراجعة نفسك.
.. بل الراحة النسبية هي حين لا تخسر إيمانك وقلبك.
الوفاء هو حين تكون على ثغر لم تختره بهواك، بل له الأولية حقا، ولا تمزق نفسك بعد، لكن! راجع الشمولية والترتيب طبقا لما تتعلم يوميا ولما تعلم مما يجد في واقعك، ومما تستشرفه..
فقد الاحساس هو حين تحاول أن تتكيف وتتأقلم وتتسامح مع السماجة والبرود..
وليس كل من يعاني يصرخ.. بعضهم يتعفف. وعليك التفقد والسؤال. ولتنظر بعيدا وتبحث كيف يحل هؤلاء مشكلاتهم الشخصية وكيف أخفف عنهم..يك.ا.م..لدنيا) بالتنزيل الواقعي. قصيدة "هبل" للشهيد سيد قطب