ليست كل الذنوب والخطايا السياسية والاقتصادية والفقهية قبيحة شكلا - كإيذاء الخلق مثلا- لهذا صنف ابن الجوزي وغيره كتبا عن الحيل والتضليل وحبائل الخداع.
يعني للشيطان مصائد.. وله زينة وطلاء وشهوة، لكن هذه المغريات والشباك ليست كلها مادية، بعضها متعة أو حيلة فكرية معنوية ...وسيلة تغرير لإبليس أو متاهة للإيقاع بك، أهم شيء عدم الوقوع في حبائل الشيطان للفرد والمجموع..
البعد عن المكر يكون بصفاء القلب وبعدم تعصبه لأحد أو لشيء أو لماض أو لوضع ما.. حتى لو كان شيئا جميلا ظاهريا، وعدم التعصب لرأي النفس وانطباعها.
والوقاية من التضليل تكون بالاهتمام بالفهم والعلم وبالاستنباط، وبالتقى والإحسان العملي.
أحيانا ننجح على الأرض ونفشل في الختام على الطاولة كما جرى ببلاد غيرها، يعني أحيانا تنجح الكوادر البسيطة وتخطئ لجان السياسات بركوب أحد ينتزع ثورتها وجهدها، ويسرق الثمرة، أو تنجرف وتنحرف رويدا، فتفقد غاية أهم مما تحصل، أو تغير بوصلة غايتها. أو تفشل في التفاوض بحسن نية لقلة الدراية..والعلاج له وسائل بآليات للحوكمة الداخلية والتقييم والاحترافية، ومعايير للشفافية والشراكة مع الأساس البشري، وخطوط حمر عملية معلنة وضوابط للاستدلال، وغير ذلك.
من درس علم أنه حتى الخوارق ليست دليل صحة قبل عرض الوضع على منهج الاستقامة..
ولأننا عقلاء ورزقنا العلم والبيان فنحن نمتحن بالبعد عن الخطأ الواضح وبالبعد عن الخطأ غير الواضح كذلك.. الذي يحتاج لاستنباط وتأن وسؤال أهل الذكر والخبرة، طبعا قدر وسعنا واستطاعتنا. يعني نبتلى بوجوب البعد عن الافتتان بالخطأ الذي يلبس ثوب الصحة.. بقدر المستطاع.
..واجبنا أن نأخذ بالأسباب والعلم والذكر والخبرة ونعمل بالاستنباط للكشف، ونستعمل السمع والبصر وفقه الألباب. لأننا محاسبون على الإمكانات ومبتلون باستعمالها.. وتوظيف النعم واستغلال الوقت كل هذا من جوهر الإحسان.
ما سبق يهدف للبعد عن التضليل الفتان، ولاجتناب الانحراف من النوع الملبس المعمى.
... كل هذا للبعد عن الانحراف من النوع الذي نراه بقلوبنا وعقولنا فقط، وربما لا نراه بأعيننا لأول وهلة، هناك تكليف وواجب، هذا لأن هناك منحة وموهبة مسخرة لنا، لذلك علينا ألا نعطلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق