الخميس، 23 أكتوبر 2014

وأعرض عن الجاهلين


" وأعرض عن الجاهلين"

" وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما "

لابد أن هناك فسادا كبيرا جدا سيحدث لك ومنك وحولك وبسببك ومن بعدك ..كل هذا لو جاريت الجهول السفيه في مداورته ومحاورته شفهيا وكتابيا أو تابعت هواه في التنزل..

وإلا ما اختير هذا الإعراض عن الجاهلين اللجوجين وسط الصفات العظيمة للعابدين الصالحين في آيات شريفة وأحاديث كريمة...

وكأنه إذا من مقومات صلاح الدنيا والآخرة، وليس من أسباب راحة البال والتفرغ لجليل الأشغال فقط..

وليست المشقة في الكلام معهم محمودة مأجورا عليها..

قال تعالى:

  " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون"

...قال صلى الله عليه وسلم:

" أنا زعِيم بِبيتِ في رَبَضِ الجنة ِ، لمن تركَ المِراء وإن كان مُحِقَّاً"

لو  لم تعرض عن المراء حول الدين والدنيا مع هذا الصنف فأنت الملوم,  فلست مأمورا بمماراته بل بالإعراض عنه..،

سيغرقك في الماء والطين بدون أدب الحديث......

لو سايرت محاورا عقيما -لكنه ولود في السفسطة -بعقل ناقص وعلم قاصر وأدب غائب، مع لف ودوران دائبين دائمين فأنت الملوم،

لو ناقشته كالساقية الجافة في رؤيته الانتقائية أو في تصوره العاجز، بسبب خلل في مركزي  الفهم والإبصار معا- قال تعالى:  "ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة.." .. - فأنت الملوم..

روى ابن أبي حاتم أن
"سالم بن عبد الله بن عمر مر على عير لأهل الشام وفيها جرس ،
فقال : إن هذا منهي عنه ،
فقالوا : نحن أعلم بهذا منك ، إنما يكره الجلجل الكبير ، فأما مثل هذا فلا بأس به . فسكت سالم وقال :
( وأعرض عن الجاهلين ) "

التمادي معه حال المكابرة منه عن الإقرار بذلك القصور في علمه جناية - "قال صلى الله عليه وسلم : إنما شفاء العي السؤال" -
وهذا لا يتداوى من مرضه في حالة استنكافه عن الطلب والبحث والسؤال،
واستكباره عن السعي للتعلم والإدراك والتوسع، لرفع الجهل المركب وعلاج نصف العلم  ونصف فهم المفردات الأساسية،

قال شيخ الإسلام :

"يفسد الدنيا نصف طبيب ونصف عالم"..
بمعنى أن " نصف الرمز يمثل الجهل المركب، الذي يظن صاحبه أنه العلامة الفاهم الألمعي الملهم الواعي  ... ويغر نفسه ومن خلفه ويقدمهم ليغرق ويغرقهم معه في اليم بكل حماسة"

لو حاولت أن تصحح له بالجدل في مقام الإعراض أو المسايفة غشاوة إدراكه وأحاسيسه  المطبوع عليها قلبيا- " وقالوا قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم"-،

أو حاولت أن تعدل له حالة الرؤية بنصف عين ونظارة صفيقة " واستغشوا ثيابهم .." أو حالة السماع بوقر صناعي في الأذن "وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون" .. فأنت الملوم..

" سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين"

هذا يتلقى أصلا نصف الحقيقة الظاهرة عجزا أو تعمدا ،
ثم يدرك ويفهم ويستوعب من معطيات الصورة- الناقصة- ربعها ،
وينطق أحيانا بعكس ما يريد قوله لخلل في لغته ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق