الأحد، 4 يناير 2015

   قبل الاختلاف لابد من تحديد من هو المسلم بشكل واضح..حكما وصفة وليس باطنا فقط..
لقد وصلنا إلى مرحلة أن نقول:
هل هو من يصرح بأنه يجهل التوحيد ويصرح بالشرك لفظا ويمارس كفرا بواحا مع نطقه بالشهادتين؟

ثم تحديد الواقع ومظاهر المكفرات فيه وصور النواقض لأصل الدين ..
فإذا كنا نتحدث عن واقع آخر وبلاد أخرى فيها
لا أحد يفعل مكفرات سوى الحاكم.. أو حاكمها كل مشكلته أنه يبدل جزءا فقط من التشريع فلابد أن نتوقف لضبط تصورنا للواقع أولا..
ونتوقف لضبط ميزان ومرجع للإسلام نؤصله بيننا ليكون معيارا ..

لا يقال بكفر الناس لكفر الحاكم بل إذا فشى الضلال والكفر البواح والشرك الأكبر بالاستقراء..
ويقال بكفر جنودهم بما يسري منهم كطائفة من رايتهم لممارساتهم لعقيدتهم المعلنة،  غير ما ينطبق عليهم
كجزء من قومهم، وكفر الحاكم ليس بتغيير جزء من الشرع بل هي جاهلية تامة عقيدة وشريعة وعبادات
وأخلاقا وحدودا ومعاملات، ولا شيء اسمه تكفير بالظن، بل الأسلمة هي التي بالتلفيق،  والباطن حجة على الظاهر..
ودلالة الحال هي الظاهر، والتصريح بمخالفة العقيدة وبكل نواقض الإسلام علني ، وممارسة ذلك إعلاما وتعليما وثقافة
وأوقافا بالخطابة وبالدروس المحددة سلفا ثم بالتشريع وكتابة الدساتير، وكله بانتخابات واستفتاءات،
فهذان أمران منفصلان ثم الاحتكام لهذا التشريع أمر ثالث..


((قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ )) ( آل عمران : 32) .
 يقول ابن كثير: (دلت الآية على أن مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله ويتقرب إليه حتى يتابع الرسول النبي صلى الله عليه وسلم الأمي خاتم الرسل ورسول الله إلى جميع الثقلين) (تفسير ابن كثير 1/338).


دفع ما نزل به الوحي:
الإجماع كما حكاه إسحاق بن راهويه رحمه الله حيث يقول: (قد أجمع العلماء أن من سب الله عز وجل، أو سب رسوله، أو دفع شيئاً أنزله الله، أو قتل نبياً من أنبياء الله، وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر) (التمهيد 4/226 ) .
 وقال محمد بن نصر المروزي -رحمه الله-: (لا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بعقد، ومثل العمل من الإيمان كمثل الشفتين من اللسان لا يصح الكلام إلا بهما، لأن الشفتين تجمع الحروف واللسان يظهر الكلام، وفي سقوط أحدهما بطلان الكلام، وكذلك في سقوط العمل ذهاب الإيمان) (الفتاوى 7/334).
وفي حديث الذي تزوج امرأة أبيه
يوضح ابن جرير معنى هذا الحديث بقوله: (فكان فعله -أي الذي تزوج امرأة أبيه- ذلك من أدل الدليل على تكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أتاه به عن الله تعالى، وجحوده آية محكمة في تنزيله، فكان بذلك من فعله حكم القتل وضرب العنق، فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله وضرب عنقه، لأن ذلك كان سنته في المرتد عن الإسلام) (تهذيب الآثار 2/148)، فصرح ابن جرير رحمه الله تعالى أن فعل هذا الرجل استحلال لما حرم الله، وتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعلم أن الاستحلال ليس محصوراً باللسان فقط، فإن فعل ذلك الرجل استحلال أوجب كفره وقتله، وكذا الجحود ليس محصوراً على تكذيب ما فرض الله تعالى، بل يتناول الجحود -أيضاً- الامتناع عن الإقرار والالتزام كما بين ذلك شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (7/530، 20/98) وانظر رسالة ظاهرة الإرجاء للحوالي (158-162 )
وكون الظاهر حجة على الباطن فيه الكثير من الأمثلة
وجاء في الفتاوى البزازية: (والسجود لهؤلاء الجبابرة كفر..) (6/343).  ولما أورد الرملــي -من فقهاء الشافعية- أنواع الردة.. كان مما قاله: (السجود لصنم أو شمس أو مخلوق آخر، لأنه أثبت لله شريكاً) (نهاية المحتاج 7/417 ) .
وقال القاضي عياض: (وكذلك نكفِّر بكل فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر.. كالسجود للصنم وللشمس والقمر والصليب والنار )(الشفا 2/1072 ) فهو مقيد بالفعل دون تصريح كما يقول الجهمية
الدردير -من علماء المالكية- في موجبات الردة حيث قال: (إلقاء مصحف أو بعضه.. ومثل إلقائه تركه بمكان قذر أو تلطيخه به..) (الشرح الصغير 6/145)، وعدَّ البهوتي من نواقض الإسلام ما يأتي: (أو وجد منه امتهان القرآن.. أو إسقاط حرمته) (كشاف القناع 6/137).



التشريع حقٌ لله وحده، ومن شَرَّع من دون الله؛ فقد أشرك بالله عز وجل وكفر :-
التشريع والتحليل والتحريم حقٌّ لله وحده، كما قال الله تعالى: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) , فكما أنَّ الله عز وجل هو الخالق وحده، فكذلك له الأمر والتشريع وحده، فهو وحده له الأمر الكوني، وله الأمر الشرعي، وهو وحده له الحكم الكوني, وله الحكم الشرعي؛ ولهذا المعنى سَمَّى الله - عز وجل - من يتخذَهم الناسُ مشرِّعين شركاء, فقال سبحانه - مستنكراً على العباد أنْ يتخذوا مشرعين غيره -: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ)، فمن اتخذ أو قَبِلَ تشريعاً غير تشريع الله فقد أشرك بالله, ولهذا قال الله عز وجل عن أهل الكتاب: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ)، وفي الحديث: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية على عدي بن حاتم الطائي, فقال: يا رسول الله لسنا نعبدهم. قال صلى الله عليه وسلم: " أليس يحلُّون لكم ما حرَّم الله فتحلُّونه, ويحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرمونه؟! قال: بلى. فقال صلى الله عليه وسلم: فتلك عبادتهم ", خرَّجه الترمذي وابن جرير الطبري وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي (
[4]
).قال أبو محمد بن حزم: ( لما كان اليهود والنصارى يُحرِّمون ما حرَّم أحبارهم ورهبانهم، ويُحِلُّون ما أحلُّوا كانت هذه ربوبيةً صحيحةً، وعبادةً صحيحةً، وقد دانوا بها، وسمى الله تعالى هذا العمل: اتخاذَ أربابٍ من دون الله, وعبادة، وهذا هو الشرك بلا خلاف.)(
فهؤلاء القوم لم يكونوا يسجدون لأحبارهم ورهبانهم، ولا يتقربون إليهم بالشعائر التعبدية الظاهرة،(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)، وقال عز وجل: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّه).
فما لم يشرعه الله عز وجل فهو حكم الطاغوت وحكم الجاهلية, قال الله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
وحَكَم الله عز وجل على من أطاع غيره بقبول تشريعٍ مخالفٍ لشريعته بأنَّهم مشركون, فقال سبحانه: (وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)، فجعل سبحانه طاعة الشياطين وأوليائهم في تحليل ما حرَّم الله من الميتة شركاً به سبحانه.
وقال عز وجل (وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً), وفي قراءةٍ سبعية: (وَلَا تُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً), وقال سبحانه: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)،
الحكم بالقوانين الوضعية بعد وجود الكتاب والسنة مسألة لم تقع إلا في عصر التتار وعصر ابن تيمية وابن كثير فقلت النقول حوله مع وضوح الدلالة
نقل الإجماع عليه فقال رحمه الله عند تفسيره لآية { أفحكم الجاهلية يبغون } سورة المائدة ، قال : ( ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتله . )

وقال ابن كثير في البداية والنهاية 13/118 ، 119 : ( فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه من فعل ذلك فقد كفر بإجماع المسلمين ) اهـ . الآية نفت الإيمان حتى يحكّم الرسول صلى الله عليه وسلم كما وضح ذلك ابن تيمية في الصارم ( 2/80، 3/ 984) ، ومجموع الفتاوى (28/471)، وابن كثير في تفسيره (3/211) ، وابن القيم في التبيان في أقسام القرآن (270)، وفتح القدير للشوكاني  (1/484) . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق