الجمعة، 16 يناير 2015

آيات السكينة.. الرقية..

هذه الآيات سماها بعض السلف بآيات السكينة: 

وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلـآئِكَةُ, إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِيـنَ (248)
سورة البقرة.

ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ, وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِيـنَ (26)
سورة التوبة.

إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا, فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى, وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا, وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)
سورة التوبة.

هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ, وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ, وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)
سورة الفتح.

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)
سورة  الفتح.

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُـوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا, وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)
سورة  الفتح.

والسكينة طمأنينة ينزلها الله تعالى في قلوب عباده ، فتثمر السكون والوقار والثبات عند المخاوف والفتن والمحن.

يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في شرح منزلة " السكينة "
من منازل السالكين إلى رب العالمين :

" هذه المنزلة من منازل المواهب ، لا من منازل المكاسب ، وقد ذكر الله سبحانه السكينة في كتابه في ستة مواضع :

الأولى : قوله تعالى : ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) البقرة/248.

الثاني : قوله تعالى : ( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) التوبة/26.

الثالث : قوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) التوبة/40.

الرابع : قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ) الفتح/4.

الخامس : قوله تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) الفتح/18.

السادس : قوله تعالى : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) الفتح/26.


وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور : قرأ آيات السكينة . وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها ، من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة ، قال : فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي : اقرأوا آيات السكينة ، قال : ثم أقلع عني ذلك الحال ، وجلست وما بي قَلَبَة .

وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه ، فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته .

وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف ، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه ، ويوجب له زيادة الإيمان ، وقوة اليقين ، والثبات ،

ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم الهجرة ، إذ هو وصاحبه في الغار ، والعدو فوق رءوسهم ، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما ،

وكيوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار لا يلوي أحد منهم على أحد ، وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكم الكفار عليهم ، ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس ، وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه عن حملها ، وهو عمر ، حتى ثبته الله بالصدِّيق رضي الله عنه .

وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : رأيت النبي ينقل من تراب الخندق حتى وارى التراب جلدة بطنه وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه :

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا




وفي صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الكتب المتقدمة :

إني باعث نبيا أميا ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا متزين بالفحش ، ولا قوال للخنا ، أسدده لكل جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، ثم أجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره ، والحكمة معقوله ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والعدل سيرته ، والحق شريعته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه "

انتهى باختصار.

" مدارج السالكين " (2/502-504)

مما يستفاد:

وهكذا فقد جوز بعض أكابر السلف التجريب في الرقية كتجارب المداواة، فما سوى القرآن لا بأس به ما لم يكن حراما في نصه، فكيف بالقرآن ، والشواهد متكاثرة على مشروعية ذلك،

فالرقى قد تنوعت والوصايا بها تواترت وتقاطرت، وكل هذا على ألا  تتخذ الأدعية الاجتهادية عبادة تشبه التعبد بالأذكار الثابتة في الكتاب والسنة والمرتبطة بزمان معين وهيئة معينة .

وكان من هدي السلف كذلك الاجتهاد في الدعاء وفي الثناء على الله تعالى، كل بأسلوبه، إضافة للأدعية المأثورة الثابتة


وكان من هديهم بذل الوسع في الفهم، واعتماد التسمية الموضوعية لأي جزء من الدين، وهي تسمية اجتهادية للإفهام والتقريب والشرح ،

واعتماد أسلوب التقسيم،  للتوضيح والتوظيف باعتبارات صحيحة،
ووضع العناوين لبيان المضمون أو لخدمة غرض المضمون..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق