الخميس، 13 أكتوبر 2016

{ لقد خلقنا الإنسان في كبد } . . تفسير

{ لقد خلقنا الإنسان في كبد } . .
في مكابدة ومشقة ، وجهد وكد ، وكفاح وكدح . .
( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه ) . .
....
وفي كل تجربة جديدة كبد كتجربة الحبو والمشي سواء!
ثم تفترق الطرق ، وتتنوع المشاق؛
هذا يكدح بعضلاته . وهذا يكدح بفكره . وهذا يكدح بروحه .
وهذا يكدح للقمة العيش وخرقة الكساء .
وهذا يكدح ليجعل الألف ألفين وعشرة آلاف . .
وهذا يكدح لملك أو جاه ، وهذا يكدح في سبيل الله .
وهذا يكدح لشهوة ونزوة . وهذا يكدح لعقيدة ودعوة .
وهذا يكدح إلى النار . وهذا يكدح إلى الجنة . .
والكل يحمل حمله ويصعد الطريق كادحاً إلى ربه فيلقاه!
وهناك يكون الكبد الأكبر للأشقياء . وتكون الراحة الكبرى للسعداء .
إنه الكبد طبيعة الحياة الدنيا .
تختلف أشكاله وأسبابه، ولكنه هو الكبد في النهاية .
فأخسر الخاسرين هو من يعاني كبد الحياة الدنيا لينتهي إلى الكبد الأشق الأمرّ في الأخرى .
وأفلح الفالحين من يكدح في الطريق إلى ربه ليلقاه بمؤهلات تنهي عنه كبد الحياة ،
وتنتهي به إلى الراحة الكبرى في ظلال الله .
على أن في الأرض ذاتها بعض الجزاء على ألوان الكدح والعناء .
إن الذي يكدح للأمر الجليل ليس كالذي يكدح للأمر الحقير .
ليس مثله طمأنينة بال وارتياحاً للبذل ، واسترواحاً بالتضحية ، فالذي يكدح
وهو طليق من أثقال الطين ، أو للانطلاق من هذه الأثقال ، ليس كالذي يكدح ليغوص
في الوحل ويلصق بالأرض كالحشرات والديدان!
والذي يموت في سبيل دعوة ليس كالذي يموت في سبيل نزوة . .
ليس مثله في خاصة شعوره بالجهد والكبد الذي يلقاه .
------------------------------------------
"مختصرا من تفسير: الظلال،
وهو من روائع الجمع والتوفيق وإيجاد التناسب الدقيق بين الأقوال في التفسير"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق