الاثنين، 7 نوفمبر 2011

نظرة الأستاذ محمد قطب إلى الديمقراطية


نظرة الأستاذ محمد قطب إلى الديمقراطية
___________________________________________



إخواني الأحبة..
وجدت هذه المقابلة للأستاذ محمد قطب في موقع التجديد الإسلامي..
وقد ذكرتني بما قرأته له سابقاً في كتاب (واقعنا المعاصر) عن نظرته للديمقراطية وتجربة الإسلاميين في الدخول فيها..


بسم الله الرحمن الرحيم
نشرت جريدة المحجة المغربية في عددها 149 الصادر في 19/04/2001 كلمة للدكتور محمد قطب تحت عنوان (فضاءات دعوية) حول (الديمقراطية). ولأنها تصف واقع الديمقراطية من كونها نظام كفر وأنها تخالف الإسلام مخالفة صريحة فإن « الـوعــي» تنشر قسماً منها لينتفع بها من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

=============================================

... حين ندخل في لعبة الديمقراطية، فأول ما نفعله هو تحويل الإلزام الرباني إلى قضية يُستفتى فيها الناس، وتُؤخذ عليها الأصوات بالموافقة أو الرفض، مع إتاحة الفرصة لمن شاء أن يقول: إنكم أقلية، والأقلية لا يجوز لها أن تفرض رأيها على الأغلبية.. إذاً فهي مسألة رأي، وليست مسألة إلزام، مسألة تنتظر أن يصل عدد أصوات الموافقين عليها مبلغاً معيناً حتى تتقرر.

وبصرف النظر عما فعلته الجاهلية في الجزائر حين وصلت الأصوات إلى المبلغ المطلوب ـ وهو درس ينبغي ألا يَغْفُل عن دلالته أحد ممن ينادون باتباع هذا الطريق ـ فإن القضية يجب أن تتحدد على أساس آخر مختلف... إن تحكيم الشريعة إلزام رباني، لا علاقة له بعدد الأصوات، ولا يُخيّر الناس بشأنه، هل يقبلونه أم يرفضونه، لأنهم لا يملكون أن يرفضوه ثم يظلوا مسلمين!

وفرق بين أن تكون إقامة الإسلام في الأرض متوقفة ـ بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى ـ على وجود قاعدة مؤمنة ذات حجم معين، تملك تحقيق هذا الإلزام الرباني في عالم الواقع، وبين أن يكون الإلزام ذاته موضع نظر وموضع استفتاء! سواء أستطعنا تحقيقه في عالم الواقع، أم لم نستطع لضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس، كما كان حال المسلمين في مكة... ويجب أن تقدمه الدعوة للناس على هذا الأساس: أنه إلزام رباني، وأن النَّاكلَ عنه مرتدٌّ في حكم الله، وأن جميع الناس مطالبون بتحقيقه، حكاماً ومحكومين، سواء وجدت هيئة أو جماعة تطالب به أم لم توجد؛ لأنه ليس متوقفاً على مطالبة أحد من البشر، بعد أن طلبه رب العالمين من عباده بصيغة الأمر الملزم.

وهذا المعنى يختفي تماماً في حس الناس ـ أو في القليل يفقد شحنته الفاعلة ـ حين ندخل في لعبة الديمقراطية، التي تقرر من حيث المبدأ أنه لا إلزام لشيء إلا ما تقرِّرُهُ غالبية الأصوات.

والخسارة الثانية التي نقع فيها حين ندخل في لعبة الديمقراطية، هي تمييع قضية الشرعية، فالشرعية في الديمقراطية هي لمن يأخذ أغلبية الأصوات، وهذا ليس هو المعيار الرباني؛ إنما المعيار الرباني هو تحكيم شريعة الله، ومن أعرض عن تحكيم شريعة الله فلا شرعية له في دين الله، ولو حصل على كل الأصوات لا غالبيتها فحسب، وهنا مفرق طريق حاد بين الإسلام والديمقراطية.

وحين ندخل في لعبة الديمقراطية فلا بد أن نقر بشرعية من يأخذ غالبية الأصوات، ولو كان لا يحكّم شريعة الله، لأن هذا هو قانون اللعبة، الذي لا نملك مخالفته، وعندئذٍ نقع في محظور عقدي، وهو إعطاء الشرعية لأمر قال الله عنه إنه كفر، وهو التشريع بغير ما أنزل الله.

ومهما قلنا في سرنا وعلننا: إننا لا نوافق على التشريع بغير ما أنزل الله، فإنه يلزمنا أن نخضع لقانون اللعبة، ما دمنا قد ارتضينا أن نلعبها، بل طالبنا في كثير من الأحايين أن يُسمح لنا باللعب فيها، واحتججنا حينما حُرمنا من هذا الحق.

ولم يَفُتْ أعداءنا أن يستغلوا وقوعنا في ورطة الديمقراطية ليحرجونا، ويشتدوا في إحراجنا، فقالوا لنا: ما موقفكم إذا دخلتم الانتخابات ولم تنجحوا، ونجح غيركم ممن لا يحكّم الشريعة؟ فقلنا ـ وياللعجب ـ : نحترم رأي الأمة!! فسألونا: إذا كنتم في الحكم ثم رغبت الأمة عنكم، وأعطت الأصوات لغيركم، فقلنا ـ وياللعجب ـ: نخضع لقرار الأمة! أوَ لو كان قرارُ الأمة مناقضاً لما قرره الله؟!

أي تمييع لقضية لا إله إلا الله وقضية الشرعية أشد من ذلك؟

ومع ذلك فما دمنا قد دخلنا اللعبة فلا مناص لنا من أن نقبل قانونها، لأن هذا هو مقتضى المنطق. إنما يحق لنا أن نرفض القانون حين لا نشارك في اللعبة أصلاً، فنكون منطقيين مع أنفسنا ومع الناس حين نقول لهم: إننا لم نشارك في اللعبة لأن قانونها مخالف لما قرّره الله وأَلْزَمَ به عباده.

وبطبيعة الحال، فإننا حين نقول ذلك فسيقول عنا أعداؤنا: أنتم لستم ديمقراطيين، أنتم أعداء الديمقراطية، ونقول لهم: قولوا ما شئتم، فلن نقبل نظام حكم يعطي البشر ابتداءً حق التشريع بما يخالف شرع الله؛ لأننا إن قبلنا ذلك لا نكون مسلمين! والذي أنزله الله علينا هو الإسلام وليس الديمقراطية، والذي ألزمنا الله به هو الإسلام وليس الديمقراطية، والذي يحاسبنا الله عليه يوم القيامة هو الإسلام وليس الديمقراطية: ]إن الدين عند الله الإسلام[ (آل عمران: 19)، ] ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ (آل عمران).

بين الشورى والديمقراطية

وفي الإسلام شورى، ولكن الشورى ليست هي الديمقراطية، فالشورى هي في الطريقة الصحيحة لتطبيق النص، وفيما يجتهد فيه المسلمون فيما ليس فيه نص... أما الديمقراطية فهي تجعل الحاكمية ابتداءً في يد البشر، ولا توافق على اعتبارها حق الله وحده بلا شريك! وما أبعد الشقة بين ديمقراطيتهم وشورى الإسلام: ]أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون[ (المائدة) ...


مجلة الوعي العدد 172 آب 2001

(((منقول من منتدى التجديد الإسلامي للكاتب المظفر قطز)))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق