هناك أناس قد يشغلونك بقضية تحطيم شخص مات منذ قرن أو عشرة قرون، وقد اتسع منهجه ولم يعد حكرا عليه، ولا هو مبني على تقليده لذاته، فالعبرة بالحوار العلمي الموضوعي في المسائل والأقضية بعينها ..ولا يصح الانشغال والتشرذم حول شخصه في حالنا وواقعنا، فالاستهلاك دوامة موحلة..
قد يشغلونك بأمور هامة لكنها خلاف الأولى الأهم منها، وهي غير الأصل ورأس الأمر وما بدأ به وعاشه النبي صلى الله عليه وسلم والقرون الفاضلة، ولا يصح عامة تناول نصوص العلماء دون النظر لفقههم في واقعهم وفي اعتبارهم لمآلات الأمور ولما يبنى على الكلام من تبعات معتبرة شرعا.. ففي وقت ما كفوا عمن هو أقل في الخطأ لاعتبارات مشروعة.. لم يكفوا عن بيان الصواب، لكن عن طريقة النزاع وإدارته، وهذا ثابت في تراجمهم..
والتعامل مع البدعة له فقه عميق غير سطحي ولا عاجل، وهو غير التحزب والتحمس والتنافس لسحق من يناقشك، والواقعون في البدع ليسوا سواء، بل يختلف حال الداعية عن المقلد، والمعاند عن الباحث، ومن أخذ الخطأ بأسوأ صوره وكل لوازمه عمن التبس بشيء منه، ومن منهجه مختل أو مختلط عمن اختط منهجا منحرفا تماما منذ البداية.. وليس هذا العلم هو أول ما يلزمك لتبني نفسك وتوجه القوم، أو لتضعه في وجه محاورك أو حائلا بينك وبين من حولك...
التحمس وعرض الرأي بطريقة شحذ الجماهير وجوستاف لوبون لا تصنع جنودا رساليين أصحاب قضية، بل مجرد أدوات وبيادق ومصفقين، وليس هؤلاء من بنوا مجد الإسلام وقدموا نماذج قدواته..
تواضع إذا وأنت تعرض طرحا، حرصا على قلبك وعلى نفوس المتلقين وثقافتهم .. هذا ما دام تنزيله على الواقع من عندك، وهو كذلك بلا شك، وما دام تكييف المسار من اجتهادك وضبطك.. لأنك ستحمل عبء من يندفع بلا بصيرة في تصور خاطئ..
وما دامت غايتك هي رضوان الله تعالى فاستمسك بأدب الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم في البيان ودع المواقف الاستثنائية مع من لهم قدم سبق فنحن في موقف ممتد مطرد له جذور وعلاج، وليس حادث سيارة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق