"ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا"
كان يوسف الصديق عليه السلام في السجن ممتنا شاكرا، يحكي عن الفضل عليه كأنه ملك متوج..
كان يود الخروج. نعم! لكن نور العلم والذكر هما شغله الأول، ومنهما زاده الذي يقويه..
ولا نطالب الناس باسم الصبر الجميل ألا ينطقوا بالشكوى، وألا يعبسوا حينا، ويتألموا ويحزنوا أحيانا، فليس هذا ما جاء به القرآن الكريم عن أهل الهدى والقدوة والصبر الجميل، بل إن بدأ المؤمن بالحمد وتأدب في القول وحاول قدر الوسع ففيض مشاعره ودمع جوارحه في عفو الله ورحمته ورأفته، وهو عليم بها، ويأجره سبحانه ولا يحرمه مقام المقربين.. وكل مبالغة في الطلب تكلف.
لو زار خاطر الحزن عبدا موفقا لاسترجع واحتسب فأجر ونال الثواب، وإن مر به خاطر الذنب القديم ندم فأجر، ثم استمر ولم يقف مع اللوعة، لكيلا يذوب ويقنط، بل ينطلق ليعمل الحسنات فتذهب السيئات..
جرعة انكسار تضبط المقدار، وجناح خشوع يرف ليطير معتدل الميزان ..
لو أدركت قيمة اليقين وسط طوفان الضلال والشك والضياع والجهل المركب... ستتعلم الشكر من أعماقك على الدوام، وسينبعث منك الحمد متغلغلا كالرحيق والعطر في الزهرة، وستحس بقيمة ما أنت فيه من كنز وعطاء، وليس كل تال جامع للقرآن منتفع مهتد به، ولا كل موهوب إياه شاكر مدرك أنه أعظم الخلق نعمة ..
نسمة من عطر الحكمة وستجد الصبر والسلوان.
نسمة من عبير الحكمة وستجد الفراسة والفهم للأحوال والطمأنينة.
نسمة من عبير الحكمة وستهرب من الذي يجرون خلفه وتصبح غنيا عنه بل ربما تقلق حين يأتيك.
يا أخيا
لو انتهى الاختبار ربما يأتي غيره، بشر أو بخير..
.. ربما يخرج عدو للحق جديد تصارعه... هكذا هي الدنيا. نعم هناك عافية، وهناك تفريج للكربات وبركات وزينة، وهناك نعمة وألطاف مادية وسط البلاء، لكن لا تعول على هذا كأساس ومرتكز، فهو مدد للبشرى والثبات، وهو استراحة ووجبة طعام وقوت للاستمرار.. هو عينة من المتعة التي تنتظرك هناك خالصة .. وليس الأساس ... الحياة الحقيقية هي الدار الآخرة، ولا تعول على تحول الأرض إلى جنة ظاهريا، بل عول على تحولك أنت باطنيا لرجل من أهل الجنة.. وهنا تصير أقوى وأفضل، ويسعد قلبك بما لم تسر به من قبل.. وتقل أهمية أمور تسبب توتر بعضهم... وترى معية الله كيف تصنع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق