الجمعة، 28 أبريل 2017

إلغاء اللغة العربية والتنصير القسري في الأندلس





" وفي سنة 1499م، استدعى الكاردينال سيسنيروس ليعمل على تنصير الأندلسيين بصرامة أكبر.
فابتدأ فورًا بتحويل أكبر المساجد إلى كنائس، والضغط بالوعد والوعيد على وجهاء المدينة وفقهائها ليتنصروا. فقاموا بثورة عارمة في حي البيازين، ثم انتقلت سنة 1500م إلى جبال البشرات بقيادة إبراهيم بن أمية. فلاحقهم وحاصرهم، ثم قضى عليهم بعد شهور، وقتل معظمهم، واسترق ابناءهم ونساءهم. ثم قامت ثورة أخرى أواخر سنة 1500م حول بلدة يلفيق ووادي المنصورة بمنطقة المرية، فقضي عليها بنفس الهمجية والقساوة.

وتابعت الدولة والكنسية سياسة التنصير القسري بإشراف الملكين الكاثوليكيين. فتم تعميد جميع الأهالي بالقوة بين سنتي 1500 و 1501م. ثم صدر مرسوم بتحويل جميع المساجد إلى كنائس.
وفي 12/10/1501م، صدر مرسوم آخر بإحراق جميع الكتب الإسلامية والعربية، فأحرقت آلاف الكتب في ساحة الرملة بغرناطة، ثم تتابع حرق الكتب في جميع مدن وقرى مملكة غرناطة.
.
واجه كارلوس الخامس المورسكيين بشيء من اللين في أول أمره؛ لكن في سنة 1523م، أصدر مرسومًا جديدًا، يحتم فيه تنصير كل مسلم بقي على دينه، وإخراج كل من أبى التنصير، وعقاب كل من خالف الأمرين، بالرق مدى الحياة. فاشتكى المورسكيون إلى الملك من جور هذا القرار. فانتقل الملك سنة 1526م، إلى غرناطة، لمتابعة الموضوع، وندب محكمة كبرى برئاسة "المفتش العام" لترى فيما إذا كان تنصير المسلمين قسرًا، صحيحًا وملزمًا، أم لا. فقررت المحكمة أن لا مطعن في تنصيرهم. فأصدر الملك قرارًا بمنع خروجهم من أسبانيا،وضرورة تنصير أبنائهم، وقضى بالإعدام على كل من تنكر للنصرانية. وقرر القانون منع التخاطب بالعربية وكتابتها، وأجبر المورسكيين على تعلم الأسبانية، وأمر بهدم الحمامات، وبأن تبقى بيوت المروسكيين مفتوحةً على الدوام، ليرى الجميع ماذا يجري فيها، الخ.. فالتمس المورسكيون من الملك مرةً ثانيةً الرأفة، ودفعوا له من أجل ذلك ثمانين ألف دوقة ذهبية . فوافق على تأجيل تنفيذ هذه الإجراءات لمدة أربعين سنةً، مقابل دفع ضريبة سنوية. وهكذا وصل المورسكيون مع كارلوس الخامس إلى توازن؛ لكن محاكم التفتيش واصلت تعسفها، خاصةً في سنة 1529م
.
وخلف كارلوس الخامس بعد موته سنة 1555م، ابنه فليبي الثاني الذي كان متعصبًا، ضعيف الشخصية أمام الرهبان. ففي سنة 1560م، منع المورسكيين من اقتناء العبيد.. ، ألغى حصانة الذين يقيمون منهم في أراضي النبلاء----
.ملخصا من مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، 2009 م ، – 2010م



ثم صدر الأمر بمنع استعمال اللغة العربية، فاستغاث الأندلسيون مرةً أخرى بسلطان المغرب أبي عبد الله الوطاسي، وبسلطان مصر الأشرف قانصوه الغوري، وبالسلطان بايزيد العثماني، دون جدوي .
استعملت الكنسية والدولة جهازًا جهنميًا لمتابعة الأندلسيين ومحاربة كل مظاهر الإسلام في حياتهم، ألا وهو "محاكم التفتيش". أسست الكنيسة الكاثوليكية هذه المحاكم في إيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، لتقص أخبار الناس ومتابعتهم، إن خالفوا أفكار وأعمال الكنيسة. ثم أُنشئت في أديرة الفرانسان والدومينكان، محاكم ثابتة يترأسها الأساقفة بسلطة مطلقة. فطاردت العلماء والمفكرين، وشردت وأحرقت منهم الجم الغفير. وأُنشئت أول محكمة تفتيش سنة 1242م في أراغون، وسُمّيت بالديوان القديم. وفي سنة 1459م أصدر ملك قشتالة انريكي الرابع أمرًا ملكيًا للأساقفة بالبحث والاستقصاء في دوائرهم عن المضمرين لأفكار مخالفة للكثلكة.
...يقبض على المتهم، ويسجن دون أن يعرف السبب، ويمنح ثلاث جلسات إنذار في ثلاثة أيام متوالية يطلب منه فيها الاعتراف بذنب لايدري ماهو. فإذا اعترف عُوقب بدون رحمة ولا شفقة. وإذا لم يعترف، أو لم يدر بماذا، يحال إلى التعذيب حتى يعترف بأي شيء، أو يموت تحت العذاب. وكانت ضروب التعذيب تصل إلى درجة من الوحشية لاتخطر على بال. وإذا اعترف المتهم بغير التهم الموجهة إليه، تلصق به تلك التهم على أي حال. وبعد المرافعة والاستجواب، ويرفع الموضوع إلى القساوسة المفتشين؛ ليعطوا رأيهم من جديد تمهيدًا للحكم النهائي، الذي كون غالبًا الإدانة. ويمكن للمتهم أن يعلن التوبة ويطلب العفو من البابا، مقابل أموال طائلة إن كانت له أموال. وإذا حكم على المتهم بالبراءة، وقليلاً مايكون ذلك؛ فإنه يعطى شهادة بطهارته من الذنوب تعويضًا على ذهاب ماله، وشرفه، وصحته، ظلمًا وعدوانًا.
أما إذا كانت الإدانة بتهمة كبيرة، فيؤخذ المتهم من السجن دون أن يدري مصيره، ويمر "بمرسوم الإيمان"، فيلبس "الثوب المقدس"، ويوضع في عنقه حبل وفي يده شمعة، ويؤخذ إلى الكنيسة للتوبة ثم إلى ساحة التنفيذ. وهناك يتلى عليه لأول مرة الحكم: سجن مؤبد، ومصادرة كاملة للأموال، أو الإعدام حرقًا بالنار في حال "الكفر الصريح". أما إذا كانت التهمة صغيرةً، فيحكم عليه بالسجن لمدة محدودة، وبغرامة مالية، ويسمون ذلك "حكم التوفيق".
كانت أحكام الإعدام بالنار كثيرةً ضد المسلمين، وتكون في مهراجانات عظيمةً يتفرج فيها القساوسة، ورجال الدولة، والأهالي، وأحيانًا الملك وكبار رجال دولته. وكان يُحرق المتهمون جماعيًا في مواكب الموت للترهيب، وأحيانًا عائلات بأكلمها، بأطفالها، ونسائها. وكانت محاكم التفتيش تحاكم الموتى، فتنبش قبورهم، وتتابع الغائبين وتعاقب أهلهم، وكان أعضاؤها يتمتعون بالحصانة الكاملة. وكانوا غالباً ذوي أخلاق سافلة، لايتورعون عن ارتكاب الموبقات والجرائم ضد ضحاياهم. وهكذا أخضع الأندلسيون لهذه المحاكم الإجرامية منذ إعلان تنصيرهم القسري سنة 1499م
.
وحرق ما تبقى من الكتب الإسلامية، ومنع ذبح الحيوانات. وجدد ذلك في سنتي 1512م و 1513م. ودام الاضطهاد إلى أن مات فرناندو سنة 1516م، موصيًا خلفه كارلوس الخامس بمتابعة سياسته نحو الإسلام
.ملخصا من مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، 2009 م ، – 2010م






أما البرتغال، فتوسعت على حساب الأراضي الإسلامية في الأندلس، من إمارة صغيرة تأسست شمال غرب البلاد. فاحتلت براغة سنة 1040م، ثم قلمرية سنة 1064م حيث نقلت عاصمتها. ثم احتلت الأشبونة سنة 1093م قنقلت إليها العاصمة، ثم يابورة سنة 1166م، وقصر بني دانس سنة 1217م، وشلب، وجميع غربي الأندلس سنة 1249م. وبهذا استقرت حدود البرتغال على ماهي عليه اليوم. وعند احتلال الأراضي الإسلامية، صادر البرتغاليون كل أراضي المسلمين وأملاكهم، فهاجر عدد كبير منهم، واستقر بعضهم الآخر في بلادهم كمدجنين. فلما أعلنت أسبانيا أمرها بتنصير المسلمين سنة 1499م، تبعتها البرتغال سنة 1502م. فهاجر عدد منهم إلى شمال المغرب، وبقي بعضهم الآخر ، ثم هاجر عدد كبير آخر سنة 1540م إلى المغرب
-- . . وفي سنة 1387م، فرقوا في المسكن بين المسلمين والنصارى، وأجبروا المسلمين على الركوع للصليب. وجدد القرار سنة 1388م.وفي سنة 1408م، منعوا المسلمين من الأكل مع النصارى، وعاقبوا المخالفين، وقرروا إجراءات أخرى متشددةً للتفريق بين الفئتين في كل المعاملات. وفي سنة 1422م، أُصدر أمر بالإعدام على من يمنع مسلمًا من اعتناق النصرانية، تبعته قرارات مالية مجحفة بالمسلمين سنة 1435م، و 1438م. وأصدرت الملكة إيسابيلا سنة 1476م مرسومًا تلغي فيه ما تبقى من المحاكم الشرعية، وتحدد ملبس المسلمين.وفي سنة 1480م، أصدرت مرسومًا أكدت فيه استرقاق المسلمين القادمين من غرناطة، وفرقت بين سكن المسلمين والنصارى.
. ضمنت معاهدة استسلام بلنسية، صيانة المسلمين، وأموالهم، وعقيدتهم، ولغتهم العربية، والشريعة الإسلامية. ولكن ملك أراغون غدر بكل عهوده فور امتلاك المدينة. فصادر مساجدهم، وحولهم إلى شبه ارقاء بعد جمعهم في أحياء خاصة بهم. وفي سنة 1238م، شرع الملك في قوانين مجحفة. فثار المسلمون سنة 1254م، واستولوا على عدد من الحصون بين شاطبة، ودانية، ولقنت. ولم يستطع الملك من القضاء عليهم إلا سنة 1257م، بمساعدة أوروبا كلها، بأمر من البابا. ثم تتالت القوانين المجحفة الظالمة سنة 1268م. فثار المسلمون مرةً ثانيةً عام 1276م، وحرروا أربعين حصنًا وتمركزوا في شاطبة، ودامت الثورة إلى سنة 1277م.
ثم تتابعت القوانين الظالمة سنة 1342م، و 1370م، تمنعهم من الهجرة إلى غرناطة والمغرب.. وسنة 1371م و 1389م و 1403م تمنعهم من فداء الأسرى المسلمين، وتعاقب المخالفين بالاسترقاء. وفي سنة 1418م، صدر قانون يحدد تحرك المسلمين في المملكة، ويجعل أحياء المسلمين تحت إشراف مراقب نصراني، ويمنع الآذان تحت طائلة الإعدام. وفي سنة 1428م، صدر قانون يجعل القضاء بين المسلمين بين يدي الإقطاعي النصراني، وكذلك التحكم في
 تحركاتهم .

منذ سنة 1512م، ابتدأت جماعات من النصارى المتعصبين، تغير على القرى الإسلامية، وتقتل، وتحرق، وتسبي، دون رادع، ونصروا قهرًا عدداً كبيرًا من المسلمين. وفي سنة 1525م، قررت الدولة والكنيسة في أراغون، أن الذين أجبروا على التنصير، هم نصارى وجب عليهم أن يعيشوا كذلك، وإلا وجب على "محاكم التفتيش" أن تعاملهم معاملة المرتدين.
.ملخصا من مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، 2009 م ، – 2010م






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق