الأحد، 21 فبراير 2010

مستقبل الطب في بلادنا متأثر بذلك التخريب للغة، ومستقبل اللغة متأثر بتعريب الطب

أذكر أني كنت في تركيا وأصيب صاحب لي بألم، وحاولت أن أصرف له الدواء من الصيدلية فرفض الرجل-رغم كوني طبيبا- لأن القانون يتطلب وصفة مختومة، واحترمت ذلك جدا
فذهبت به للمشفى العام
وفوجئت أن الطبيب لا يجيد الحديث بالانجليزية
ولا العربية بالطبع!
لأنه درس الطب بالتركية
وهذا لأنهم ينوون أن ينتجوا ويتقدموا في الطب، ويفكروا فيه كمطورين، فلهذا يدرسونه بلغتهم
مثلهم مثل الاحتلال في فلسطين يدرس بالعبرية!
وهو بهذا يخدم شيئين، يخدم اللغة التي يحييها ويحافظ عليها
ويخدم العلم الذي صار قريبا من عقول الطلاب فيبدعون بعد أن كان مجرد الفهم والاستيعاب معركة فكرية
تماما كما فعل الغرب في الماضي، حين ترجمت كتب الطب(نتاج الخلافة والحضارة الإسلامية) العربية للإيطالية والأسبانية والإنجليزية وبنى عليها أطباؤهم، وبدأت نهضتهم متزامنة مع خيبتنا
لأنهم كانوا قد قرروا أن يتقدموا علميا، وليس مثل أغلب دولنا التي تدرس بلغة أجنبية..
وللعلم يدرس الطب في فرنسا وألمانيا والصين وروسيا وألبانيا وأوكرانيا وإيطاليا وأسبانيا

بلغاتهم-وبعضها دول أصغر وأفقر منا بكثير- وتترجم المراجع والدوريات أسبوعيا
لأنهم قرروا التميز، ولن تتميز ما لم تدرس بلسان قلبك وعقلك، ولسانك، لكي تفكر بسهولة
وقرروا الحفاظ على لغتهم في ءان

المهم
أتي الطبيب التركي لنا بطالب في السنة النهائية-تدريب- امتياز- من هواة اللغات!
ليترجم له الشكوى، فهو يريد سماعها بنفسه، ولا يريد أن يعتمد وصفتي دون تحقيق، واحترمت ذلك كذلك
ورفيقي لا يتحدث الانجليزية! إلا كلمات الفشل نتاج الثانوية..
وصار الموقف جنونيا
الطبيب يسأل بالتركية! والطالب في الامتياز يترجم لي للانجليزية! وأنا أترجم لصاحبي بالعربية..
ثم يجيب صاحبي على السؤال! وأنا أترجم
وهكذا
كانت فخذه تؤلمه
ومن هول الموقف صار مخي يؤلمني
وقلت لنفسي أنا في تركيا؟
التي برع خطاطوها في رسم المصحف، حتى قيل: نزل بالجزيرة وكتب في تركيا..
وكان فيها ما فيها -باستثناء عباد القبور فيها-
-و..
ولا حول ولا قوة إلا بالله

وأقول:

مستقبل الطب في بلادنا متأثر بذلك التخريب للغة، ومستقبل اللغة متأثر بتعريب الطب
المريض يشكو بلغته، والطبيب يشخص ويشرح له بلغته، ويفكر الطبيب بعد أن يترجم المشكلة في مخه لأن معلوماته أجنبية البيان، وبالتالي لكي يستنتج أو يبدع يفهم الكلام، ثم يفكر فيه، وهذا يشكل عقبة تطيل المسألة، وهناك دراسات تبين ذلك البطء والعقم الناشئ عنه ابتكاريا.
وحتى الأطباء مع بعضهم بات كلامهم هجينا من اللغتين.
وهذا الكلام يشمل كل اللغات، وتنبه له كل الناس عدا أغلب الدول العربية! غفلت أو كسلت
ولم تتم مرحلة عمل مراكز ترجمة وتعريب قوية وفعالة وحيوية لترجمة الجديد
ولا يعني هذا تشجيع جهل الطبيب بالانجليزية، بل تدرس جنبا إلى جنب له، وهذا يتم في أغلب الدول التي نوت هذا فتأهيله لغويا لا يتعارض مع تعليمه بلغته الأم، والدول التي تعلم بلغاتها معترف بجامعاتها دوليا! وأخرجت عباقرة متفوقين في المجال، فالانجليزية والفرنسية ليستا الطريق الوحيد، بل بالنسبة لنا هي الطريق المسدود لأنهما ليستا لغة الاستيعاب والشعور والحس والتفكير للمرء، ومن ثم فلن تكونا لغة الابتكار والتطوير والابداع الذي هو فرع من ذلك الأصل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق