بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 مارس 2025

موعظة حول الصبر مع محن كالألم المزمن و الحبس والانتظار








 خَفِّض عَلَيكَ وَلا تَبِت قَلِقَ الحَشا**


    مِمّــا يَكــونُ وَعَلَّـهُ وَعَسـاهُ


فَالـدَهرُ أَقصـَرُ مُدَّةً مِمّا تَرى**


    وَعَسـاكَ أَن تُكفى الَّذي تَخشاهُ


 


 أبو فِراس الحَمَداني.


٠


حول هذه الأبيات، وحول الألم المزمن وطول المحبس وخوف الغد، وغيرها من الابتلاءات المطولة غير الصادمة. 


كان الشاعر مأسورا لفترة طويلة، وهي تجربة مؤلمة ملهمة ثرية. خاصة بعد عز السيادة والوفرة قبلها.. ولعلها تفتح نوافذ القلب لأنوار الحكمة. 


هو هنا يخفف عن المتوجع مما لم يكن بعد، لكن كل محنة كائنة فيها نفس هاجس الاستمرار، و(ماذا بعد، ومتى تنتهي، وهل ستستمر أو تتفاقم) ...


يبحث فريق طب الألم عن بعض الحيل النفسية لتلطيف حالات الألم المزمن، ومحاولة تهوينها بالاسترخاء والتشتيت وتقليل حساسية التجاوب الذهني نسبيا، جنبا إلى جنب مع بقية العلاج. وهي محنة و ابتلاء للمريض وللطبيب المشفق وكذلك للمحيطين بالمريض. فهم في اختبار كبير، بدنيا ومعنويا. ويمكنك إضافة كل أنواع الصبر والانتظار ووجع الفقد والخذلان. فالعلاج متقارب.


استحضار هذه المعانى للتصبر مكمل لبقية أسباب التعزي والتجلد والسلوى، ومكمل لمعنى الانتظار الإيجابي للثابتين على مواقفهم.


... مثل تذكر أن التحمل يهون بتقطيع المراحل والساعات لجزئيات.. معنويا وماديا، إما بالتخيل أو بطرق استغلال الوقت والاسترخاء، شيء كحمل النفس - عند العرب - أثناء مشقة السفر بالبيان والفوائد والحداء، ويشبه نصيحة صعود السلم الطويل درجة درجة مع عدم النظر إلى البعد النهائي الذي قد يفتت العزم أحيانا، فالدنيا صبر ساعة، والفرج قريب من ساعة إلى ساعة.


 كل توجع يثاب عليه الموفق ويؤجر ما دام إيمانه صحيحا. وخاصة لو استحضر النية في مصابرته واحتسابه وذكره لربه وصححها وعالجها، ولو استحضر عبودية الرجاء وحسن الظن بالله تعالى، من جهة انتظار الفرج أو المثوبة واليقين بالقدرة، والتفويض لحسن اختياره سبحانه وتعالى، وكلها عبودية عظيمة وزكاة وتطهير، وفتح لمعان وقربى أعظم من كل مفقود وممتنع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق