( أتاهم مسكين :
أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة .
فسمعه علي - رضي الله عنه - ، فأنشأ يقول :
فاطم ذات الفضل واليقين
يا بنت خير الناس أجمعين
أما ترين البائس المسكين
قد قام بالباب له حنين
يشكو إلى الله ويستكين
يشكو إلينا جائع حزين
كل امرئ بكسبه رهين
وفاعل الخيرات يستبين
موعدنا جنة عليين
حرمها الله على الضنين
وللبخيل موقف مهين
تهوي به النار إلى سجين
شرابه الحميم والغسلين
من يفعل الخير يقم سمين
ويدخل الجنة أي حين
فأنشأت فاطمة - رضي الله عنها - تقول :
أمرك عندي يا ابن عم طاعه
ما بي من لؤم ولا وضاعه
غديت في الخبز له صناعه
أطعمه ولا أبالي الساعه
أرجو إذا أشبعت ذا المجاعه
أن ألحق الأخيار والجماعه
وأدخل الجنة لي شفاعه
فأطعموه الطعام، فلما أن كان في اليوم الثاني وقف بالباب يتيم فقال :
السلام عليكم أهل بيت محمد ، يتيم من أولاد المهاجرين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة .
فسمعه علي فأنشأ يقول :
فاطم بنت السيد الكريم
بنت نبي ليس بالزنيم
لقد أتى الله بذي اليتيم
من يرحم اليوم يكن رحيم
ويدخل الجنة أي سليم
قد حرم الخلد على اللئيم
ألا يجوز الصراط المستقيم
يزل في النار إلى الجحيم
شرابه الصديد والحميم
فأنشأت فاطمة - رضي الله عنها - تقول :
أطعمه اليوم ولا أبالي
وأوثر الله على عيالي
أمسوا جياعا وهم أشبالي
أصغرهم يقتل في القتال
فأطعموه الطعام، فلما كان في اليوم الثالث إذ أتاهم أسير فوقف بالباب فقال : السلام عليكم. أطعموني فإني أسير .
فسمعه علي فأنشأ يقول :
فاطم يا بنت النبي أحمد
بنت نبي سيد مسود
وسماه الله فهو محمد
قد زانه الله بحسن أغيد
هذا أسير للنبي المهتد
مثقل في غله مقيد
يشكو إلينا الجوع قد تمدد
من يطعم اليوم يجده في غد
عند العلي الواحد الموحد
ما يزرع الزارع سوف يحصد
أعطيه لا لا تجعليه أقعد
فأنشأت فاطمة - رضي الله تعالى عنها - تقول :
لم يبق مما جاء غير صاع
قد ذهبت كفي مع الذراع
ابناي والله هما جياع
يا رب لا تتركهما ضياع
أبوهما للخير ذو اصطناع
يصطنع المعروف بابتداع
عبل الذراعين شديد الباع
وما على رأسي من قناع
إلا قناعا نسجه أنساع
فأعطوه الطعام فنزلت الآية الكريمة..
((ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا))
قال الإمام القرطبي مؤيدا وناقلا عن الحكيم الترمذي أن هذه ليست رواية حرفية طبعا بل حكاية شعرية مثل قصائد سيدنا حسان وكعب رضي الله عنهما
((فهذا وأشباهه من أحاديث أهل السجون - فيما أرى - بلغني أن قوما يخلدون في السجون فيبقون بلا حيلة ، فيكتبون أحاديث في السمر وأشباهه ))
فهذا الفن من أسمار السجون (تشبهه مسرحيات أحمد شوقي الشعرية) ، وهي ألوان أدبية خرجت من السجون لقطع الملل وذهاب الحزن، وأحيانا يكون بها فوائد للعقل، أو يكون أصل قصتها صحيحا أو معروفا، لكن قد تلصق به خطايا ومفتريات أو تحسينات شعرية، وقد يظنها أحد حقيقة بلفظها ومتنها، لهذا قالوا عن السند بنفس اللفظ أنه مزوق مزيف، وأما أصل القصة فله مبحث آخر.. وتبقى القيم التربوية والأدبية للوعظ والقول البليغ وشعر المؤمنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق