الأحد، 27 مارس 2016

من فقه الدعوة..أصول الدعوة

هناك سياق ومؤهلات للتعليم والمناظرة، بل وللنصيحة والدعوة حسب المقام والدار والغاية من الحوار …

لم يكن اختيار مبعوثي النبي صلى الله عليه وسلم للناس عشوائيا ولا مبنيا على الحب والثقة العامة فقط..

ولا ينقص من قيمتك أن تكون بحاجة لتخصص معين، أو أن يكون دورك مع غير هذا الجمع أنفع لاعتبارات لا تمس ذاتك

كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتقي ويختار من يرسلهم  كمعاذ ومصعب رضي الله عنهما، وراجع مميزاتهما في كتب معرفة الصحابة،

أحيانا يكون الأمر بسيطا والمطلوب مثلا إقامة حجة أو بلاغا وفقط وأحيانا يكون المطلوب مناظرة وتعليما وبناء وتأسيسا في ظروف صعبة كما فعل الصحابة بالحبشة والمدينة وباليمن وغيرها كمن بعثوا للقبائل…

في بعض الحالات يلزم اختيار الرسول المبعوث ممن له صفات جبلية وخلقية ومجتمعية ومؤهلات معينة في الصحبة والتحصيل وسمعة معينة  وتربية تعطيه زخما وحشمة وهيبة وألفة وحظا من فنون البيان ومن الأناة ..وليس مجرد صدق اللهجة والكم المعرفي فقط… أحيانا يلزم للأذان حسن الصوت ..

ومن ذلك الباب احتياجنا إلى التخصص والاحترافية، خاصة مع تعقد الواقع ومنازلاته،

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجاوب مع معطيات الواقع فيما لا حرمة فيه، وكان ينزل من يعتبرهم الآخرون - بمقاييسهم هم-  أكفاءهم للصراع، ويستدعي الشاعر والخطيب للسجال تلبية لعرف القوم ودراية بفنون التأثير وميادينه، والسيرة مدرسة…

مثلا
محاورة أهل الكتاب ومن في حكمهم، فالدعوة لأمثال هؤلاء الذين سيناظرونك بكم من الكتابات والمقولات وفنون رد الشبهات أمور تحتاج تخصصا ودراية وكفاءة للتصدر وسمتا وبيانا،  فهي أمانة ومسؤولية وليست لكل أحد، وإلا تسببت في مزيد فتنة لهم،

فارق بين أن تحدث عاميا جاهلا جهلا بسيطا غير مركب، وليس مماريا، بل طالبا للحق متقبلا لنبذ التقليد الأعمى ..وبين أن تحدث متخصصا في الجدل ومعتادا على الجدل العقيم أو سفيها أو من هو عالم في قومه أو في مذهبه أو خريج مدرسة مجتمعية تحتاج علاجا علميا وعقليا ونفسيا، فليس القصد أن تفحمه وتنصرف،  ولا الغرض هو مجرد  كسب نقاش ومحاججة بالنقاط وتمضي،

ومثله حين  تجادل من ينتمي لطائفة معينة أو ملة بغت بالتلبيس وخلط البراهين والخطب والتعمق في تفنيد قضيتك . . لتصل لدعوته، فعليك بتحصيل الواجب وأدوات المعرفة ورصيد أهل الذكر والخبرة، وبمعرفة مدى تناسبك مع هذه الوقفة ولغة القوم ومألوفاتهم،  ليبقى أثر رسالتك تمثيلا مشرفا ولا تسيء للعناوين الجليلة...وهذا لا يقلل من ذاتك المصونة وقيمتك الجليلة ونيتك النبيلة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق