الجمعة، 18 مارس 2016

الحسن بن الهيثم

من أعظم العلماء الموسوعيين وإن اشتهر بعلم البصريات أكثر


اسمه: الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو علي البصري . 

لقب ببطليموس الثاني . 

 ولد نحو عام 354هـ وتوفي في عام 430هـ . 

( الموافق عام 965 وعام 1029م ) بالقاهرة . 

وقال عنه ابن القفطي: ( إنه صاحب التصانيف والتآليف في الهندسة وكان عالما بهذا الشأن متقنا له متفننا فيه، قيما بغوامضه ومعانيه، ومشاركا في علوم الأوائل، أخذ عنه الناس واستفادوا ) . 

وقال عنه مصطفى نظيف بك: ( إن ابن الهيثم رائد علم الضوء في القرن الحادي عشر للميلاد كما أن نيوتن رائد علم الميكانيكا ) . 

وقال فيه سارطون: إن ابن الهيثم أعظم عالم ظهر عند العرب في علم الطبيعة، بل أعظم علماء الطبيعة في القرون الوسطى، ومن علماء البصريات القلائل في العالم كله . 

وقال عنه الأستاذ جون دبزوندبرناك – رئيس قسم الفيزياء بكلية بيركبك بجامعة لندن: ( ويعتبر كتاب المناظر لابن الهيثم هو أول دراسة علمية جادة في موضوع الضوء، وابن الهيثم وغيره من علماء العرب، هم أول من فهم موضوع انعكاس الضوء بالمفهوم الجديد، وبمرور الضوء خلال الأجسام المشفة، الأمر الذي كان له الفضل في إرساء قواعد علم البصريات ) . 


مما قاله عنه أعيان المؤرخين:


 كان له خط جميل في غاية الصحة كتب به الكثير من علوم الرياضة.

كان ينسخ في مدة سنة ثلاثة كتب في ضمن اشتغاله وهي "إقليدس
والمتوسطات والمجسطي" ويستكملها في مدة السنة، فإذا شرع في
نسخها جاءه من يعطيه فيها مائة وخمسين ديناراً مصرية... وصار ذلك
كالرسم الذي لا يحتاج فيه إلى مواكسة ولا معاودة قول،  فيجعلها مؤونته
لسنته، ولم يزل على ذلك إلى أن مات بالقاهرة في حدود سنة ثلاثين
وأربعمائة أو بعدها بقليل واللَّه أعلم.



"وله في الطب كتابان:

 أحدهما في "تقويم الصناعة الطبية"
 ضمنه خلاصة ثلاثين كتابا قرأها لجالينوس،

والآخر "مقالة في الرد على أبي الفرج عبد الله بن الطيب"
لإبطال رأيه الذي يخالف فيه رأي جالينوس... 
وله أيضا رسالة في تشريح العين وكيفية الإبصار."

 وكل طبيب يعلم أن هناك من سميت باسمهم جزئيات دقيقة جدا من الجسم لريادتهم أو لأنهم من اكتشفها وعرف بها، ويعلم أن مسار التشريح ومسار كل علم إنما هو مسار تراكمي...



ومما قاله عنه المؤرخون المعاصرون كذلك:

"ولكن ابن الهيثم الذي كان يعرف تركيب العين ووظائف القرنية
والعدسة، كان يعلم أن كل عين لها قوة إبصار خاصة بها تتوقف على
العدسة.. فقرر أن يصنع بدلاً من قرص الزجاج قرصين، واحد لكل عين
حسب قوة ابصارها، وبذلك توصل ابن الهيثم إلى صناعة أول نظارة
طبية للقراءة في التاريخ.. تعتمد على قياس النظر لكل عين على حدة..
وكانت هذه النظارة تثبت أمام العين أثناء القراءة.

ودور النظارة في تطور الحضارة الإنسانية كبير، فقد ساعدت ضعاف
البصر على أن يعيشوا حياة طبيعية.. وأن يقرأوا وينتجوا، وهذه نعمة
عظيمة. ولم يتكسب ابن الهيثم من تلك الإبتكارات!

وكم كان ابن الهيثم عفيفا واعيا وهو يقول:

"فإن ثمرة هذه العلوم هو علم الحق والعمل بالعدل في جميع الأمور
الدنيوية والعدل هو محض الخير الذي يفعله يفوز... أين العالم الأرضي
من نعيم الآخرة السماوي!! ويعتاض الفائز عن صعوبة ما يلقاه مدة
البقاء المنقطع في دار الدنيا بدوام الحياة منعماً في الدار الأخرى وإلى
اللّه تعالى أرغب في توفيقي لأتقرب إليه".


كان تاريخ كتابة ابن الهيثم لهذه الكلمة في ذي الحجة سنة سبع عشرة
وأربعمائة...




وقد عده كثيرون رائداً للمنهج التجريبي الذي يعزى لفرنسيس بيكون،
مع أن ابن الهيثم سبقه بخمسة قرون.


وقد ألف ابن الهيثم في البصريات ما يقرب من أربعة وعشرين
موضوعا ما بين كتاب ورسالة ومقالة، ما بقي منها ضمته مكتبات
إستانبول ولندن وغيرهما.

وقد سلم من الضياع كتابه العظيم "المناظر" الذي احتوى على نظريات
مبتكرة في علم الضوء، وظل المرجع الرئيسي لهذا العلم حتى القرن
السابع عشر الميلادي بعد ترجمته إلى اللاتينية.


والحسن بن الهيثم هو أول من أثبت خطأ نظرية إقليدس وغيره في أن
شعاع الضوء ينبعث من العين ويقع على المبصر. وقرر عكس هذه
النظرية في أن شعاع الضوء يخرج من الشيء المبصر ويقع على
العين، واستدل بالتجربة والمشاهدة على أن امتداد شعاع الضوء يكون
على خط مستقيم.

وعرف ابن الهيثم الأجسام الشفافة، وهي التي ينفذ منها الضوء ويدرك
البصر ما وراءها كالهواء والماء، وبين أن الضوء إذا نفذ من وسط
شفاف إلى آخر شفاف انعطف عن استقامته.

وبحث في انكسار الأشعة الضوئية عند نفاذها في الهواء المحيط بالكرة
الأرضية، وبين أن كثافة الهواء في الطبقات السفلى أكبر منها في
الطبقات العليا، وأن الهواء لا يمتد من غير نهاية، وإنما ينتهي عند
ارتفاع معين! يعني الفضاء الجوي.


فإذا مر شعاع من الضوء خلال هذه الطبقات الهوائية المختلفة الكثافة
فإنه ينكسر رويدا رويدا وينحني تدريجيا نحو سطح الأرض، ويترتب
على ذلك أن النجم أو الكوكب الذي ترقبه العين يظهر في موضع أقرب
من موضعه الحقيقي. وأشار إلى الخطأ الذي ينشأ عن ذلك في الرصد
وإلى وجوب تصحيحه.


وشرح الحسن بن الهيثم كيفية حدوث الرؤية، وبين في ذلك تركيب
العين وانتقال التأثير الحاصل بوساطة العصب البصري.


ويوجد في مكتبات العالم في القاهرة ولندن وباريس وإستانبول أكثر من
واحد وعشرين مخطوطا لابن الهيثم في هذا التخصص.
وفي الحساب والجبر والمقابلة ألّف ما لا يقل عن عشرة كتب، لا يوجد
منها سوى مخطوطات قليلة في مكتبة عاطف بتركيا منها: حساب
المعاملات، واستخراج مسألة عددية.


وفي الفلك أبدع ابن الهيثم كعالم من الطراز الأول، وأسهم فيه بفاعلية
حتى أُطلق عليه "بطليموس الثاني". ولم يصلنا من تراث ابن الهيثم في
الفلكيات إلا نحو سبع عشرة مقالة من أربعة وعشرين تأليفًا، تحدث
فيها عن أبعاد الأجرام السماوية وأحجامها وكيفية رؤيتها وغير ذلك.


وله في الطب كتابان: أحدهما في "تقويم الصناعة الطبية" ضمنه خلاصة
ثلاثين كتابا قرأها لجالينوس، والآخر "مقالة في الرد على أبي الفرج
عبد الله بن الطيب" لإبطال رأيه الذي يخالف فيه رأي جالينوس. وله
أيضا رسالة في تشريح العين وكيفية الإبصار.

رجل ترك شرحا بارزا علم الدنيا في التشريح كما في غيره، وهو مقدم جزء غير مسبوق فيه، وغيره من الناس ربما لم يكن لهم سوى مثل هذا الجزء، وصاروا به معلمين للدنيا، وسميت بأسمائهم أشياء من تلافيف البدن كما هو معلوم للدارسين..فكيف نبخسه حقه في هذا العلم..

ومما قال

وإن أطال اللَّه لي في مدة الحياة وفسح في العمر صنفت وشرحت
ولخصت من هذه العلوم أشياء كثيرة تتردد في نفسي ويبعثني ويحثني
على إخراجها فكري، واللَّه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريده وبيده مقاليد
كل شيء وهو المبدئ المعيد وهذا ما وجب أن أذكره في معنى ما
صنعته واختصرته من علوم الأوائل قصدت به مذاكرة الحكماء الأفاضل
والعقلاء الأماثل من الناس....

 كالذي يقول:
رب ميت قد صار بالعلم حياً *** ومبقّى قد مات جهلاً وغيا

فاقتنوا العلم كي تنالوا خلوداً *** لا تعدوا البقاء في الجهل شيا"


صورة تشريحية للعين لأبي علي الحسن بن الهيثم القرن العاشر الميلادي


وأي طبيب يعلم معنى شرح تشريح visual pathway في هذا الزمان والقول بأنه
ناقل الرسالة للمبصرات وكيف تكون هذه الريادة في تشريح العين وفسيولوجيا الإبصار،

وقد كتب في مخطوطته حول شكوكه فيما يتعلق ببطليموس :
   

البحث عن الحقيقة في حد ذاتها أمر صعب، والطريق إلى ذلك وعر. فالحقائق يكتنفها الغموض. الله لم يعصم العلماء من الخطأ، ولم يحمالعلم من القصور والنقص. لو كان هذا هو الحال، لما اختلف العلماء على أي من مسائل العلم.. 
   

في مخطوطة الحركة المتعرجة ، كتب ابن الهيثم :
   

مما قاله الشيخ الجليل، فمن الواضح أنه يعتقد في كل ما يقول بطليموس، دون الاعتماد على إثبات أو دليل، ولكن عن طريق التقليد الخالص. وهو ما لا يجوز إلا في إتباع سنن الأنبياء عليهم السلام، لا مع المختصين بالرياضيات.
   

وصف ابن الهيثم منهجه، فقال:
   

سعيت دومًا نحو المعرفة والحقيقة، وآمنت بأني لكي أتقرب إلى الله، ليس هناك طريقة أفضل من ذلك من البحث عن المعرفة والحقيقة.
المصدر الأساسي  كتاب روائع تاريخ الطب والأطباء المسلمين.... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق