حقا أصل الدين له ثمن، هو ثمن الخروج على الظلم، وقد دفعه الأنبياء -عليهم الصلوات والتسليم-
والصالحون والمصلحون والحواريون عبر الأيام، فلم يكن هناك الاستقرار بالمفهوم المعاصر، بل شردوا
وخرجوا من الديار، وهاجروا وأوذوا، وقدموا الأرواح والأعمار، فدا لتطهير الأرض من أوثان الحجر والبشر..
وعلموا أن النعيم والهدوء والرخاء والهناء هناك في الجنة! إن لم تتحق دولة العدل المنشودة في الدنيا، على
يد الجيل الأول أو الذين اصطفاهم الله منهم، ولقد تحققت في حقب كثيرة من التاريخ هذه الأمثلة العظيمة
ونحن الأن في أول خطوة من أول ميل في الطريق، فالتحرر من الذل والظلم والهضم والابتذال
والمهانة والتسخير والاستخفاف بالعقول والأرواح وكرامة الأنفس بداية لوقفة النفس باحثة عن خالقها، لأننا فقدنا روح ومعالم الدين، وحصرناها في شعائر! ثم فرغنا الشعائر من مضمونها وروحها، ومن معناها العميق العريض، الذي يفترض أن يغير السلوك، صيرناها مجرد أداء لشعائر سميناها عبادات بطريقة توحي أنها كل شيء وأول وءاخر شيء.. وساهمت الحكومات في ذلك بإعلام وتعليم وثقافة مفسدة، ومنظومة حياة تشجع وتدفع المرء للفساد، أو الانزواء..
كما يقف الأن الأوربيون المستقرون! يتلمسون سبيل علاج الخواء النفسي والروحي، وأمراض الحضارة الداخلية
وشراستها الخارجية، وجواب أسئلة العقل والكون الملحة..
بارك الله عليكم وحفظكم
وبعض الناس ينكر كلمة أصل الدين كمصطلح! رغم ورودها لفظا ومعنى في كتابات
الأعلام، ورغم نطق الأدلة على أن النصوص تقسم الأمر لكبير وأكبر
وبعضهم ينكرها كمعنى ومفهوم، ويجعل الأمور مائعة ولفظية
مجردة، كلمة توحيد تصف صاحبها بوصف أبدي!
أو فلسفية كعلم الكلام، بلا نضرة السنة وبساطة الفطرة ونصاعة الحقيقة..
أو مجرد سمو روحي بلا مواقف..
دون انضباط برسالة لها ثمن غال وحدود واضحة، ورحم الله أبا بكر الصديق ورضي عنه
وبعضهم يجعل الأصل واضحا، لكنه خال من النداوة والدفء الروحي، والتزكية والسير القلبي
في مقام التسبيح والتحليق المستمر في سماء العبودية، بسجود المقترب ليل نهار
رغم أن تأملنا لآية الكرسي وما بعدها من ءايات" الله لا إله إلا هو الحي القيوم..."
يبين أن هناك أصلا شاملا لحدود التوحيد
ونواقضه"التي بات الناس يعلمون نواقض الوضوء ولا يعلمونها! ويعلمون معنى
الذكر ولا يعرفون معنى أصل الدين ومعالمه وحدود التوحيد ومفهومه.."
ويبين أن هذا الأصل شامل للعمق الروحي، وللب العبادة ومعاني الأذكار والإخبات
والإنابة، ومعاني الأسماء الحسنى
ولا يفوتنا أن نقول أنه قد غاب ظل الأخلاق كذلك للأسف في بعض التصورات!
التي تظن الحق ينفك عن الأخلاق وينفصل!
ولا يثبت على الحقيقة من لا خلاق له..
وهذا على
الجانب الآخر ممن يجعلون الأمر مجرد دعوة فقط لمحاسن الأخلاق
وكذلك أن معرفة الحقيقة النظرية والقاعدة لا تكفي دون فهم الواقع وسبر أغواره
ليمكن فهم الدين والعيش به
وأصل الدين وحدوده التي يجب الالتزام بها
ومعالمه التي يجب تبصرها والدخول في سلطانها محبة وقبولا وانقيادا
تم تذويبه في الأذهان ومحوه وطمسه في العقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق