الأربعاء، 24 أبريل 2024

صفات المؤمنين الغرباء

 عرفوا الحق سبحانه وتعالى بآثار رحمته وجماله وحكمته، وكذا بآثار جلاله وبطشه بالمفترين، وسعة قدرته وحلمه.


ناجوه تعالى وهاجروا فيه وإليه، وهم يستشعرون قربه ومعيته ووده لأوليائه العاملين، هم في تصبر ونبل وتمسك، وغربة لا يرغبون عنها بدلا، لعلمهم بباطنها وعاقبتها.




يمدهم ربهم بقوة متجددة لا يوهنها حزن ولا دمع يثابون عليه ويغسل قلوبهم، ويلهمهم مولاهم طيب القول في كل مقام.




تخالط صدورهم بشاشة إيمان وروعة يقين وبصيرة تريهم ما لا يراه الناس، ويخفق بصدورهم رقي قرآني فردوسي يطيب بلاءهم لو كان مرا، ويعينهم على حسن الاختيار والشكر وعدم البغي لو كان بلاؤهم غنى ووفرة واختيارا ورغبة.



خلوتهم لذة تبتل واعتراف بفضله سبحانه، فتراهم مستقلين عملهم لعلمهم به تعالى، كل على قدره. يمسون بعد جهد وكد في راحة ورجاء وبرد كبد، وتحت سماء علوية غير سقوف القوم في مرابعهم.



يجالدون أنداد الأرض الزائفين، ويبذلون أنفس الأعمار ويتحملون سهام قربى وأبعدين، ومع ذلك تراهم خاشعين خاضعين وجلين، متقربين غير معجبين بعملهم، يصبحون دائمين دائبين في سعيهم وتمايزهم وفرقانهم بين الحق والباطل، ولا يكتفون من علم وخير ومحاسبة للنفس وللمجموع والذات الجمعية..



لا يستكبرون أمام ناصح أو عند تبين خطأ ومزلق وخلل وزلة، بل يقفون ويدورون حيث دار الحق، همهم دين تناصح خالص صاف، وتقويم لحالهم ومقالهم حتى يجودوا المبيع لصاحبه أكرم من اشترى.. "قليل من الآخرين".. من هدى لأهدى سبيلا، ومن رشاد لأرشد أمرا، ومن حسن لأحسن تفسيرا. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق