الأربعاء، 13 نوفمبر 2019

تعلم الإخلاص و الوفاء... ولم تكن ظروفهم مثالية!

تعلم الإخلاص والوفاء والتواضع...

 تلميذ أخرج مشروع أستاذه الذي لم يكتمل، وكان هذا بعد وفاة الأستاذ بست سنوات!


وكان من الممكن أن يندثر مشروع الكتاب وينساه الناس... ولكن التلميذ النابغة أكمل نصفه الناقص، وراجعه وكتب مقدمته وخاتمته.. 


كل هذا رغم أنه كان يمكنه تناسيه بسهولة بعد هذه السنين، وقد صار التلميذ أشهر من أستاذه، بل لديه مبرر لذلك: أنه بدأ يكتب كتابا موسوعيا مستقلا وموسعا جدا في نفس الموضوع، لكنه لم يقل سأكتب ما يخصني ويوضع عليه اسمي وكفى .. 


وفي خاتمة الكتاب لم يقل
 (كتبت نصفه) رغم أن هذا هو الواقع!
 بل قال (هذا آخر ما كملت به) .. كأنه أتم قطعة صغيرة وليس نصفه ومقدمته وخاتمته ثم مراجعته ونشره! ....

وكان هذا من أدبه وحرصه على تتمة التفسير المختصر المركز النادر في وجازته وأسلوبه وسلاسته، ومن حرصه عدم إهدار ما بدأه معلمه من وسيلة دعوية تعليمية مميزة، فتعلم إجلال طريقة توصيل العلم النافع! 


وكان حين يذكر شيئا عن نفسه مضطرا يقول (أقول ذلك تحدثًا بنعمة الله لا فخرًا، وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيلها في الفخر؟!".) 


ولم تكن ظروفه مثالية، فقد نشأ يتيما ... وحين اشتهر تعرض لأزمات ومطاردة بعضها بسبب مواقفه وبعضها بسوء فهم..

ولم يكن نخبويا ولا سلطويا، بل رفض هدايا السلطة علنا، وألف كتابا في منع التردد على السلاطين! وهذا من تقريع علماء السلطة وتوبيخهم، وتعليم الناس أنه اجتناب إيجابي معلن مسبب، وليس عزلة سلبية ولا كتمانا للحق..

الكتاب هو تفسير الجلالين... والتلميذ هو الإمام جلال الدين السيوطي...
 والأستاذ هو العلامة جلال الدين المحلي...
 وكتاب السيوطي الموسع في نفس الموضوع هو الدر المنثور في التفسير بالمأثور...


رحم الله الجميع وألحقنا بهم مرحومين معانين معافين، وعلمنا من تاريخ رموزنا وومضات ماضي أعلامنا ما ينفعنا، وينير طريقنا، ويبرد قلوبنا، وجنبنا احتقار كنوزنا والاستخفاف بالمعالم وازدراء العلامات الخالدة، والاستواء مع اللقطاء معرفيا في التخبط!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق