الثلاثاء، 24 يوليو 2018

بين العلم و الإيمان 2

بين العلم والإيمان  2..

حين يكتب صحفي كأنه عالم
أو يكتب عالم كأنه صحفي
هنا تجد الفقاعات والضلالات؛ "خلقنا حياة!!" ... مرة بكتيريا ومرة -أنكى وأضل سبيلا- بذكاء صناعي!

في كل مجال تجد مؤمنين ومغضوبا عليهم وضالين... تجد عباقرة وحمقى مقلدين.. تجد منصفين ومغالطين لأغراض شتى...

العقلاء يفهمون جيدا أن التصرفات شبه التلقائية ليست هي الحياة.. وأن تشغيل الوظائف الحيوية ليس هو الحياة... حين يدرك الكائن وجوده وذاته! هنا يكمن الاقتراب من المعنى الحقيقي... فمن أوجده ومن وهبه ذلك المعنى العقلي..

في المخ مثلا تحدث ملايين التفاعلات الكيميائية والاتصالات الكهربية العصبية، كلها متسلسلة ومتسقة في دائرة بالغة الإتقان، يتحول فيها الحيوي إلى فيزيائي..... ويبزغ شعور بالوعي..! بأنك هناك في مكان أو لا مكان.. بأنك خاضع لمرور الزمن.. هذا الضوء من الشعور لا يملكون له تعريفا محددا ولا يفهمونه لكي ينقلوه إلى قطعة قماش الكتروني.. إلى آلة أو إلى ميكروب.

يمكنك الآن أن تحس بنفسك وأن يكون لديك خيال!.. هل تملك هذا لتمنحه؟ هل تعرف أبعاده ومصدره....

مختصوا الذكاء الصناعي يرون أنه في أمور حصرية يتفوق على صانعه وهنا مغالطة! فصانعه هو من ابتكره وركبه ويسيطر عليه و يشغله لغايته في تلك الأمور ، ويمكنه ابتكار أفضل منه، و طبيعي أن يكون محصول قوة العتلة ومحرك السيارة ومعلومات المكتبة ودرجة دقة التحليل الطيفي أمور تتجاوز القدرة السطحية المباشرة  للصانع... كما يتجاوز التلسكوب بصره... لكنه لا يبصر...

الذكاء أعرض من هذا المفهوم الوظيفي الدارج،  فالحاسب لديه قدرات وأدوات، لكنه لا يستقل بها، لأن توظيفها يستلزم شيئا مختلفا عن رصدها. . وإذا وجهته توجه وتنوعت خياراته.. لكنه لا يزال آلة، يفاضل طبقا لخوارزميات خادمة وليس شريكا... تماما
مثل الدمية الآلية تبدو جميلة لكنها ليست ذكية وليست حية...

وماذا عن أفق الذكاء الصناعي؟
في المخ مائة مليار خلية نفهم بعض التفاعلات بينها وبعض الارتباطات حولها،  لكن لم يفهم أحد كيف يعمل المخ حقا... إذا فهمت السؤال ستفهم

هذه المائة ألف مليون خلية هي المتخصصة، ولكل واحدة حوالي عشرة آلاف اتصال باللواتي حولها.. فروع دقيقة لا ترى بالعين المجردة ولا تتصل ببعضها بشكل تلغرافي بسيط بل سلاسل معادلات ورسائل كهروكيميائية  ومستويات ترفع لأعلى منها...

والآن هل تعرف هذا الإحساس عندما يلتمع في نفسك أنك استيقظت صباحا وأنك بدأت يومك... هل ستنال قطعة الحديد هذا الشعور وتقول لنفسها من أنا؟... لقد قمت..
هل ستنتبه بعد أن كانت حية نائمة... أم تراها امتلكت إرادة وذاتا واختيارا...

الخيال العلمي شيء والأساطير البالية شيء... هل الخرافات اليونانية والهندية القديمة كانت خيالا علميا تحقق أم هلوسات..
إذا لم تدرك الفارق بين خيال العلماء الأفقي والرأسي والإبداعي وبين هراء الدهماء فستظل هناك تعبد الأوثان وآلهة الأوليمب المختلقة.

كان أحد علماء ستانفورد دكتور ديفيد ايجلمان يتعجب متسائلا:
هل لديك نظرية-مجرد نظرية-تخبرك ما هو وعيك وكيف تمنحه.. هل لديك معادلة تخبرك عن الشعور بالذوق! أو حتى بالمذاق...

ليس هناك مفهوم لهذا ولا معادلة أو ابتكار يخبرك ما هو طعم الجبن حقيقة، كيف تشعر به في نفسك، تجربتك الذاتية وإحساسك و انطباعك، وما هي الحالة التي تعبر عن رائحة القرفة!

يمكنك تقليد الشكل مثل عرائس اللعب والدمية التقليدية لكن هل لديك حسبة معينة تعبر عن الشعور بالألم أو عن حمرة اللون الأحمر!

لاحظ أننا لم نتجاوز عالم المادة ولا الحيوانات بعد.. ولم نرتق لنموذج تفسيري إنساني.. لكنا نتنزل مع من يعتبرون أنفسهم غددا صماء...

"أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون..."

يتبع إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق