الاثنين، 25 ديسمبر 2017

حول مقولة: رحم الله من أهدى إلي عيوبي .. تقبل النقد


"أَمَّا بَعْدُ اعْقِلُوا وَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ "
تُحِبُّونَ أَنْ تَقُولُوا فَيُحْتَمَلَ لَكُمْ، وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ مِثْلُ الَّذِي قُلْتُمْ غَضِبْتُمْ!"
من كلام أبي عتبة: عباد الخواص.
وقال غيره:
"رحم الله رجلاً أهدى إلىَّ عيوبي، وإذا أهديت إلينا العيوب لا نحرد،
ولا نُبرئ أنفسنا حتى لا نكون معجبين بل نعترف".
قلت:
شتان بين من يشترون النقد ومن يشترون التقدير!
في المجتمع ألوان، تارة تجد من يسألك الصدق في النصيحة لا المجاملة، ويأتمنك حقا على ذلك، ويطلب منك تقويما وتصحيحا،
وتارة تجد من لا يريد سوى تأييدك الأعمى ودعمك غير المشروط وتعاطفك حتى مع الجنايات المتعمدة المتكررة ومع التقصير الواصل للإهمال...
وإذا وصل هذا للأمور الدينية الفقهية أو لمسائل تخدش أصل الإيمان وسبيله تكون كارثة عليكما معا لو جاملته...
ذكرني هذا بصديق مغترب دوما، قال لي مرة: أعمل حاليا في مؤسسة خدمية ما، وقد علمت أنها قامت بشراء شهادات مزورة للجودة...لتعلقها على الجدران! وتنتفع بها بشكل ما، فقد صارت اعتمادات الجودة في بلادهم غرضا لا وسيلة للإتقان.
وتذكرت أني من قبل منذ عشر سنوات كنت أعمل بمؤسسة قامت بعكس هذا تقريبا، مؤسسة في بلد آسيوي تشم منه نسيم أدب الإسلام وأخلاقياته، وقد قامت المؤسسة وقتها بشراء أو بدفع ثمن استشارة إدارية وشهادات فحص لاستخراج الأخطاء والعيوب، واستشارة أخرى مهنية احترافية مكلفة جدا من مكتب خبرة مرموق في مجالها الذي لا يصدق أحد أنه صار علما عميقا!،
وهذه الاستشارة لم تكن مطلوبة منها لجهة ما ولا يمكن تعليق الملف الناتج منها بالسلبيات على الحوائط! ولن تفتخر به بطبيعة الحال، فهي استشارة لاستكشاف أسباب البطء أو ما يمكن القيام به بشكل أفضل للتطوير! ومعها عدد من الاستبيانات والدراسات الأمينة في النقد والجدوى..
أما الأول فيشبه من يدفع للصحفيين ليشكروه ويمتدحوا خطته المستقبلية وموهبته، وهو مجرد فاشل سارق فاسد، لا يفهم شيئا في تخصصه أو منصبه، ولا نية لديه ليفعل شيئا مفيدا أصلا، ومثله مثل من يدفع لشاعر شعبي أو لمغني في فرح للعوام ليمتدحه ويثني عليه ...
وقد وردت روايات متعددة بعضها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعضها عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
" رحم الله من أهدى إلي عيوبي… "
وفي رواية:
"إن أحب الناس إليّ من أهدى إليّ عيوبي."
انظر المناقب لابن الجوزي وسنن الدارمي.
ولا يبعد تكرار هذه العبارات العظيمة فهي كالأمثال وعيون الأدب...
وروى ابن سعد عن سفيان بن عينية قال:
"أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ مَنْ رَفَعَ إِلَيَّ عُيُوبِي".
نسأل الله السلامة والعافية والرشاد وأن يبصرنا بعيوبنا ويرزقنا التواضع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق