الخميس، 31 يناير 2019

كيف نعالج اليأس من التغيير والملل لدي المثقفين

" إنَّ لِينَ الطِّباعِ أورثنَا الذُّ لَّ وأغرَى بِنا الجُناة َ الطَّغاما"
― حافظ إبراهيم"
قال لي: بلادي يحكمها قرد خؤون يرى أنه نبي وأنه بطل وأنه فنان وأنه عبقري وأنه هو الدين
وهو الوطن وهو قاطرة المدنية و...
والنتيجة كما ترى: انحدار حتى في الانحدار.
ومن ثم هناك انكفاء لدى بعض أصحابي.. وحالة يأس لدى بعضهم، بل وقذف بالحجارة لمن يسعى ويجرب ويبذل ويبادر.. ثم سمعت ناصحا يقول:
سنكرر كل يوم أن واجب المسلم هو أنه مسلم..
ولا يستقيم له القنوط ولا السلبية..
وهو مؤمن بقوله تعالى" معذرة إلى ربكم"
مسلم بحق! يعني يدرك أن الأعوام هي مقدمة حياته، وليست هي نهاية الكون ولا مر الزمان أو خاتمة المشهد.. المؤمن يعي موقعه واختباره، ويعي اختياره! ولا مانع من التذكير..
يا أخيا:
ما دمت قد كفرت بالطاغوت فلا تنتظر منه احتراما أو مبارزة فرسان
أو ميدانا نزيها للجماهير..
صراعنا بين الحق والباطل ليس شأنا فكريا فقط.. ولا دائما،
بل هو انحياز عملي لجانب النور، ومحبة دافقة منعكسة على المواقف، وتقاضي للحق كملاذ ومرجعية واجتهاد قدر الوسع!
هناك معاناة
نعم
لأنه ليس نقاشا حرا
بل مفاصلة بين الخير والشر والجمال والقبح والكرم واللؤم والضمير والخسة..
ستقابل الطمع والظلام، لكنك تحمل الضوء والزاد ونفع البشر الدائم والخير الباقي، وبين جنبيك اليقين!
معك الحق الذي يراه عقلك وتراه عيناك، فلو اجتمعوا على أن الماء نار والعور تمام وكمال فقل لا..
ولو اجتمعوا على أن في النار الحياة فقل لا ... لو صيروا الدين لعبة فقل لا
المؤمن الصادق الواعي:
يحب الحق ويبحث عنه كأنه شيء يملكه وضاع منه
لا يستنكف أن يتغير ويصحح ويعتذر
لديه فيض من الشعور بالمسؤولية.
ولديه فيض من الشعور بجدوى المحاولة ووجوبها إعذارا وتسليما.. ووجوب طرق الجدار..
وبكون المطلوب تجديدا لا تجديفا ولا تحريفا..
وحتى النبوات هي تجديد وتذكير بالعهد الأول، وإعادة للقوة والنقاء والصفاء للأصل ليعود جديدا كما كان.. وجدته لا تعنى تكرار تفاصيله كلها، بل ثبات منطلقاته ومقاصده وكلياته ومرجعيته الربانية، مع احترام الضوابط -التي منها الواقع- من حيث القدرة والعجز والنتيجة والذريعة والفروق الفردية و البيئية.. ومنها تفاوت الأفهام .. لكن السمت العام والثوابت أمور خالدة وتربط الجميع عبر العصور.
إذا ننصح وننصح أنفسنا!
مهما كان الثمن
نعم
وإذا لم نفضح الأكاذيب ستتحول لقناعات وربما إلى مرجعيات..
روي عن الصديق رضى الله عنه أنه قال
"إذا فاتك خير فأدركه وإن أدركك فاسبقه."
طبيعة المصطفين الأبرار المخلصين مختلفة
الحياة عندهم ليست تجارة عابرة ولا مجرد "عيشة"!
لا يسايرون الواقع وإن تفهموه في بعض التفاصيل..
فجوهر موقفهم هو عكس المصالح الوقتية الظاهرة
وهكذا كل الأنبياء -صلوات الله عليهم- لو أرادوا الراحة وتجنب المواجهة ما كانوا أنبياء..
أما بعض المواقف التفصيلية التي لا تلغي المنهجية الواضحة فهذه مما أذن به بضوابطه.
ولم تكن الحياة الدنيا لترى شرف الشهادة لو لم يكن هناك من يسير عكس التيار
لو كان كل شيء محسوبا إيثارا للسلامة أو للاستمرار ولو على حساب القيم والأخلاق والمثل والعقائد..
وإذا كانت مرجعيتك جمال الروح فلا تتراجع ولا تسأم، فأعلى مراتب الشرف وعزم الأمور أن تصبر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق