في اللحظة العصيية تتذكر سجلك كله وترجو رحمة مولاك..
لما افترى فرعون لأقصى مداه ووصل البحر ورآه قوم سيدنا موسى عليه السلام، وقالوا (إنا لمدركون) قال نبيهم (كلا إن معي ربي سيهدين) ..
اللفظ القرآني لم يقل سوف ينجيني أو سوف يحفظني، بل قال: سيهدين... ويذكرني هذا الرد - تلميحا وإشارة- إلى تذكيرهم بالاستخلاف الموعود كله، وبأن القصة أطول من المحنة، وأن الموقف مجرد مرحلة ودرج صاعد، وأن المأمول أعظم من مجرد المرور.. أو مجرد العبور الآن بسلام، فلسنا في الكون وحدنا، وبأن وعد الحق حتم مبرم.
بعض المفسرين جعل معناها حرفيا خاصا بالسياق (سيرشدني إلى حل..) ، وهذا فيه فائدة التحفيز للسبب وللسعي والكسب، فقد ينفلق البحر بلا عصا ويسقط الرطب بغير هز النخلة، لكنها سنة الله تعالى.. وهو يقتضي المعنى الأوسع بلا شك.
بعضهم تنبه أولا لأن الحقيقة أنهما قولان، وليسا قولا واحدا، قولان قالهما لتقوية قلوبهم المرتابة، فلو كانوا أقوى إيمانا لكفى أن يقول لهم (إن معي ربي) ...
وأما التعبير الثاني وباختيار لفظ الهداية بدل النجاة فلعله تذكير بأنه منصور بوعد الله تعالى بالاستخلاف للمتقين، وليس بالنجاة فقط، ولهذا قال "كلا" .. يعني هل نسيتم.. هل شككتم.. اطمئنوا تماما، ويذكرني هذا الملمح بوعد النبي صلى الله عليه وسلم لسراقة رضي الله عنه بلبس أساور كسرى ساعة الهجرة.
.. فلعل سيهدين التي تتضمن العناية والرعاية بنصره وتوفيقه سبحانه/تشمل دلالة النجاة ودلالة الحق معا، واللفظ عام عظيم، فلعله يذكر إشارة للأهم، ليشمل الحياة الأولى كلها بكل محطاتها الماضية والقادمة... فاثبتوا واستقيموا يا قوم، ويشمل حتما ما بعدها.. لأنها النبوة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق