الجمعة، 28 ديسمبر 2018

معنى آية ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتهم )

في تأويل هذه الآية الكريمة /

قالوا أن الأمر بالمعروف داخل في قوله تعالى في نفس الآية / إذا اهتديتم.
أي إذا قمتم بواجبكم..لا يضركم ألا يستجيب الخلق..

وقالوا إن حالة الإعراض عن تكرار النصح هي حالة استثنائية في آخر الزمان.. إذا رأيت هوى متبعا وشحا مطاعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه..فعليك بخاصتك وأهلك...

وقالوا إن الضمير للأمة جمعاء...

أي عليكم أمتكم، لا تأسوا فلن تحاسبوا عن خطايا غيركم... أنتم وحدة منفصلون عمن سواكم ، متضامنون متكافلون فيما بينكم . فعليكم أنفسكم . . عليكم أنفسكم فزكوها وطهروها ; وعليكم جماعتكم فالتزموها وراعوها ;  وأنتم أمة متضامنة فيما بينها بعضكم أولياء بعض ،
بينكم   تضامن  واشتراك  في هدف ووسيلة  وتبعة وجزاء .

وبهذا فعلى الأمة المسلمة أن تتضامن فيما بينها ; وأن تتناصح وتتواصى ، وأن تهتدي بهدي الله الذي جعل منها أمة مستقلة

وليس معنى هذا أن تتخلى الأمة المسلمة عن تكاليفها في دعوة الناس كلهم إلى الهدى . والهدى هو دينها هي وشريعتها ونظامها . فإذا هي أقامت نظامها في الأرض بقي عليها أن تدعو الناس كافة ، وأن تحاول هدايتهم ، وبقي عليها أن تباشر القوامة على الناس كافة لتقيم العدل بينهم ; ولتحول بينهم وبين الضلال قدر الوسع.

إن كون الأمة المسلمة مسؤولة عن نفسها أمام الله لا يضيرها من ضل إذا اهتدت ، لا يعني أنها غير محاسبة على التقصير في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما بينها أولا ، ثم في الأرض جميعا . 

وليس الغرض من بيان حدود التبعة في الآية كما فهم بعضهم قديما - وكما يمكن أن يفهم بعضهم حديثا - أن المؤمن الفرد غير مكلف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - إذا اهتدى هو بذاته - ولا أن الأمة المسلمة غير مكلفة إقامة شريعة الله في الأرض - إذا هي اهتدت بذاتها - وضل الناس من حولها .

إن هذه الآية لا تسقط عن الفرد ولا عن الأمة التبعة في  تغيير المنكر.. هذا الذي لا ينفع الفرد ولا ينفع الأمة أن تهتدي وهو قائم برضاها وفي طوقها تبديله.

ولقد روى أصحاب السنن أن أبا بكر - رضي الله عنه - قام فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم . . وإنكم تضعونها على غير موضعها وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الناس إذا رأوا المنكر ، ولا يغيرونه ، يوشك الله عز وجل أن يعمهم بعقابه .

وهكذا صحح الرعيل الأول - رضوان الله عليهم - ما ترامى إلى وهم بعض الناس في زمانهم من هذه الآية الكريمة . ونحن اليوم أحوج إلى هذا التصحيح ، لأن القيام بتكاليف التغيير للمنكر قد صارت أشق . فما أيسر ما يلجأ الضعاف إلى تأويل هذه الآية على النحو الذي يعفيهم من تعب  ومشاق السعي للإصلاح ، ويريحهم من  التكليف  !

وكلا والله ! إن هذا الدين لا يقوم إلا بجهد جهيد . ولا يصلح إلا بعمل دؤوب.

وبعد ذلك - لا قبله - تسقط التبعة..... منقول بتصرف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق