الأربعاء، 26 يناير 2022

بر الوالدين.. تعليق على قصة حول عقوق الوالدين

في دار المسنين ببلد منكوب هناك امرأة ضعيفة، لها أهل - نظريا- تعاني أنهم لا يصلونها... مجرد التواصل بالانترنت يضنون به..
 لا تشكو فقدان البر والرعاية والعناية، هذه فوق الخيال وحلم المنام عندها.
وتتصل بها شابة رائعة لا تعرفها... غريبة متطوعة كفلتها معنويا.. رحمة وشفقة وجمالا....
 أما أبناءها فتمنت أن نعظهم لا أن نعاقبهم أو نبغضهم، ولا ندري حقا ماذا نقول ....
 يا كرام/ صاحبهما معروفا حتى كانا كافرين بالله، ولو جاهداك لتكون مشركا! وليس على دنياك .. فما بالك هناك وأمك هنا... ثم كيف لا ترد التحية بسخاء، ولا تشرق عليها ولو بالسلام وصباح الخير مرة في اليوم! ولا ترجو لنفسك ولها جمعة مباركة مرة في الأسبوع مثلا ، ولا تنظر صحتها بالكلام الهين اللين، ولا تتابعها بحالك لتهدأ بلابلها...

المعروف والمحبة والعفو فطرة نقية راقية، الإحسان لهما حتى لو كانا محاربين على الشرك! وليسا حسيرين فانيين.
وما تقدمه أنت قد تلقاه أو تلقى مثله، أو تحرم بسببه البركة لاحقا.
وما تعطيه خير لك أنت، ويرتقي بجمالك داخليا، ويسكب سكينة في روحك، ويدخر لك نجاة وصبرا ورضا وتيسيرا... وليس تبرعا ولا ثمنا بل هي تزكية نفسك وقلبك وبدنك وما رزقت، وهي طهارة روحك..

الحساب عند الله تعالى لو كنت معذورا بحق لا بانتحال وتلفيق وتبرير افتراء وتصنع عجز عن توافه الجهود...


ولو كنت متعمدا ساخطا لشيء تظنه كان منهما، ولست منسحقا أو مبتلى بمعوق فراجع منطقك..
 أجمع الحكماء أنه في الأصل لا أحد يحب المرء أكثر من والديه.. مهما اتسعت الدنيا أو ضاقت..فهما من يريدانه جميلا هانئا قرير العين لذاته..
 وري زهرتهما وهما يحبان له التوفيق لنفسه ربما هو ما يبقيه في عافية بعفو ربه، لأنه يحاسب على بذله تجاههما كما يحاسب على صلاته ودعائم الدين والأوامر، وراجع قصص عاقبة البر وعاقبة العقوق لتعلم أن الله تعالى ناظر لهذا الأمر قبل كثير غيره، وهو شأن جليل لا يقبل فيه تعليل ومعاذير كغيره ...

 وعامة أي تغير تظنه أنت عن موقفهما منك يوما ما ينبغي ألا يغيرك عليهما شرعا وعقلا، وألا يجعلك ناقما،

فقط أد ما عليك. فالحساب ليس موكولا إليك.
 ولن تظلم مثقال ذرة ..
وغالبا يكون التغير المظنون عابرا أو مغلوطا أو سطحيا .. وعلى كل حال : ليس مسوغا وإن صح، وليس لكل هذا أثر فيما ينبغي على العاقل أن يكونه هو .. فسلوكياتك تكونك وتصنعك! وليست مجرد هوامش، بل مصيرك يتكون بمصابرتك لنفسك وما حولك..
 البر أكبر بكثير.. والحق أعلى بكثير... والمعروف أعظم بكثير من هذا الوضع الذي لن يدوم.. وقد تراه فرصة راحلة يوما ما. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق