الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

رأيت عبر عشرات السنين..

رأيت عبر عشرات السنين..
*من تورط بظلم رأيته بعيني يتمزق مزقا
بعدها، ولا كرامة.
وشتان.. بين وجعه ونظرته لنفسه ونظرة
عقلاء القوم له، وبين وجع وشعور ونور من ابتلي من أهل الخير بشيء مقارب ...
*رأيت من احترق ماله الحرام وقد بدا وجهه مسودا عليه غبرة،
وبدا عاره عبرة..
وقد رآه من سرقهم! ممن لهم
حقوق عنده، وهو يتحسر على ما نهبه منهم، فتعجبوا من عاقبة الحرام،
فلا هو تمتع به شيئا يذكر، ولا هو أداه لهم، لكيلا
يحاسب عنه يوم القيامة فيندم أشد الندم،
ولا هو عوفي من حسرته وألم فقده في الدنيا ...
*كان الأمر يستغرق في الحالات المختارة بعض الوقت فقط..الحلم
الرباني العظيم، والإمهال العلوي الرحيم الحكيم، لعل القلوب تتوب والنفوس تؤوب..
*كانت العبرة بالغة وعميقة..
وكان الحق يظهر دامغا لامعا ساطعا..
*من كان يريد الهداية والتوبة دون اشتراط قيض الله تعالى له
سبيلا للعلم النافع، وفتح له بابا للرشاد والسداد، ولترك التحريف
والتبديل والتضليل، خلافا لمن زاغ وخادع مولاه، ولمن كان نوره يضيء وينطفئ
كمنافقي المدينة..
*من امتحن فصبر تعلم بالأيام والأحوال والأحداث معنى "رب ضارة نافعة.."
بل معنى قوله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.."
*فلا يوجد شيء لا يتعوض يوم القيامة في الآخرة..
بينما لا شيء يعوض عن حسرة يوم القيامة..
كل ألم منسي مجبور ومبدل لسرور، إن كنت مكتوبا
من السعداء في جنات النعيم، ناظرا لوجه الله الكريم..
*المسكوت عنه يلحق بالمنطوق، فإذا فهمت من موقف مر بك أن الله
تعالى لا يقدر شيئا عبثا، ولا شرا مطلقا من كل وجه ومآل،
وأنه تعالى لم يخلقك سدى، ولم يفعل بك ولا لك شيئا لغير حكمة أو بغير حق..
*فإذا تعلمت من الخضر عليه السلام ومن حياتك! العبر،
فلا يلزم أن تعلم كل التفاصيل في المواقف الأخرى..
ولا تطلبن أن ينكشف لك الحجاب عند كل لغز وألم وهم ...
لا تطلب أن تتعلم مجانا ولا أن نعيش العدم، فجلال الحق والإيمان
أثمن من كل شيء عابر آخر مما تعدون..
آمن وادفع مقدما..وما تدفعه هو من عند الله..
فأنت رابح بإذن الله..
"وما كان الله ليطلعكم على الغيب.."
*هو العبد المستبصر..
إذا أراه الله تعالى العبر ليتأدب
وليرضى ويتهذب أفاد نفسه مما رأى
* والتأديب هنا نعمة ومنحة، لا هو محنة ولا هو عقوبة..
فالتأديب لفظ جيد،
وليس لفظا سيئ السمعة متصلا فقط بالقسوة، كما علمنا بعضهم..
أما القوارع فهي بطشة صغرى..
كم رأينا من كان خائنا يخفي خبيئة شر ويلبس ثوب الشرف والدين زورا،
رأيناه وقد افتضح شر فضيحة، وقد صار أضحوكة وأمثولة للمبصرين،
نعم ..المبصرون ممن لم تعمهم ذنوبهم ورغباتهم وتقديمهم
بين يدي الله تعالى وبين يدي رسوله صلى الله عليه وسلم،
المبصرون ممن لم تصم آذانهم علائقهم وانحيازاتهم
أو حسدهم ونكايتهم
* فليس الأمر بالمعرفة البحتة وحدها، بل هو بالتواضع والإخلاص والخضوع والتسليم أولا ..
فقليل من العلم يكفيك وينجيك مع سلامة الفطرة وفعل ما بوسعك مما أمرت به...
كم من مدلس مدع كذاب قد افتضح وعوقب بعكس مقصوده!
فردا كان أو كيانا..
*كان هذا كله كافيا، لمن كان له قلب، ولمن ألقى السمع شاهدا،
شاهدا واعيا
لا لاهيا
ولا ساهيا
ولا مغرضا صاحب هوى يمنعه من التجرد للإخلاص وللحقيقة...
*قلت لصاحبي:
كم مرة رأينا ما كنا نقرأ عنه وما كان الحكماء يحكونه لنا..
هذه التجربة وذاك الدرس علمانا الكثير مثل كل مرة
عندما كنت يافعا كنت أقرأ وأستمع إلى قصص واقعية عجيبة
عن تحقق وعد الله عز وجل
والآن بعد هذه التجارب فقد عشنا معا هذه الحقائق،
فكم من مرة شهدنا روايات حقيقية عن الإشارات الربانية لتثبيت المؤمنين
وخزي الكافرين..

*يرى المؤمنون كل حين نماذج من عدل الله عز وجل،
ومواقف تثبت هيمنة المقادير
فوق الأسباب والتدابير...
*كم رأينا من بذل وسعه ثم تدخل القضاء العلوي لينصفه رغم ضعفه،
وليريه ما يزيد يقينه وقربه..
رغم أنه بالمقاييس المادية ضعيف ..لكن المحسوسات محكومة لا حاكمة..
*كم من مرة رأينا أمثلة ورسالات ربانية، كلها آيات وإنذارات وبشارات للجميع
.. كلها حجج وبراهين وعينات للمتوسمين، اجتماعيا وسياسيا وميدانيا.. في الآفاق وفي أنفسنا، على المستوى الفردي والجماعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق