الاثنين، 10 أغسطس 2009

أدب السجون ذكرى أخرى


وأذكر الأن شخصا كان يصنع الأقلام المزخرفة بالخيوط، وهذا بعد أن سمحوا بدخول الأقلام..وهذه نعمة عظيمة عظيمة... اه..
كان يلف الخيوط بطريقة عبقرية على القلم، فيصبح مغلفا جميلا مزدانا، ومكتوبا عليه ما تطلب منه
مقابل مبلغ زهيد، يطعم منه زوجته وابنه بالخارج
وهو في الداخل منذ سنوات وبدون تهمة، لا حقيقية ولا ملفقة
أولا
سألته من علمك
قال نحن اخترعناها منذ سنوات، وكنا نلف الخيط حول المحقن الذي نجده ملقى على أرض المشفى
ونكتب عليه كلمة لزوجاتنا أو أطفالنا اليتم..
ثم صيرناها حرفة نبيع للموسرين منا، لنطعم أسرنا التي تتسول في الخارج
والأن صرنا نلفه على الأقلام
واشتريت منه مجموعة قيمة-اقترضت ثمنها في الزيارة من أفراد عائلتي- عليها أبيات شعر لي ولغيري
ثم لما تصادقنا أكثر بعد عدة أشهر
علمت أنه هو نفسه
ولد في الداخل! منذ 26 سنة
حين أخذوا أمه وأبيه بأي تهمة كانت من شعائر الإسلام
وكانت حاملا ثم أطلق سراحها بعد الولادة بأشهر...
لو قواني الله وذكرت بفضله سبحانه
سأضع صورة لقلم منها، فهي أعجوبة فنية، ولها عبق يحسه من أدرك أين صنعت، وكم ساعة تستغرقها هذه الصنعة، وكذلك الكلمات..
وأحد هؤلاء
أقسم بالله أنه كان مهندسا في فرع نادر جدا!
وكان يجلس يخيط الخرز حول القلم كذلك، وتجهد عينه وكل عضلات جسمه ليبيع القلم أو الزخرفة! لينفق على بنيه الثلاثة..

وذات مرة طلب أحدهم بيتا لي
وددت لو كان السمر
أنا وأنت والقمر
واستأذنني أن يغير فيه لأنه سيرسله لزوجتيه
فقال
أضع: أنا وأنتما والقمر...

والثاني كان يكشف عندي وطلب مزج شطر بيت مع شطر بيت من قصيدة الشوق القلق
أذكر الأول
أين المياه زهور الحب قد ظمأت..
ولا أذكر أي شطر ءاخر أراده لزوجته التي مكث معها أسبوعا! ثم جيء به..

وظللنا أسابيع ...أنا أرفض مازحا، وأهلي يلحون في القبول تعاطفا معها وأنه قلم لن ينتشر كثيرا بل مع زوجته فقط " حقوق الملكية الفكرية والأدبية محترمة "
وعاهدني فوافقت في جو باسم حقا، ولما علم صانع الأقلام بموافقتي صنع القلم ..

..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق